رافينيا: الفوز على بايرن ميونيخ يعتبر انتقاما ولكن    أخبار الأهلي: شوبير يكشف طريقة لعب الأهلي أمام الزمالك وورقة كولر الرابحة في نهائي السوبر    أخبار الأهلي: شوبير يكشف عن تشكيل الأهلي والزمالك بنهائي كأس السوبر.. مفاجآت بالجملة    هالاند يسجل أغرب هدف قد تشاهده فى تاريخ دوري أبطال أوروبا    مدبولي: ندعم الخطوات الرامية لإبراز الخصائص الطبيعية الفريدة بمصر وتعزيز قيمتها الاقتصادية    محافظ المنيا: مبادرة «بداية» هدفها الاستثمار في العنصر البشري    شركة مدينة مصر توقع عقد شراكة لتطوير مشروع عمراني سكني متكامل في هليوبوليس الجديدة مع شركة زهراء المعادي للاستثمار والتعمير    خبير: وقف إطلاق النار بغزة ولبنان أهم رسائل السيسي بقمة "«بريكس»    96 مليون يورو مساعدات من ألمانيا ل«لبنان»    أبو الغيط يعزى وزير خارحية تركيا فى ضحايا الهجوم الإرهابى بأنقرة    مسئولون فلسطينيون: استشهاد 16 شخصا في غارة إسرائيلية على مدرسة تأوي نازحين    ردّا على إرسال جنود كوريين شماليين لروسيا.. سيول تهدد بتسليم أسلحة لأوكرانيا    أستاذ علوم سياسية: هناك مشروع إسرائيلي يستهدف تغيير بنية الإقليم ووضع قواعد جديدة    3 أندية تفاوضه.. ماركوس راشفورد يطلب الرحيل من مان يونايتد    نظر طعن بطلان انتخابات نقابة المحامين.. 27 أكتوبر    بداية جديدة.. كفر الشيخ تطلق مهرجاناً لتنس الطاولة احتفالاً بانتصارات أكتوبر|صور    ايباروشية هولندا تحتفل بذكرى تأسيس أول كنيسة    إعلان الحيد المرجاني المصري العظيم كمحمية طبيعية    الأهلي يعود إلى القاهرة في هذا الموعد    خبر في الجول - شكوك حول لحاق داري بمواجهة العين بعد تأكد غيابه أمام الزمالك    ضبط قضايا إتجار غير مشروع في النقد الأجنبي ب 11 مليون جنيه    عيب دي بنت منطقتك.. كواليس مق.تل شاب وسط الشارع بسبب معاكسة فتاة بالعمرانية    وزارة الداخلية تشترط التقديم لموسم الحج المقبل بجهة واحدة    إجراء كويتي عاجل بحق المقيمين لديها    قبل حفل الافتتاح بساعات.. 3 مشاهد لا تفوتك في مهرجان الجونة السينمائي    5 أبراج يحب رجالها الطبخ وتحضير أشهى الأكلات    برغم القانون.. وغياب اللهجة البورسعيدية    مصادر طبية فلسطينية: 29 شهيدًا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    القناة الناقلة لافتتاح الدورة السابعة من مهرجان الجونة    «المهندسين» تشكل لجانا لبحث أزمة هدم قبة مستولدة محمد علي بمقابر الإمام الشافعي    «الصحة»: مصر سيكون لها دور كبير باليوم التالي لحرب غزة لبدء الإعمار    عملية قسطرة قلبية تنقذ حياة مريض بجلطة حادة في مستشفى منوف    "سبت جوزي عشانه". حكاية علاقة الشيخ أشرف و "المنتقبة" تنتهي بمأساة    القنوات الناقلة لمباراة نيس وفرينكفاروزي في الدوري الأوروبي    أسعار الأسمنت اليوم الخميس 24-10-2024 في محافظة البحيرة    مباحثات موسعة بين وزيرة التخطيط والتعاون ورئيس مجموعة البنك الدولي حول سبل التعاون    الإسكان توضح للمواطنين مراحل تنقية مياه الشرب.. ونصائح لتوفير وترشيد الاستهلاك    خبير موارد مائية يكشف إمكانية عودة مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا في البريكس    بداخلها ألماظ ودهب وفلوس.. ضبط عاطل سرق خزنة شقة بالتجمع    بعد تداول منشور وتحقيقات سريعة.. الأمن يكشف لغز اقتحام 5 شقق