رئيس جامعة عين شمس يشهد رفع وتحية العلم خلال مهرجان استقبال العام الجامعي    الهيئة القومية لضمان جودة التعليم تعتمد عددًا من البرامج الأكاديمية بجامعة كفر الشيخ    «مستقبل غامض».. هل تؤثر أحداث لبنان على أسعار الذهب عالميا؟    محافظ سوهاج يتابع استمرار فعاليات المبادرة الرئاسية «بداية»    العراق يعلن الحداد 3 أيام على مقتل نصر الله    حسن نصر الله | من هو زعيم حزب الله التي اغتالته إسرائيل؟    الزمالك يحسم مصير ناصر منسي بعد الفوز بالسوبر الأفريقي    محافظ المنيا: ضبط 183 مخالفة في حملات تموينية على المخابز والأسواق    «وكيل صحة الشرقية» يطمئن على الحالات المصابة ب«النزلات المعوية»    نتيجة المدينة الجامعية جامعة الأزهر 2025.. الرابط والموعد وخطوات الاستعلام    في ذكرى رحيله.. معلومات تعرفها لأول مرة عن عبدالناصر    بسبب أحداث لبنان.. أيمن زيدان يعتذر عن تكريم الإسكندرية السينمائي    الحزن يسيطر على إسماعيل فرغلي أثناء تشييع جنازة زوجته    زوج شيماء سيف يهنئها بفوز الزمالك: "أنتِ وش السعد"    توقعات مواليد برج الميزان.. اعرف حظك وأبشر بانفراجة    دفاع طليقة سعد الصغير يقدم فيديوهات تثبت جريمته بتهمة السب والقذف    رئيس «الرعاية الصحية» يلتقي الرئيس المؤسس لمجموعة أكيوميد ACCUMED العالمية    بالصور- رئيس الوزراء يتفقد أعمال تطوير مطار سانت كاترين الدولي    جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية على رأس اهتمامات مبادرة «ابدأ»    شبورة كثيفة ونشاط رياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا    أبرزها تجاوز السرعة.. تحرير 26 ألف مخالفة مرورية متنوعة في يوم واحد    رئيس الوزراء يوجه بضغط البرنامج الزمنى لتنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" بسانت كاترين    ننشر حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العامة في ميناء دمياط    الحوار الوطني يواصل تلقي المقترحات والتصورات بشأن قضية الدعم    قرارات جمهورية مهمة خلال ساعات    رئيس جامعة بنها: مصر محاطة ب كُرة من اللهب    "قالوا عليا مجنون".. مالك وادي دجلة يعلق على مباراة السوبر الأفريقي    رئيس الوزراء يزور منطقة وادي الدير بمدينة سانت كاترين    ما حكم كشف قَدَم المرأة في الصلاة؟.. تعرف على رأي الإفتاء    وزير الدفاع يشهد تنفيذ مشروع تكتيكي بالذخيرة الحية بالجيش الثالث الميداني    القاهرة الإخبارية: نتنياهو وافق على اغتيال حسن نصر الله قبل كلمته بالأمم المتحدة    الإسكان تكشف الاستعدادات فصل الشتاء بالمدن الجديدة    إحالة شخصين للجنايات بتهمة خطف فتاة لطلب فدية بالمطرية    زراعة الشرقية: التصدى لأى حالة تعد على الأرض الزراعية    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة إلى 41586 شهيدا و96210 مصابين    «الفريق يحتاج ضبط وربط».. رسالة نارية من نبيل الحلفاوي لإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر الأفريقي    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    وزير الشباب والرياضة يفتتح أعمال تطوير الملعب الخماسي بمركز شباب «أحمد عرابى» في الزقازيق    مرض السكري: أسبابه، أنواعه، وعلاجه    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    أول قرار من كولر تجاه لاعبي الأهلي بعد العودة من السعودية    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    وكيل صحة البحيرة يزور مركز طب الأسرة بالنجاح| صور    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا بالستيا جديدا أُطلق من لبنان    «الزراعة»: مصر لديها إمكانيات طبية