مع كل حكومة إسرائيلية جديدة، تعودنا على متابعة أصوات زاعقة ومستفزة تتنافس على التطرف والمزايدات وقضم حقوق الفلسطينيين. لكن ما سيحدث مع حكومة نيتانياهو الخامسة ربما يكون الأسوأ على الإطلاق بالنظر إلى المناخ السائد بإسرائيل والظروف الدولية المنحازة لها. هذا الأسوأ متوقع بسبب التركيبة الأيديولوجية والدينية لأحزاب الائتلاف اليمينى الجديد، لكن الجزء الأهم فيه يعود لنيتانياهو، الذى يعتقد أن الوقت حان لخريطة جديدة ترسمها إسرائيل فقط. وإذا كان المفكر الأمريكى فوكوياما قد إدعى فى كتاب صدر عام 1992، أنه بانتصار الليبرالية الديموقراطية وهزيمة الشيوعية انتهى التاريخ كما نعرفه، فإن نيتانياهو، يتصور واهما أن هناك حاليا نهاية للتاريخ فى الشرق الأوسط بانتصار نهائى لإسرائيل وهزيمة العرب والفلسطينيين. خطوات زعيم الليكود مؤخرا تقود إلى هذا الاستنتاج, فقد نجح فى تمرير قانون الدولة الأمة، الذى يجعل إسرائيل دولة الشعب اليهودى فقط، بما يعنى أنها أصبحت رسميا دولة عنصرية، كما يرى المفكر الإسرائيلى آفى شلايم. وهو أيضا يرفض مجرد الحديث عن الدولة الفلسطينية ويعتزم ضم مستوطنات الضفة وربما ضم الضفة نفسها. نيتانياهو, حسب شلايم، هو النسخة الأكثر تطرفا فى تاريخ اليمين الإسرائيلى متفوقا على جابوتنسكي، مؤسس اليمين. ويقول، فى مقال بالنيويورك تايمز: فلسفة جابوتنسكى كانت بناء قوة عسكرية تجبر العرب على قبول وجود إسرائيل من خلال التفاوض، أما نيتانياهو، فلا يعترف أساسا بالتفاوض. ويضيف: جابوتنسكى سيتقلب فى قبره إذا علم بما يفعله نيتانياهو. فلسفة نيتانياهو أن القوة تفرض شروطها والمنتصر دائما على حق، وأن ما كانت إسرائيل مضطرة له من قبل انتهى الآن، فالرئيس ترامب أعطاه شيكا على بياض، والاعتراف بسيادة إسرائيل على القدس والجولان مجرد البداية، أما صفقة القرن فهى الختم الأمريكى على وثيقة الانتصار النهائى لإسرائيل. المشكلة فى نهاية التاريخ تلك، أن النظرية الأصلية سقطت، وتراجع عنها صاحبها، لأن مكر التاريخ أقوي، وبالتأكيد لن يكون ما يعتقده نيتانياهو أفضل حالا، فالأيام دول، أو كما قال الشاعر العظيم محمود سامى البارودي: وكل دور إذا ما تم ينقلب. [email protected] لمزيد من مقالات عبدالله عبد السلام