في مايو    ضبط عامل بالفيوم لقيامه بإدارة ورشة لتصنيع الألعاب النارية والإتجار فيها    مدير تعليم القاهرة يوجه بضرورة تسجيل الغياب أولًا بأول    موعد عرض Arabs Got Talent الموسم السابع 2024 والقنوات الناقلة    مصر والأمم المتحدة: أسس راسخة في الماضى.. ورؤية ثاقبة نحو المستقبل    تعرف على طاقم تحكيم مباراة الأهلي والزمالك    التأمين الصحي بالقليوبية يحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بمستشفى بنها النموذجي    مستشار بصندوق الأمم المتحدة للسكان: شيخوخة السكان مستمرة بوصفها ظاهرة عالمية    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت الحوفيين ضمن مبادرة "بداية".. صور    تكليف 350 معلمًا للعمل كمديري مدارس بالمحافظات    القوات المسلحة تحتفل بتخريج دفعات جديدة من المعاهد الصحية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 في المنيا    ساعات على حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية.. من يحييه؟    هل يجوز الكذب عند الضرورة وهل له كفارة؟.. أمين الإفتاء يوضح    بدائل الشبكة الذهب للمقبلين على الزواج.. خيارات مشروعة لتيسير الزواج    ألمانيا تزيد شحنات الأسلحة إلى إسرائيل لتتجاوز التقديرات السابقة    خالد الجندى: سيدنا النبى كان يضع التدابير الاحترازية لأى قضية    محافظ الإسماعيلية ورئيس هيئة قناة السويس يشهدان احتفالية ذكرى انتصارات أكتوبر    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ وطن أم مذكرات رموز
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 04 - 2019

مازلنا حتى الآن نتعامل مع تاريخ ثورة يوليو بحساسية شديدة والسبب فى ذلك تلك الانقسامات التى نعانيها تجاه الرموز والأشخاص والأحداث. إن القضية الأساسية أننا نفتقد القدرة على أن نتعامل مع التاريخ بقدر من التجرد والموضوعية.. وحين كتبت أخيراً عن ضرورة أن نتعامل مع تاريخنا بقدر من الشفافية تصور البعض أن ذلك هجوم على ثورة يوليو ورموزها خاصة زعيمها الراحل جمال عبد الناصر.. والحقيقة انه من الخطأ أن نحمل شخص جمال عبد الناصر سلبيات ثورة يوليو خاصة أن هناك رموزا أخرى شاركت وهناك فترات تاريخية تجاوزت سنوات حكم عبد الناصر وقبل هذا فإن مسيرة الأحداث كانت غامضة بحيث أصبح من الصعب أن نقول أن الأخطاء مسئولية من وهل يعقل أن يسند كل شىء لعبد الناصر
اننى أتحدث عن تاريخ وطن وليس تاريخ رموز أو أشخاص والشىء المؤسف أننا اختصرنا مصر بكل تاريخها فى عدد من الرموز وهذا خطأ فادح حتى لو كان دور هذه الرموز شيئا غير عادى لأن الأوطان هى الابقى والأشخاص مهما علا قدرهم فهم مجرد سطور فى تاريخ الوطن..
وهناك أمثلة كثيرة
فى جلستين مختلفتين مع السيد زكريا محيى الدين وحسين الشافعى سألت عن قرار اعتقال الرئيس محمد نجيب وأدان كل منهما بمنتهى الصراحة والوضوح ما حدث مع محمد نجيب وانه لم يكن يستحق كل ما حدث معه من تجاوزات وأخطاء.. حدث هذا رغم أن كليهما محيى الدين والشافعى كانا فى السلطة حين أطاحت الثورة بواحد من أهم رموزها ليقضى حياته فى بيت ردىء فى المرج .. إن عزل محمد نجيب والتنكيل به قصة غير معروفة الهوية أو الأسباب وحتى حين كتب الرجل مذكراته بقى السر الأكبر بعيدا عن عزل نجيب .. هل هو عبد الناصر شخصيا أم مجلس قيادة الثورة وكان حتى ذلك الوقت بكامل هيئته..
