أجمع العلماء المسلمون من كافة أنحاء العالم الإسلامى على ضرورة الوحدة الإسلامية لمواجهة التحديات المتزايدة أمام العالم الإسلامي، خاصة تصاعد خطر الإرهاب والتنظيمات المتطرفة التى تمارس العنف والإرهاب تحت غطاء الدين، بينما هى تسعى لتحقيق أجندات سياسية خاصة بها. واعتبر العلماء أن سياسة الإقصاء والتصنيف التى تمارسها بعض الجماعات والحركات المنتسبة للإسلام أدت إلى تزايد حدة الاختلافات بين أبناء الأمة الإسلامية, كما أدت إلى العنف والدمار واستباحت دماء المسلمين وغير المسلمين, كما شوهت صورة الإسلام وأضعفت من قوة المسلمين. وفى المؤتمر الذى عقد فى مكةالمكرمة أمس الأول على مدى يومين تحت عنوان: «الوحدة الإسلامية.. مخاطر التصنيف والإقصاء», وافتتحه الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أكد المتحدثون أهمية وحتمية الوحدة الإسلامية فى هذه المرحلة العصيبة التى يمر بها العالم الإسلامى. وقال الدكتور شوقى علام مفتى مصر إن الإسلام يؤكد الوحدة فقال الله تعالى: «وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون», وأكد أن الاختلاف فى الإسلام ظاهرة حميدة وتؤدى إلى الرحمة والتيسير، وهو اختلاف يعكس التنوع فى إطار الوحدة, وهذا التنوع والاختلاف يكون فى المتغيرات وليس فى الثوابت, كما كان يفعل الصحابة والأئمة فى تاريخ الإسلام, أما الآن فإن الاختلاف يؤدى إلى الخلاف والفرقة ونفى الآخر وإخراجه من الملة، مما يساهم فى إضعاف المسلمين وتشتت كلمتهم. وأكد الأمير خالد الفيصل أن علماء الأمة الإسلامية تقع عليهم مسئولية كبيرة فى توحيد كلمة العالم الإسلامى وتجديد الخطاب الدينى ومواجهة ثقافة الكراهية ونفى الآخر. بينما أشار الدكتور عبد اللطيف فايز دريان مفتى لبنان إلى مخاطر قيام بعض الجماعات الدينية بتصنيف الآخر، حيث أدى هذا التصنيف إلى حروب طاحنة فيما بين المسلمين, كما حذر من ثقافة العنف والإرهاب التى تنتهجها بعض الجماعات الدينية، التى أدت إلى الدمار, وكونت صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين لدى الغرب, وشدد على أهمية تنقية الخطاب الدينى من الشوائب التى لحقت به وتأكيد ثقافة الوحدة والتكامل. وأكد الدكتور يوسف العثيمين الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى دور المنظمة فى الدفاع عن قضايا المسلمين فى جميع المحافل الدولية والعمل على وقف الصراعات والحروب المندلعة فى العديد من الدول الإسلامية ومواجهة الحملات المغرضة ضد الإسلام. وشدد الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى على أن السبب الرئيسى لعدد من السلبيات والتداعيات التى تعانيها الأمة فى الحاضر يكمن فى غياب الحوار المنفتح بأدبه العالي، والسجالات العقيمة بين المذاهب والطوائف بذرائع واهية عادت بمفاسد تفوق مصالحها المتوهمة، والتهافت السلبى على الريادة الروحية فى خصوص شأنها العلمى والفكري، وقال إنه لا ريادة حصرية فى ذلك لأى فرد ولا مؤسسة، إذ لا كهنوت فى الإسلام، كما أنّه لا عصمة لأحد بعد نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم. وأكد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الشيخ المفتى العام للملكة العربية السعودية أهمية دور العلماء المسلمين فى مواجهة الإرهاب والتطرف الذى يؤدى إلى دمار المجتمعات وشدد على ضرورة تعزيز مفاهيم الدولة الوطنية وقيمها المشتركة. وتناولت أوراق الباحثين من مختلف دول العالم الإسلامى عبر جلسات المؤتمر, على مدار يومين, أسباب الانقسامات فى العالم الإسلامى وتداعياتها وسبل مواجهتها وتأكيد الوحدة الإسلامية وقيم التعايش المشترك.