"وإنك لعلى خلق عظيم"(القلم :4)، هكذا وصف الله عز وجل رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. وأكد الله تعالى أنه بعث رسوله إلى العالمين رحمة للبشرية بأسرها، فقال تعالى:"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : كان صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: "اللهم إنى أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق" - رواه أبو داود والنسائى. وأكد علينا الرسول الكريم أن صحيح الدين وجوهره هو : حسن الخلق والمعاملة، "الدين المعاملة". فإن ما نشهده اليوم فى عالمنا بوجه عام، وفى الأمة الإسلامية على وجه الخصوص، من عدم استقرار عام وتراجع فى حالة الأمن والأمان والرضا لدى الفرد والجماعة إنما علاجه الأسرع والأقدر والأفضل تأثيرا هو التأسى بخلق رسول الله واتباع صحيح وجوهر القرآن والسنة. وما نراه اليوم من تشتت المسلمين وصراعاتهم البينية، التى وصلت إلى حد إزهاق الأرواح وخاصة أرواح المسلمين بمئات الآلاف وتشريد الملايين، منبعه الفهم الخاطئ للدين وعدم العمل بما أوصى به الرسول الكريم. فالأطراف المتصارعة والأفراد المضللون ثبت افتقادهم إلى "الأخلاق" و"صحيح الأعمال"، فهؤلاء يتحايلون ويحتالون ويستعينون بكلمات القرآن والسنة كواجهة وستار وحجة لتحقيق أغراض دنيوية خالصة أساسها الطمع والجشع والرغبة فى الهيمنة والسيطرة على الآخرين. فمن المؤسف أن الشر قد دفع بالبعض إلى استخدام الدين كستار لأطماع دنيوية إن لم تكن دونية فى أساسها. وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يوصى فى الحروب (أى عند بلوغ أعلى درجات العداء والصراع) بعدم قطع شجرة ولا قتل طفل ولا امرأة ولا شيخ كبير ولا هدم منزل. ونشر النبى السماحة والعفو، وكان فتح مكة أسطع مثال. ونهى الرسول الكريم عن رفع المسلم سيفه فى وجه المسلم مؤكدا أن كلاهما فى النار. إن الحلوى والتهادى وتبادل التهانى والدعاء طلبا للخير ليسا أساس الاحتفاء بذكرى مولد سيد الخلق، بل إن أفضل احتفاء بتلك الذكرى العطرة هو تذكر ما أوصانا الرسول به و"العمل" فعليا بصحيح سنته تأكيدا لرسالة الدين الحنيف وتقربا إلى الله عز وجل. فعلى سبيل المثال لا الحصر لماذا لا يُعلن وقف إطلاق نار على جبهات القتال بين المسلمين، ولو لأسبوع واحد، احتراما لذكرى الرسول الذى نهى عن القتال بين المسلمين. وكل عام ونحن والأمة الإسلامية والبشرية جميعها بخير وسلام. لمزيد من مقالات طارق الشيخ;