هناك أحداث أخرى يحيط بها الغموض مثل قرار ترقية المشير عبد الحكيم عامر ليصبح قائدا للجيش متجاوزا كل الرتب الأخرى ضاربا عرض الحائط بكل تقاليد العسكرية المصرية العريقة.. إن جميع المذكرات التى كتبت من رموز الثورة تؤكد أن ترقية عبد الحكيم عامر كانت قرارا فرديا من الزعيم جمال عبد الناصر رغم اعتراض أعضاء مجلس قيادة الثورة فى ذلك الوقت وكانت أول شرخ فى مسيرة الضباط الأحرار..
هناك أيضا قرارات غامضة مثل تحديد ملكية الأراضي الزراعية بمائة فدان وهل وافق الثوار على ذلك أم كان أيضا قرارا فرديا والشيء الغريب أن جميع وثائق اجتماعات مجلس قيادة الثورة وما دار فيها غير معروفة حتى الآن وهل اختفت أم ضاعت أم تم التخلص منها وهى التى تكشف حقيقة ما كان يدور من مناقشات وخلافات وآراء حول قرارات مصيرية صدرت فى ذلك الوقت..
هناك أيضا ما حدث من مواجهات عاصفة أدت إلى إبعاد بعض رموز الثورة كما حدث مع زكريا محيى الدين وعبد اللطيف البغدادي وكان لهما نفوذ رهيب وقبل ذلك كله كان اعتقال محمد نجيب وتحديد إقامته فى المرج..
فى الوقت الذى تخلصت فيه الثورة من بعض رموزها ظهرت رموز أخرى لا يستطيع احد أن ينكر أدوارها وتأثيرها مثل الأستاذ هيكل وقد ظل مرافقا للزعيم الراحل حتى آخر لحظات حياته .. إن دور الأستاذ هيكل تجاوز بكثير معظم ادوار أعضاء مجلس قيادة الثورة من الضباط الأحرار .. ولا يمكن أيضا أن نتجاهل دور على صبرى فى فترة تسلل فيها اليسار إلى مواقع كثيرة فى السلطة خاصة دوائر الإعلام..
إن السؤال الأخطر هنا هل كان عبد الناصر مسئولا بشخصه عن قرارات مثل التأميم أو التمصير أو المصادرة أم أن هذه كانت قرارات جماعية من رموز الثورة أم أن هناك أطرافا أخرى غامضة كانت وراء ذلك.. لقد شهدت مصر عمليات واسعة فى التأميم والمصادرة وكانت هناك لجان تخصصت فى ذلك من أهمها لجنة تصفية الإقطاع وكان يرأسها المشير عبد الحكيم عامر وكانت لها تجاوزات خطيرة فى الاستيلاء على الاراضي والاعتداء على ممتلكات الناس..
إن من اخطر معالجات مثل هذه القرارات إنها لم تكن معروفة المصدر وهل كانت إجراءات فردية من الزعيم الراحل شخصيا أم أن هناك أيادى أخرى وراء ذلك..
مازالت هناك خلافات كثيرة حول عشرات بل مئات القرارات الغامضة التى لا احد يعرف خلفيات صدورها خاصة إنها تركت آثارا سيئة على مسيرة الثورة ورموزها.. لقد اختلف الناس حول ايجابيات كثيرة مثل بناء السد العالى وما دار حوله من ملابسات ومعارك.. واختلفوا أيضا حول قرار تأميم قناة السويس وهل كان مجرد لحظة درامية عاطفية دون حسابات للنتائج.. واختلفوا أيضا حول مشاركة مصر بجيشها فى حرب اليمن وإرسال قوات عسكرية إلى الكونغو وكل ما ترتب على ذلك من آثار سلبية.. إن جميع هذه الأحداث غير معروفة الهوية من كان وراءها ومن قررها ومن يتحمل مسئولياتها تاريخيا..
لقد وقف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يوم 9 يونيو 1967 بعد الهزيمة العسكرية مباشرة وأعلن مسئوليته عن كل ما حدث رغم أن هناك من كان يؤكد أن قرار الحرب يتحمل مسئوليته المشير عبد الحكيم عامر وقادة الجيش ومازال السر غامضا بل إن وفاة عبد الحكيم عامر المفاجأة مازالت حتى الآن تطرح تساؤلات كثيرة عن أسباب رحيله وهل مات منتحرا أم أن الأمور تجاوزت هذا الحد وان الرجل مات فى عملية اغتيال كاملة..
