من بين أهم عناوين الحكم الرشيد في الديمقراطيات الحديثة والآخذة في النمو العنوان المتعلق بمدي القدرة علي ملاحقة الفساد بشقيه الظاهر والمستتر.. فالفساد الظاهر يمكن رصده في أشكال عديدة تتعلق بالذمم المالية والسلوك الأخلاقي والاستخدام السيئ للسلطة بينما الفساد المستتر يتمثل في إحداث الفتن داخل المجتمع عن طريق الدس والوقيعة وإثارة النعرات بين الطوائف والمذاهب والأعراق! والحقيقة أن البشرية لم تعرف علي طول تاريخها مجتمعا يخلو تماما من الفساد ولكن كلما كان نظام الحكم رشيدا ومستنيرا كلما تضاعفت الجدية في ملاحقة وضرب أوكار الفساد وتجفيف منابعه ومطاردته بكل عنف وقوة باستخدام قوة القانون وهيبة السلطة تحت مظلة الضمير الشعبي الذي يتصدي لأية محاولات تستهدف التستر علي الفساد أو إطفاء مصابيح الضوء التي تكشف مخابئه ودهاليزه. ولعل أهم معايير الحكم الرشيد هي تلك المتعلقة بضمانات حرية الصحافة لتمكينها من أداء دورها في تعرية الفساد وكشف التجاوزات من خلال تقوية قبضة المجتمع ومؤسساته المدنية لتكون عينا يقظة في كل مراحل تعقب الفساد ومطاردته بتوفير الأدلة التي تشكل الأركان القانونية السليمة للجرائم المرتكبة وبما لا يمكن المفسدين من إيجاد الثغرات التي تمكنهم من الإفلات! أتحدث عن صحافة رشيدة تمثل أهم ركائز الحكم الرشيد عندما يلتزم أهل المهنة بكل أدوات الدقة والموضوعية وهي أدوات تتطلب حرية تداول المعلومات وإدراك أنظمة الحكم أن هذه الحرية المعلوماتية مهما تكن التحفظات بشأنها فإنها توفر أفضل وسيلة لتوفير الشفافية والمصداقية اللتين تمثلان اللبنة الأولي في اكتساب الثقة داخليا وخارجيا واستحقاق مسمي الحكم الرشيد! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: عندما تكمم الأفواه تتحرك الأيدي! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله