الأعلى للتعليم يوافق على إطلاق حملة توعية بحقوق الطلاب ذوي الإعاقة    محافظ البحيرة تتابع سير العمل بمجمع المواقف وتؤكد على الإلتزام بالتعريفة الجديدة    وزيرة البيئة تبحث مع نظيرها الأوزباكستاني تعزيز التعاون المشترك    رئيس مصلحة الضرائب: وضع نظام ضريبي للممولين الذين لا يتجاوز رقم أعمالهم السنوي 15 مليون جنيه متضمنا كافة الأوعية الضريبية    وفاة يحيى راشد وزير السياحة الأسبق    قبل انتخابات أمريكا 2024| «مدفيديف»: كلمات ترامب حول الحرب الروسية الأوكرانية «مهمة»    الرئيس السيسي: البريكس تكتل اقتصادي بارز يسهم في زيادة النمو العالمي    الخارجية اللبنانية تستدعي القائم بأعمال السفارة الإيرانية    الاحتلال يشدد اجراءاته القمعية بالبلدة القديمة ومداخل الخليل بالضفة الغربية    «ميقاتي» يطلب استدعاء القائم بأعمال السفارة الإيرانية في بيروت    اتحاد جدة يستبعد دانيلو بيريرا من حساباته أمام القادسية غدا    كولر يجتمع مع الجهاز المعاون لمناقشة الاستعدادات لمواجهة سيراميكا كليوباترا بالسوبر المصري    صدام ناري بين ليفربول وتشيلسي.. واليونايتد يخشى برينتفورد    كاميرات وعلامات إرشادية..الطريق البديل بعد الغلق الكلى لنفق محمد نجيب أسفل الأوسطي    رجل وزوجته ينصبان على مواطنين برعم تسفيرهم للخارج    محاولة سرقة تنتهي بمق.تل طالب بسوهاج    وفاة الشاعر أحمد علي موسى.. "تملي معاك" أشهر أعماله    الأمم المتحدة: 345 ألفا سيواجهون جوعا كارثيا هذا الشتاء في غزة بعد تراجع المساعدات    بداية جديدة تطرق أبواب المحافظات .. الثقافة تختتم فعاليات المرحلة الخامسة لمشروع "المواجهة والتجوال"    في ذكرى رحيله.. محطات مهمة في حياة الأديب جمال الغيطاني    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    جامعة المنيا تنظم قافله طبية بقرية بلهاسا ضمن المبادرة الرئاسية "بداية جديدة "    تعاون بين معهد تيودور بلهارس وجامعة كيوشو اليابانية    قرار جمهوري هام ورسائل قوية للمصريين تتصدر نشاط السيسي الأسبوعي    قافلة دعوية مشتركة بمساجد رفح والشيخ زويد    تشكيل أهلي جدة المتوقع لمواجهة الخليج.. إيفان توني يقود الهجوم    انقلاب تريلا محملة «زلط» على إقليمي المنوفية (صور)    بعد زيادة البنزين والسولار.. توجيهات وزارية بمتابعة انتظام العمل في محطات الوقود    تطورات إصابة طارق حامد وموعد عودته إلى الملاعب    مجدي بدران: الدولة تسعى لتحرير وعلاج أجساد المصريين من الأمراض    ثروت سويلم: تم تغليظ العقوبات في اللائحة الجديدة للدوري    وكيل تموين الشرقية يترأس حملات على محطات الوقود    أسعار الحديد اليوم الجمعة 18-10-2024 في الأسواق    إزالة 23 حالة تعد بالبناء المخالف على أراضي زراعية بالمنيا    في أعقاب تهديدات حزب الله.. هل حيفا على وشك أن تواجه مصير كريات شمونة؟    