كتبت:رحاب جودة خليفة قد تهدأ قليلا حدة التوتر في العلاقات اليابانية- الصينية- الكورية ولكنها سرعان ما تشتعل مرة أخري بشكل أو بآخر, كأن كل طرف ينتظر هفوة للآخر حتي تعود الذكريات الأليمة وينجرف الجميع إلي مشكلة دولية.وهذه المرة تفجر التوتر قبل أيام مع تصريحات حاكم طوكيو' شينتارو ايشيهارا' الذي يدافع منذ فترة طويلة عن القضايا ذات الطابع المحافظ فكانت السبب الرئيسي في اندلاع الصراع الحالي بين اليابان والصين, حيث أعلن خلال الربيع الماضي أنه يريد أن تقوم طوكيو بشراء الجزرالمختلف عليها من صاحبها الحالي, وهو مواطن ياباني, حتي يمكن الدفاع عنها بشكل أفضل ضد الصين. ونتيجة للضغوط التي تمارس عليه وحتي لا يبدو ضعيفا قبل الانتخابات, أسرع رئيس الوزراء يوشيهيكو نودا بالإعلان عن أن الحكومة المركزية هي من ستشتري الجزر بدلا من ذلك. وأدي ذلك إلي حدوث حالة من الشد والجذب بين النشطاء من البلدين, ففي البداية, قام سبعة نشطاء من هونج كونج بالهبوط علي جزيرة أوتوري التي تعد أكبر الجزر المتنازع عليها, وكانوا ضمن14 صينيا تم القبض عليهم من قبل اليابان وترحيلهم علي الفور. ورد القوميون اليابانيون بالهبوط علي نفس الجزيرة ووضعوا عليه العلم الياباني, ذا الشمس المشرقة, الذي يثير ذكريات مؤلمة عن مسيرة الإمبراطورية اليابانية في قارة آسيا خلال القرن العشرين. وأظهرت هذه الحادثة بشكل واضح انتشار شعور الغيرة والرغبة في البقاء علي القمة علي نطاق واسع في اليابان. ومن هنا ظهرت مجموعة صغيرة من القوميين تعمل علي دفع البلاد إلي التعامل بجرأة أكبر لمواجهة الصعود الاقتصادي للصين وكوريا الجنوبية والطموحات الإقليمية للصين التي تتطور بسرعة كبيرة. وقد اكتسب القوميون شعبية كبيرة خلال الأشهر الأخيرة من خلال الاستفادة من الضعف السياسي للحكومة, مما اضطر الحزب الحاكم لاتخاذ موقف أكثر صرامة من الجزر التي تقع في الغرب, والمعروفة في اليابان باسم سينكاكوس وفي الصين باسم دياويو وكذلك دوكدو في كوريا الجنوبية. وعلي نفس نهج المناوشات المتبادلة, تصاعد التوتر والخلاف بين اليابان وكوريا الجنوبية في الفترة ذاتها إثر زيارة وزيرين في الحكومة اليابانية إلي ضريح ياسوكوني في طوكيوالذي تعتبره سول رمزا للماضي الإمبريالي الياباني. وعلي الفور توجه الرئيس الكوري الجنوبي لزيارة الجزر المتنازع عليها. وطالبت اليابان بعدها رفع النزاع إلي محكمة العدل الدولية الأمر الذي رفضته كوريا معتبرا أنها لن تتفاوض في حق من حقوقها.. ولا تريد اليابان الدخول في مواجهة شاملة مع الصين, لكن الآراء المؤيدة لضرورة الوقوف في وجه الصين تزداد بمرور الوقت, ولا سيما بعدما بدأت قوة اليابانوالولاياتالمتحدة تتلاشي نتيجة للمشكلات الاقتصادية. وبمعني أصح فعندما يتغير ميزان القوي تبدأ الناس في إعادة رسم الحدود..وهذا هو بالضبط ما يحدث في بحر الصين الجنوبي, والذي يحظي باهتمام دولي أكبر من المعارك الإقليمية لليابان. لكن النزاعات حول الجزر في منطقة شرق آسيا تدور بصورة أكبر حول التاريخ المتأصل في حالة الغضب من الهيمنة الوحشية لليابان علي مدي عقود مضت والتي يسهل إشعالها بين الحين والآخر. وبالرغم من هذا الاحتقان, أجرت كل من الولاياتالمتحدةواليابان المناورات العسكرية المشتركة التي كانت وللمرة الأولي علي الجزر المتنازع عليها باعتبارها ميدان للمناورات. ورأت اليابان أن السبب وراء تعزيز الولاياتالمتحدةواليابان من تعاونهما في الدفاع عن الجزر في وقت عصيب كهذا هو تصاعد نزاعها حاليا مع الصين حول الجزر, بينما رأي محللون أن اقتراح الولاياتالمتحدة بإجراء هذه المناورات عندما تتورط اليابان في النزاعات علي الأرض مع عدة دول مجاورة, يهدف لإظهار القوة وفرض ضغوط علي القوات العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهاديء ككل وهو أمر تضعه الصين دائما علي قائمتها للتحركات المثيرة للاستفزاز. وعلي ذلك فإن تعاظم الوجود الصيني- اقتصاديا وسياسيا وعسكريا- مازال وسيظل لفترة غير قصيرة مصدر تهديد لليابان. وفي الظروف العادية فليس من الحكمة أن تشعل الصين النيران ضد اليابان لكن مع تزايد الرخاء الصيني فبإمكانها اللجوء إلي النزاع المسلح في أي وقت. ومن الصعب التنبوء بموعد لإنتهاء المناوشات بين البلدين علي المدي القصير لذا فإن الحل الجائز علي المدي البعيد هو تكوين اتفاق رسمي ومنظم آسيوي النطاق علي غرارالاتحاد الأوروبي مما يضمن إلزام الدول الاعداء سابقا باتفاقات وتعاهدات. ورغم أن مستقبل هذا النوع من الاتفاق غير واضح خلال السنوات المقبلة لكن الواقع يؤكد أنه لن تتاح الفرصة لليابان لاستعادة ما كانت عليه قبل150 عاما في المنطقة. وهكذا فإن الأولوية الآن يجب أن تكون تقليل فرص الخلاف بأي شكل خاصة في البحار المشتركة والمزدحمة بالمصالح المتنافسة.