إن أهم الأحداث التاريخية فى ثورة يوليو لا أحد يؤكد من كان وراءها وهل يتحمل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مسئولية كل هذه الأحداث.. إن نكسة 1967 وحدها تمثل لحظة تاريخية ثقيلة بكل المقاييس وكانت نهاية مرحلة كاملة واختفت فيها رموز وأصوات وبقى السر غامضا من يتحمل مسئولية الهزيمة فى 1967 هل هى القيادات أم الزعيم أم أطراف أخرى لا احد يعلمها لقد سمعت الأستاذ هيكل يوما وهو يؤكد أن عبد الناصر لم يمت فى عام 70 ولكنه مات فى67 وان شرعية ثورة يوليو انتهت مع النكسة..
إن هذا الغموض الذى أحاط بالأحداث الكبرى التى عاشها المصريون مع ثورة يوليو جعل كتابة التاريخ مهمة صعبة بل مستحيلة .. إننا أمام أحداث بلا وثائق وبلا أشخاص وبلا تحديد للمسئولية والأدوار لقد ظهر السيد زكريا محيى الدين فجأة فى خطاب تنحى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر رغم أن السيد زكريا محيى الدين أكد لى انه علم بتوليه رئاسة الجمهورية من الخطاب ولم يتحدث معه احد فى ذلك.. مازالت أحداث 5يونيه وتمثل لغزا وسرا غامضا رغم إنها كانت وستبقى من اخطر واهم الإحداث فى تاريخ مصر الحديث..
إن تاريخ ثورة يوليو ليس مسئولية جمال عبد الناصر الإنسان إذا كنا نريد الأمانة والموضوعية ولكن علينا أولا أن نحدد مسئولية الأدوار والأشخاص والنتائج..
لقد ظلت نكسة 67 هى الأساس الثابت فى إدانة ثورة يوليو وزعيمها ولكننا لا نعلم كل ما أحاط بالحدث من الملابسات والأسباب.. وإذا كان عبد الناصر يتحمل مسئولية كل هذه القرارات فقد جاءت بعده فترات حكم أخرى لم يكتبها احد..
إن كل الوثائق غائبة وكل القرارات كانت بلا هوية وهناك ثلاثون عاما كلها أسرار غامضة .. كما أن ما دار فى حرب أكتوبر لم يكتبه احد باستثناء مذكرات الفريق الجمسى وسعد الشاذلى وبعض القيادات العسكرية ولكن جميع الملابسات السياسية والمفاوضات بين كل الأطراف بقيت لدى أصحابها ولم يفصح عنها احد رغم انها كانت تمهيدا لأهم واخطر الأحداث بعد ذلك وهى السلام مع إسرائيل..
إن ابسط الأشياء أمام غياب الحقائق والوثائق أن الغموض الذى أحاط بالأحداث والأدوار والأشخاص ألقى كل المسئولية على شخص واحد هو الزعيم الراحل جمال عبد الناصر رغم أن الرجل لا ينبغى أن يتحمل مسئولية كل شىء ابتداء بالنكسة والهزيمة وانتهاء بمفاوضات السلام مع إسرائيل.. إن الأمانة تقتضى أن تنسب الأدوار إلى أصحابها ولن يكون ذلك إلا بالكشف عن حقيقة الأحداث وهى مهمة صعبة للغاية أمام تاريخ تشوهت كل ملامحه وأحداثه
إن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان مسئولا عن فترة حكمه وليس مسئولا عن كل ما حدث فى ثورة يوليو وقد تجاوزت ستين عاما وإذا كان ولا بد من الحساب علينا أولا أن تكشف الدولة عن كل ما لديها من الحقائق والأسرار وأن يجلس بعض عقلاء وحكماء هذا الوطن ويناقشوا ما جاء فى هذا الكم الرهيب من المذكرات التى كتبها عدد من رموز الثورة وكل واحد حاول تبرئة نفسه ولكن الحقيقة ينبغى أن تكون هى الأساس.. إن عبد الناصر لا يتحمل وحده كل أخطاء الثورة ومن الأمانة أن نسجل تاريخا حقيقيا يحدد المسئوليات والأدوار..
لقد كنت أتحدث عن تاريخ وطن وشعب والأوطان اكبر من أبنائها حتى لو كانوا شركاء فى صنع التاريخ.. وحين نتحدث عن تاريخ ثورة يوليو وما يحيط به من الغموض فليس فى ذلك إدانة لأحد ولكنه محاولة للكشف عن الحقيقة

ويبقى الشعر

وحين نظرتُ فى عينيكِ..