يورتشيش يُعلن قائمة بيراميدز في السوبر المصري    طقس غير مستقر اليوم: أمطار على السواحل الشمالية وتفاوت في درجات الحرارة    النيابة تستند لكاميرات المراقبة في ضبط لص المساكن بمدينة بدر    وزير الصحة والسكان يؤكد أهمية تقييم التكنولوجيا الطبية في تعزيز الوضع الصحي    ننشر تفاصيل المجلس الأعلى لشئون التعليم والطلاب للجامعات    التضامن: 40 ألف طالب جامعي شاركوا بحملة الهلال الأحمر المصري RED WEEK    أسرة روج أسود تنهى 60٪ من أحداثه    تعرف على استعدادات الفرق المشاركة في بطولة كأس السوبر المصري    وزير الخارجية الإسرائيلي: جوتيريش شخصية غير مرغوب بها    المعمل الجنائي: لا إصابات في حريق شقة سكنية بفيصل    ترتيب الدوري الألماني قبل مباريات اليوم الجمعة    قفزة جنونية في أسعار البصل بالأسواق، والسبب صادم    "مال أبونا لا يذهب للغريب".. دار الإفتاء تكشف حكم الشرع في هذه المقولة    اليوم.. تامر عاشور يحيي حفل غنائي بمهرجان الموسيقى العربية    أسعار الذهب اليوم 18-10-2024 في مصر.. كم يسجل عيار 21؟    بعد قرار «التنظيم والإدارة»| تفاصيل جديدة بشأن ترقيات 2024 للموظفين وزيادة الأجور    لا يسخر قوم من قوم.. تعرف على موضوع خطبة الجمعة اليوم مكتوبة    شيرين عبدالوهاب ترد على معجب طلب يدها للزواج .. ماذا قالت؟    اليوم، إطلاق 6 قوافل طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية    أزهري: الزواج الشفهي بدون ورقة أو مأذون حلال    لولو بتحب مها.. محمود شاهين يكشف سبب بكاء إلهام صفي الدين بحفل زفافه    نشرة التوك شو| تصفية السنوار وأصداء الافتتاح التجريبي للمتحف المصري الكبير    محافظ الإسماعيلية يشهد احتفال العيد القومي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدبنا المصرى الوسيط.. متى نلتفت إليه؟

لاخلاف على أن الإرث المصرى الأدبى الوسيط وتحديدًا منذ دخول الفاطميين إلى مصر فى منتصف القرن الرابع الهجرى سنة 358 ه الموافق 969 م، بل وقبله منذ عهدى الدولتين الطولونية والإخشيدية فى القرن الثالث الهجرى، وامتدادًا إلى نهاية دولة المماليك، والتى سقطت فى منتصف القرن العاشر الهجرى سنة 922 ه فى أيدى العثمانيين، فى حاجة ماسة فى وقتنا الراهن لإعادة النظر فيه والالتفات إليه، والتنقيب عنه، وقراءته من زاوية تفسيرية ونقدية وتحليلية معاصرة، خاصة أنه إرث يمثل فى واقع الأمر سجلا ذهبيًا نادرًا تجلى فى عشرات الدواوين الشعرية والرسائل النثرية والخطابات المتبادلة بين سلاطين الدولة المصرية فى الداخل والخارج، كتبها أبرز أدباء مصر فى تلك الفترة ، كثير منها للأسف لم يحقق، ولم يكن موضع بحث من الأصل، وموجودا بعضها فى دار الكتب والمخطوطات المصرية من غير تحقيق، وهو تراث يعكس بحق طابع الشخصية المصرية فى تكوينها وخصوصيتها وفطرتها الإبداعية فى فترة هى الأخطر فى تاريخ البشرية، باعتبار أن هذا الأدب المصرى الوسيط امتد قرابة خمسة قرون كاملة، شهدت فيها المنطقة، وليس مصر وحدها، أحلك فترات التاريخ وأعقدها، بداية من حروب الصليبيين فى القرن السادس الهجرى فى عهد دولة بنى أيوب، مرورًا بحروب التتار والمغول فى القرن السابع الهجرى فى العصر المملوكى الأول، ومحاولة الصليبيين العودة إلى المشهد من جديد فى القرن نفسه، ووصولا إلى الفتن الداخلية والتى دفعت رواق الحكم المملوكى لأن يسقط فى أيدى من أطفأوا سحابات النور فى بلادنا، ونقصد بهم العثمانيين الغازين، الذين أوقفوا عجلة التاريخ من الدوران فى مصر وفى المنطقة قاطبة، وطووا صفحة الأدب تمامًا كما تطوى السجلات والكتب. إن هذه الفترة الخطيرة من تاريخ مصر القديم، وإن حظيت بمئات الدراسات التاريخية والسياسية