كرة مطاطية ومضربان من الخشب؛ على قدر بساطتهم إلا أنهم شكلوا جزءًا أساسيًا من رحلة السكندريين والمصيفين إلى البحر ومصدرًا للعب والمرح على شواطئ المدينة، لسنوات طويلة ظل هذا التراث يفرض وجوده بقوة خاصة فى فترة الثمانينيات والتسعينيات التى كانت فيها "الإسكندرية" قبلة المصيفين قبل أن تشاركها فى المنافسة المدن الساحلية الجديدة والساحل الشمالى بطوله ، ومع هذا التراجع وانتشار الألعاب التكنولوجية الجديدة تراجعت لعبة "الراكيت"، إلا أنها حافظت على مكانتها عند السكندريين الذين حولوها إلى لعبة كل الفصول وليس الصيف فقط. عرفت الإسكندرية "الراكيت" مع وجود الاحتلال البريطانى حيث نقل الضباط أصول اللعبة إلى عدد من الأطفال، كبروا على ممارستها وتلقينها لأجيالا أخرى، وخصصوا لأنفسهم المنطقة المجاورة لشاطئ "الطاحونة" فى منطقة سيدى بشر بالإسكندرية لمزاولتها يوميا بعد صلاة الفجر، ثم تحولت للعبة الرسمية على شواطئ المدينة، وأصبح يقام مهرجان دورى يستقطب جميع اللاعبين من الإسكندريةومحافظات أخرى. "لُعبة سكندرية توارثناها جيل بعد جيلا" بهذه الكلمات وصف محمود المرعب؛ أحد مؤسسى أول ناد للراكيت، شغفه باللعبة، التى يمارسها منذ أن كان طفلاً صغيرًا، موضحًا أن اللعبة منتشرة من شرق المدينة حتى غربها، حيث يتجمع الأصدقاء بشكل دورى كل أسبوع فى مناطقهم للعبها. ويشير “المرعب" إلى أنه قبل ثماني سنوات قام بمشاركة مجموعة من أصدقائه بإطلاق دعوة عبر موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" للتواصل مع جميع لاعبى راكيت الشاطئ ( كرة الشاطئ ) فى مختلف محافظات مصر للتجمع من وقت لآخر للعب سويًا، مضيفًا أن عددهم بلغ ما يقارب خمسة آلاف لاعب. ويوضح إنهم يسعون لأن يكون للعبة إتحاد رسمى تابع لوزارة الشباب والرياضة، حيث قام عدد من كبار اللاعبين بوضع قانون يحكمها لتسجيلها، مع الحفاظ على جوهر اللعبة القائم على تعاون اللاعبين المتنافسين معًا للحفاظ على الكرة فى الهواء لأطول فترة، عكس الألعاب الأخرى التى تعتمد على أخطاء المتنافسين، بالإضافة إلى الحركات الجمالية. ويؤكد محمود مرشدي، أحد مؤسسى نادى أجيال للراكيت، إن اللعبة تعتبر اللعبة الشعبية الأولى على شواطئ الإسكندرية، ولكن مع تقلص مساحات الشواطئ وتأجيرها أصبحت مهددة بالانقراض، وحفاظًا على تراث اللعبة قام اللاعبون بإنشاء مجموعات تبدأ من شاطئ أبو قير وصولاً لشواطئ العجمي. ويوضح "مرشدي" إنهم تواصلوا عدة مرات مع المسئولين لإدراج اللعبة ضمن المسابقات المحلية، حتى نجحوا فى النهاية فى إشهار أول ناد لكرة الراكيت بواسطة وزارة التضامن الاجتماعى تحت مظلة الجمعية المصرية لعلوم الفيزياء والبيئة برئاسة الدكتور محيى محمود العيسوي، مؤكدًا أن الدكتورة صفاء الشريف؛ وكيل وزارة الشباب والرياضة فى الإسكندرية، أبدت اهتمامها الشديد باللعبة. ويضيف "من الطرائف نزول بعض السياح من الحافلات أثناء لعبنا فى حدائق المنتزه، إما للمشاهدة أو المشاركة، وفى إحدى المرات فوجئنا بسيدة مسنة من مدينة شيكاغو الأمريكية عمرها 73 سنة وطلبت اللعب معنا وتصويرها"، مؤكدًا أن هذا المشهد يسهم فى تنشيط السياحة وإظهار الوجه الحضارى لمصر، ولذلك يناشدون محافظ الإسكندرية تخصيص شاطئ دائم لممارسة اللعبة. وبنبرة حزينة؛ روى ألبير موريس كامل؛ عضو بفريق محترفين مكون من أربعة أشخاص، تفاصيل حرمانهم من المشاركة فى بطولة دولية فى العام الماضى بسبب عدم حصولهم على تأشيرة سفر ، مشيرًا إلى أن هذه البطولة تقام كل عام وتضم دول البحر المتوسط للاحتفاء بهذه اللعبة. ويوضح "موريس" إن اللجنة المنظمة للبطولة وجهت دعوة لهم للمشاركة فى البطولة بشرط وجود راعٍ وإنهاء الأوراق المطلوبة، ونجح الفريق فى الوصول إلى راع وفر لهم أطقما ومضارب، كما تحمل أى مصاريف سواء داخل مصر أو خارجها، ولكن ظلت أزمة الأوراق الرسمية هى العائق هذا العام. ويضيف "حاولنا الحصول على الورقة من وزارة الشباب والرياضة أو من أى اتحاد مضرب ولكنهم جميعًا رفضوا، وأقيمت البطولة وعلم مصر كان موجودا ضمن أعلام الدول المشاركة، لكن الفريق المصرى لم يصل بسبب هذه الورقة". جدير بالذكر؛ إن لعبة الراكيت هى واحدة من أشهر الألعاب البريطانية السريعة، التى ظهرت لأول مرة كرياضة فردية فى القرن السابع عشر الميلادي، ثم تم تدشين أول بطولة فى ملعب مغلق ب"وول ويتش" عام 1860، ثم انتشرت فى أمريكا وكندا، و عقب ذلك انبثق منها الكثير من الألعاب مثل الكرة السرعة والتنس… فهل تلق هذه الرياضة أى تشجيع من جانب الدولة والمحافظة ووزارة الشباب والرياضة لتكون سبباً فى رفع علم مصر بالبطولات العالمية .