توصل باحثون فى مجال التغذية والتمثيل الغذائى إلى نتائج جديدة تضيف المزيد إلى الأدلة العلمية المتوافرة حاليا عن احتمال الاستفادة من الصوم فى محاربة البدانة وإنقاص الوزن، وتجنب المشكلات الصحية المرتبطة بحالة السمنة. فمن الممكن كما يذكر الباحثون بزيادة تناول أنواع معينة من البروتينات حماية للجسم من الدخول فى حالة تسمى «متلازمة التمثيل الغذائي» وهى حالة مرضية معروفة تصاحب حالة السمنة يحدث خلالها زيادة فى مستويات دهون الدم والسكر وضغط الدم وتشحم الكبد مع زيادة محيط الوسط إلى أكثر من 105 سم عند الرجال و95سم عند النساء. ويكمن مفتاح تأثير الصوم فى توقيت الصوم وطول فتراته. ويؤكد الباحثون أن الصوم بداية من وقت الفجر إلى غروب الشمس لمدة ثلاثين يوما يمكن أن تساعد زائدى الوزن فى علاج الأمراض المختلفة المرتبطة بمتلازمة التمثيل الغذائى وزيادة الوزن. وقد حظيت الفوائد الصحية للصوم باهتمام كبير من العلماء فى السنوات القليلة الماضية، حتى إن الكثير من الناس، حتى من غير المسلمين، بدأوا يمارسون الصوم ليس لأغراض دينية بالطبع، من أجل فقد أو خسارة الوزن، وتحسين نواتج التمثيل الغذائي. وتقترح بعض الدراسات أن تقييد كميات الطعام التى يتناولها الانسان - كما فى حالة الصوم ينشط عملية التمثيل الغذائى بصورة تفوق ما كان يعتقده الباحثون، حيث ظهرت بعض الفوائد للصوم أيضا فى مكافحة الشيخوخة. وتوضح نتائج بعض الدراسات الحديثة أيضا أن الصوم قد يحسن من صحة القنوات الهضمية والأمعاء، ويقوى من النظام اليومى بشكل يحسن من الصحة العامة للانسان. وتضيف الأبحاث الجديدة المزيد على الأدلة المتاحة مع التركيز بصورة أكبر على فوائد نوع معين من الصوم بالنسبة للحالات المرضية المرتبطة بالبدانة والسمنة المفرطة. وكان فريق من الباحثين تحت إشراف د. أيسى ليلا مينديكوجلو أستاذة الأمراض الباطنة بكلية بايلور للطب بجامعة هيوستون قد استخدموا ممارسة العادة الروحية للصوم الإسلامى طوال شهر رمضان فى دراسة فوائد الصوم يوميا بداية من الفجر إلى غروب الشمس. وتوصل الباحثون إلى أن ممارسة هذا النوع من الصيام لمدة ثلاثين يوما أدى إلى رفع مستويات بعض البروتينات التى يمكن أن تحسن من حالة مقاومة الجسم للأنسولين وتبعد شبح التأثيرات السلبية المعاكسة للوجبات الغذائية الغنية بالدهون والسكر. وقد قدمت د. مينديكوجلو وفريقها هذه النتائج للمناقشة فى مؤتمر أسبوع أمراض الجهاز الهضمى الذى عقد أخيرا بمدينة سان دييجو بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة. وخلال هذه الدراسة، قامت د. مينديكوجلو بدراسة 14 فردا من الأصحاء الذين صاموا لمدة 15 ساعة يوميا طوال شهر رمضان بداية من الفجر إلى غروب الشمس. ولم يلجأ الصائمون خلال ساعات الصوم لتناول أى نوع من الطعام أو الشراب، وقام الباحثون قبل بداية ساعات الصوم بأخذ عينات دم من المشاركين فى الدراسة، كما قاموا بإجراء اختبار دم للمشاركين فى الدراسة فى نهاية شهر الصوم، ومرة أخرى بعد أسبوع من نهاية شهر الصوم. وكشفت نتائج تحليل عينات الدم عن ارتفاع مستويات أنواع معينة من البروتينات بالدم تسمى «تروبومايوسين3،1، 4»، والتى تعرف جيدا بدورها فى تنظيم انقباضات العضلات الهيكلية وعمل القلب. بجانب دورها أيضا فى صيانة صحة الخلايا المهمة فى عملية مقاومة الجسم للأنسولين وإصلاحها إذا ما تعرضت لأى تلف، حيث يلعب دورا مهما فى تحسين حساسية الجسم تجاه الأنسولين، مما يعنى سيطرة أفضل على سكر الدم وضبطه فى حدوده الطبيعية. وكشفت الدراسة الجديدة عن أن مستويات النواتج الجينية للبروتينات المذكورة قد زادت بصورة واضحة بين بداية أيام الدراسة ونهاية الأسبوع التالى لشهر الصوم. وتعلق الباحثة على هذه النتائج بقولها إن التغذية والصيام يمكن أن يؤثرا بدرجة هائلة فى كيفية صناعة الجسم لهذه البروتينات واستخدامها بطريقة تقلل من مقاومته للأنسولين، وهكذا تساعد الجسم فى الحفاظ على الوزن الصحى المناسب. ومن هنا يعد توقيت الصوم وطول ساعاته من العوامل المهمة التى يجب أن تؤخذ فى الحسبان عند استخدام البعض الصوم كطريقة فعاله لإنقاص الوزن وعلاج المشكلات المرتبطة بالبدانة.