والحربية، إلا أنها من وجهتى الأدب والنقد مازالت لا تلقى العناية الكافية، ولا الدراسات الواعية التى تؤصل لها، ولطبيعة حركتها وفنونها ومدارسها، خاصة أنها الفترة التى شهدت ظهور ما يمكننا أن نسميه المدرسة المصرية فى الأدب واللغة والفكر الموسوعى والمعجمي، وهى المدرسة التى ارتبطت بما أنجبته مصر وحدها من عشرات الأسماء من كبار رموز الأدب العربى، ومن عاشوا فيها آنذاك من طراز القاضى الفاضل وبهاء الدين زهير وظافر الحداد وابن النبيه وتميم بن المعز وابن نباتة المصرى، وابن قلاقس والشاب الظريف وابن مطروح والبوصيرى وغيرهم العشرات والعشرات، هذا إلى جوار شعراء الفكاهة والتندر أمثال ابن مكنسة وابن دانيال وعامر الأنبوطي، وشعراء الصوفية الكبار: عفيف الدين التلمسانى وابن الفارض والبكرى والكيزانى والقونوى، والشعراء الشعبيون أمثال إبراهيم المعمار والغبارى وابن سودون، وكتاب النثر الكبار القاضى الفاضل وابن مماتى وابن فضل الله العمرى وابن عبد الظاهر وابن مكانس والصفدي، وكُتاب فن المقامات والسير: القلقشندى والسيوطى والشهاب الخفاجي، وغيرهم العشرات والعشرات الذين نقلوا لنا - من قبل أى مبدع معاصر- السيرة الهلالية وسيرعنترة والزير سالم والظاهر بيبرس وسيرة سيف بن ذى يزن وألف ليلة وليلة، وكتبوا جزءًا منها بالفصحي، وأجزاءً باللهجة العامية المصرية، وكان يُتغنى بها حتى مطلع القرن العشرين فى المقاهى المصرية على ألسنة عازفى الربابة والمنشدين المصريين.
وحينما نقول إن مصر بما أنجبته من مبدعى زمانها وفنانيها فى فترتها الوسيطة «الفاطمية، الأيوبية، المملوكية» أسست لمدرستها الأدبية، والمعروفة سلفا باسم «مدرسة مصر الإسلامية»، فإننا نقصد المدرسة التى خطت لنفسها خطا واضحًا وفارقا بدا بجلاء فى موضوعات شعر تلك الفترة وفى نثرها، وفى المنهج الفنى الذى اتبعه شعراؤها، وفى أدواتهم الفنية التى وظفوها لخدمة ذلك المنهج، وهو منهج تمثل لديهم كبوتقة انصهرت فيها خلاصة المدارس الشعرية والأدبية السابقة فى العصورالأولي، وامتزجت بالروح المصرية الفريدة والمتميزة بطابعها الخاص، المتولد من طبيعة الكيان المصرى نفسه المرتبط بأرضه والمعتز بها وبكينونته، وبواقع انتمائه إلى تراب هذا الوطن المقدس.
وهى نفسها المدرسة التى شهدت فى سياق الأدب - بفضل نباهة أبنائها - انتقال أبرز الفنون إلينا، كفنون الموشحات والأزجال والدوبيت وغيرها من الأندلس إلى مصر، على يد المبدع المصرى الكبير الشاعر ابن سناء الملك «550 ه - 608 ه» الذى صبغ فنون الأندلس بالصبغة المصرية الخالصة، فنسج الموشحات على الذوق المصرى الفارق، وأبدع فى موسيقاها وفى تنغيمها، وأضاف للأوزان الأندلسية، وترك كتابًا من أندر الكتب يؤصل لهذه الفنون وطبيعتها وأوزانها ، أسماه «دار الطراز فى فن التواشيح» فى مطلع القرن السابع الهجرى. إن الأدب فى مصر الوسيطة فى حاجة ماسة ، وفى هذا التوقيت بالذات، لمن ينقب عنه وينصفه، ويحقق شعره ونثره ومقاماته، ويبحث عن ملامح الشخصية المصرية فى زمن المحن، التى صمدت فى وجه الحروب وأزمات الغزو التقنى، وأثبتت وجودها على خريطة الفن والأدب والشعر، ولكن يبقى إرثها الأدبى فى حاجة لمن يبحث ويعيد قراءته وتحليله من زوايا معاصرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.