«روان هى اللى قتلت اخواتها» عبارة مفزعة ترددت عبر جنبات القرية الهادئة لتزيح الستار عن مفاجأة صادمة غيرت سياق الحادث الذى روع الجميع وأرعبهم، وكان قد خطط ليبدو حادث سطو من قبل مجهولين مسلحين انتهى دون مقاومة بجريمة قتل لصغيرتين فى عمر الزهور. ولكن التحريات التى أمر بها اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام والمواجهات جاءت لتكشف عن الحقيقة المروعة، وتقلب الأمور رأسا على عقب، ويتأكد باعتراف القاتلة الصغيرة شقيقة الضحيتين أنها هى من ارتكبت الجريمة فى لحظة غادرة بعد أن استبدت بها حالة الغضب وعصفت بكل ما تلقيناه وشببنا عليه من معانى الاخوة والمودة فى لحظة ضعف إنسانية دفع ثمنها أبوان مكلومان بعد فقدهما اثنتين من بناتهما. هى شابة لم تتجاوز السابعة عشرة عاما، مراهقة مازالت بعد صغيرة لكنها ارتكبت الجريمة - دون نية مسبقة -عن غير عمد أو إصرار ولسبب تافه لا يمكن أن يكون كافيا أو مقنعا للإقدام على جريمة ازهاق روح طفلتين لا حيلة لهما، لتجد أول جريمة قتل فى التاريخ. ترى ما الذى فتح لديها أبواب الشر هل نوازع حقد وضغينة خافية أو رواسب عداء مختزنة دفعت بها لهذا الجنوح والتطرف فى المشاعر والسلوك؟ كانت المراهقة القاتلة تتشاجر مع شقيقتيها بين الحين والآخر، لكن أحدا لم يتوقع أن يصل بها الحال لتلك الجريمة البشعة - هكذا تحدث أهالى النخاس تلك البلدة الصغيرة بمركز الزقازيق، مستطردين ؛ «اخوات كتير ممكن يتخانقوا ويزعلوا وخصوصا إنها الكبيرة يعنى ممكن لعب العيال يضايقها ويستفزها ويوصلها انها تضربهم مثلا لكن تتهور وتفكر تقتلهم حاجة عمرها ما خطرت ببال حد». لقد علمت اختاها بمعرفتها بأحد الشباب يدرس معها بنفس المرحلة وتقاربهما بعدما شاهداهما يقفان سويا ..فكانت الشرارة التى أشعلت بداخلها نيران الغضب والانتقام التى وصلت حد القتل، فعلاقة كتلك حتى لو كانت عابرة مازالت أمرا مرفوضا بريف مصر المعروف بعاداته وتقاليده وآدابه وبرغم تهديدها لهن فانهن لم يرتدعا بل ازدادتا فى كيدهن مصرين على ابلاغ والديهن، ولخوفها من علم والدها، ولأنها لم تتعلم قواعد الحب والاحتواء فان العند لديها هى الأخرى بلغ مداه وبدلا من تهدئة الامور والكف عن تهديدهما أمعنت فى ذلك وقامت بجلب السكين لترهيبهما وعندما وجدت من الصغيرتين ما يشعرها بتوقفهما والتراجع عن موقفهما وبث الطمأنينة فى قلبها اندفعت تروعهما أكثر وأكثر ولم تدر الا والسكين تنغرس فى عنقيهما وجسديهما قبل أن تخرا على الأرض ويتفتق ذهنها عن الحيلة الماكرة للهروب من فعلتها. وكان اللواء جرير مصطفى مساعد وزير الداخلية ومدير امن الشرقية قد تلقى بلاغا بالعثور على طفلتين فى بداية العقد الثانى من عمرهما مصابتين بجروح طعنية بالرقبة وأنحاء الجسم وأن الأولى لفظت أنفاسها متأثرة بجراحها فيما ترقد الثانية فى حالة خطيرة بمستشفى القنايات حيث أكدت الشقيقة الكبرى للضحيتين ( 17عاما) أن مجهولين ملثمين اقتحموا المنزل فى غياب الأبوين لسرقته وأنهم حاولوا الاجهاز على شقيقتيها والتخلص منهن جميعا بعدما فوجئوا بوجودهن بالمنزل لكنها تمكنت من الهرب للزراعات والاستغاثة بالأهالى فى محاولة لإنقاذهما ورغم هروع الشرطة لموقع الحادث فانها لم تجد اثرا للصوص. ولكن ارادة السماء كتبت للطفلة الثانية النجاة لتكشف كذب ادعاء شقيقتها وأنها هى مرتكبة الحادث على اثر مشادة وقعت بين ثلاثتهن هددت خلالها الشقيقتان شقيقتهما الكبرى بفضح علاقتها بأحد الشباب أمام والديهن فاستشاطت الأخيرة غضبا وأصيبت بحالة هيستيرية لتستل سكين المطبخ وتطعن شقيقتيها بمختلف أنحاء جسديهما للتخلص منهما خشية فضح سرها . وبمواجهة المتهمة بأقوال شقيقتها انهارت واعترفت وكشفت عن أنها هى من بعثرت محتويات المنزل للايحاء بوجود جريمة سرقة ثم قامت بالإستيلاء على مبلغ مالى كان والدها يتركه بالمنزل وأخفته أعلى الدولاب لتزعم سرقته وأن مجهولين اقتحموا المنزل وقتلوا شقيقتيها لإبعاد التهمة عنها وقد تم اخطار اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن بالحادث، وقررت النيابة باشراف عبد السلام عابدين مدير نيابة مركز الزقازيق دفن جثة الطفلة وحبس المتهمة على ذمة التحقيق، فيما ينزاح الستار عن شرخ عميق فى جدار الأسرة ما ينذر بأن العلاقات الأسرية فى خطر.