وبشرية للقضاء على مرض السعار    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    "لا تقلل من قوته".. لاعب الزمالك الأسبق يحتفل بالتتويج بكأس السوبر الأفريقي    وزير خارجية الصين يشيد بدور مصر المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي    «الداخلية» تحرر 508 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وتسحب 1341 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    توافد العشرات على ضريح عبد الناصر فى ذكرى رحيله ال 54    أوستن: لا علم للولايات المتحدة بيما يجري بالضاحية الجنوبية لبيروت    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    أول رد فعل من حزب الله بعد استهداف مقر القيادة المركزية للحزب    "ظهور محتمل لمحمد عبدالمنعم".. مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل«القرن الحادى والعشرين» (276) ترياق الإرهاب فى العصر السَيْبرى
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 04 - 2019

إذا اتسم الإرهاب بالجماهيرية فيلزم أن يكون الترياق جماهيرياً. والمقصود بالجماهيرية هنا هو رجل الشارع. ومن هنا يلزم تناول الجماهيرية ورجل الشارع فى آن واحد. وهذا هو ما قام به الفيلسوف الإسبانى أورتيجا إى جاسيت فى كتابه المعنون «تمرد الجماهير»، حيث ارتأى أن رجل الشارع هو أهم ظاهرة فى هذا الزمان. ثم تساءل باستخفاف: من أنتج هذا الرجل الذى يتحكم اليوم فى الحياة العامة؟ ويجيب بأن الذى أنتجه هو القرن التاسع عشر وذلك بسبب النزعة التكنولوجية، وهى نزعة ثورية لأنها تؤسس لنظام جديد يبرز فيه رجل الشارع المتميز بخاصتين: التمدد الحر لشهواته الحيوية مع احتقاره لكل مَنْ أبرزه. ومن هنا قيل عنه إنه طفل مدلل. ومن هنا أيضاً قيل عنه إنه عدو الثورة العلمية والتكنولوجية. وبناء عليه فإن الرعب تولد من هذا الرجل. والمفارقة هنا أن هذا الرعب كان قد تولد بعد إعدام سقراط إذ هرب تلميذه أفلاطون من أثينا. والسؤال بعد ذلك: هل فى الإمكان إزالة ذلك الرعب؟ أو فى صياغة أخري: هل فى الإمكان إزالته فى العصر السيبري؟ ونجيب بسؤال:ماذا يعنى العصر السيبري؟
فى البداية أجيب بسؤال: ماذا يعنى لفظ عصر؟ إن هذا اللفظ مردود إلى تقسيم الحضارة الإنسانية إلى عصور متباينة ولكنها تشترك فى غاية واحدة وهى الانتقال من الفكر الأسطورى إلى الفكر العقلانى فى سياق التقدم. ثم قيل عن هذا التقدم إنه تكنولوجى غايته إقصاء الأسطورة واستدعاء العقل.
إلا أن عملية الإقصاء لم تكن بالأمر الميسور إذ كانت محفوفة بالمخاطر التى واجهها كبار الفلاسفة والعلماء الذين تميزوا بالجرأة فى إعمال العقل، وفى الجرأة فى القول بأن العقل الانسانى ليس فى مقدوره قنص المطلق ومن ثم الاكتفاء بما هو نسبي. ومن هنا جاء تعريفى للعلمانية بأنها التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق، فى مقابل نقيضها وهو الأصولية التى تعنى التفكير فى النسبى بما هو مطلق وليس بما هو نسبي.
ومن هنا أصبحت الأصولية فرعاً من الدوجماطيقية التى تعنى توهم العقل أنه قادر على قنص المطلق. وقد ظل هذا الوهم قائماً فى عقل الجماهير ثم استغلته الأنظمة الديكتاتورية فى منع الجماهير من التفاعل مع العلمانية، ثم ازداد قوة فى هذا العصر السيبري. والسيبرى هنا مشتق من لفظ سيبرنطيقا، وهذا اللفظ بدوره مشتق من لفظ يونانى معناه ربان السفينة، أى الحاكم. وقد صك مصطلح السيبرنطيقا عالم الرياضة الأمريكى نوربرت وينر. وبفضل هذا العلم تمت صناعة الكمبيوتر. إلا أن هذا العلم قد دلل على أن الحتمية المستندة إلى مبدأ العلية هى فى موضع شك، ومن ثم أصبح مبدأ اليقين فى موضع شك.