لاح الجرحُ..والأشواقُ والذكرى
تعانقْنا..تعاتْبنا
وثار الشوقُ فى الأعماق ِ..
شلالا ً تفجر فى جوانحنا
فأصبح شوقُنَا نهرا
زمانٌ ضاع من يدنا..
ولم نعرف له أثرا
تباعدْنا..تشردْنا
فلم نعرف لنا زمنًا
ولم نعرف لنا وطنا
تُرى ما بالُنا نبكى؟
وطيفُ القُربِ يجمعنا
وما يُبكيكِ..يُبكينى
وما يُضنيكِ..يُضنينى
تحسستُ الجراحَ..رأيت جُرحًا
بقلبكِ عاش من زمن ٍ بعيدْ
وآخرَ فى عيونكِ ظل يُدمى
يُلطّخ وجنتيْكِ..ولا يريدْ
وأثقل ما يراه المرءُ جُرحًا
يعلُّ عليه..فى أيام عيدْ
وجُرحك كلَّ يوم ٍ كان يصحو
ويكبرُ ثم يكبرُ..فى ضلوعى
دماءُ الجرح ِ تصرخ بين أعماقى
وتنزفها..دموعى
لأنكِ عشتِ فى دَمِنا..ولن ننساكِ
رغمَ البعدِ..كنتِ أنيسَ وَحدتنا
وكنتِ زمانَ عفِّتنا
وأعيادًا تجددُ فى ليالى الحزن ِ..فرحَتَنا
ونهرًا من ظلال ِالغيبِ يَروينا..يُطهِّرنا
وكنت شموخَ قامَتنا
نسيناكِ!
وكيف..وأنتِ رغم البعدِ كنتِ غرامَنَا الأولْ؟
وكنتِ العشقَ فى زمن..نسينا فيه
طعمَ الحب..والأشواق..والنجوَى
وكنتِ الأمنَ حين نصيرُ أغرابًا..بلا مأوى؟!
وحينَ نظرتُ فى عينيكِ..
عاد اللحنُ فى سمعى
يذكّرنى..يحاصرنى ..ويسألنى
يجيب سؤالَه..دمعى
تذكرنا أغانينَا
وقد عاشت على الطُّرقاتِ مصلوبهْ
تذكرنا أمانينَا
وقد سقطت مع الأيام ِ..مغلوبهْ
تلاقْينا..وكل الناس قد عرفوا حكايتنا
وكل الأرض قد فرحت..بعودتِنَا
ولكن بيننا جُرحٌ..
فهذا الجرحُ فى عينيكِ شىء لا تُداريهْ
وجُرحى..آهِ من جُرحى
قضيْتُ العمرَ يؤلمنى..وأخفيهْ
تعالىْ..بيننا شوق طويلٌ ..
تعالىْ..كى ألملمَ فيكِ بعضى
أسافرُ ما أردتُ وفيك قبرى. .
ولا أرضَى بأرض ٍ..غير أرضى
وحين نظرتُ فى عينيكِ
صاحت بيننا القدسُ
تعاتبنا..وتسألنا
ويصرخ خلفنا الأمسُ
هنا حلم نسيناهُ
وعهدُ عاش فى دمنا..طوَيْناهُ
وأحزانٌ..وأيتامٌ..وركبٌ ضاع مَرساهُ
ألا والله ما بِعناكِ يا قدسُ..
فلا سقطت مآذنُنا
ولا انحرفت أمانينا
ولا ضاقت عزائمُنا..
ولا بخِلت أيادينا
فنارُ الجرح ِ تجمعنا..
وثوبُ اليأس ِ..يُشقينا
ولن ننساكِ يا قدسُ
ستجمعنا صلاة ُالفجر فى صدركْ
وقرآنٌ تبسَّم فى سنا ثغركْ
وقد ننسى أمانينا..
وقد ننسى..مُحبِّينا
وقد ننسى طلوع َ الشمس ِ فى غدِنَا
وقد ننسى غروبَ الحلم من يدنا
ولن ننسى مآذننا..
ستجمعُنا..دماءٌ قد سكَبناها
وأحلامٌ حلمناها..
وأمجادٌ كتبناها
وأيامٌ أضعناها
ويجمعنا..ويجمعنا..ويجمعنا.
ولن ننساكِ..لن ننساكِ..يا قدسُ.

[email protected]
«قصيدة لأنك عشت فى دمنا سنة 1983»

لمزيد من مقالات يكتبها فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.