وكان مبدأ اللايقين هو البديل، وهو يعنى طغيان الاحتمال، ومن ثم لم يعد من حقك القول: إنه من المؤكد, إنما من حقك القول: إنه من المحتمل, على أن تكون على وعى بأن هذا المحتمل يقاس بدرجة ما يحدثه من نتوء فى مسار أى ظاهرة. وفى هذا السياق يلزم تغيير مفهومنا عن الزمان لأن الحتمية مستندة إلى مبدأ العلية الذى يعنى أن لكل معلول علة، أى يعنى أن كل ما يحدث فى المستقبل هو تكرار لما حدث فى الماضي، ومن هنا قيل لا جديد تحت الشمس.
أما وقد انهارت الحتمية ومعها العلية فقد أصبحنا فى انتظار الجديد. وإذا كان الجديد يعادل الإبداع، فالإبداع إذن هو سمة العصر السيبري، وهذه السمة بدورها هى القاتلة لجرثومة الدوجماطيقية.
إلا أن رجل الشارع فى هذا العصر السيبرى ليس قادراً على المشاركة فى قتل هذه الجرثومة، ومن ثم فإنه يظل محكوماً بالدوجماطيقية وبالتالى يكون مدعماً لظاهرة الأصولية الدينية بحيث تصبح هذه الظاهرة جماهيرية. وهذا هو الوضع القائم فكيف يمكن استدعاء وضع قادم يسمح بإقصاء الوضع القائم؟ ونجيب بسؤال: ما سمة هذا الوضع القادم؟ يلزم أن يكون بداية عصر تنوير ثانٍ بعد عصر التنوير الأول الذى كان مخصصاً للنخبة. إلا أن هذا التخصيص يلزم تجاوزه بحكم جماهيرية العصر السيبري.
ومن هنا يكون التنوير الثانى أمراً لازماً لكى يدخل رجل الشارع فى علاقة عضوية معه. إلا أن هذا الدخول لن يكون بالأمر الميسور. وهذا ما أكده فرويد فى كتابه المعنون «سيكولوجيا الجماعة وتحليل الأنا» حيث حلل سلوك الجماهير وسلوك الزعيم فارتأى أن من شروط بزوغ الزعيم أن تكون القيم مهزوزة وأن يكون المجتمع فى حالة فوضي، ومن ثم يتم استدعاء الزعيم ويكون من خصائصه اعتقاده أنه على يقين مما يقوله ويفعله، وبالتالى يكون اعتقاده أنه مالك للحقيقة المطلقة.
أما الجماهير فيشترط أن يكون لديها الوهم بأن الزعيم يحبها ويعاملها بعدالة. وفى هذا السياق ارتأت الفيلسوفة اليهودية هنَا أرندت فى كتابها المعنون «أصل الشمولية» أن ستالين كان قد اصطنع تأسيس مجتمع جماهيرى لكى يكون أساساً لنظامه الديكتاتورى الذى كان مؤلفاً من حاكم مسلح بإرهاب مطلق وجماهير مستسلمة لذلك الإرهاب وليس بينهما أى وسيط.
ومع شيوع القنوات الفضائية فى العصر السيبرى ومع غياب التنوير الثانى يكون من الميسور اعتناق الجماهير لمكونات الأصولية أيا كانت ملتها الدينية، وبالتالى يكون من الميسور أن تكون إرهابية. ومع ذلك فأظن أن ثمة ترياقاً قاتلاً للإرهاب يتجسد الآن فى عصر الرئيس عبد الفتاح السيسي.
فالجماهير هى التى استدعته لكى يكون رئيساً لمصر، وهو بدوره دخل فى علاقة معها فى سياق التنوير الثانى ولكن من غير إعلان.
لمزيد من مقالات د. مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.