بعد محاولات كثيرة فاشلة أراد لها الغرب وأمريكا توطين اللاجئين فى لبنان منذ نكبة 1948 حتى اليوم ،وبعد وصول عدد اللاجئين الفلسطينيين فى لبنان إلى مايقرب من 500ألف لاجئ ،يريد الغرب وأمريكا أيضا توطين النازحين السوريين فى لبنان والبالغ عددهم نحو مليونى نازح يعيشون فى الخيام وأفنية المدارس والبيوت المهجورة منذ بداية الأحداث السورية فى ربيع 2011 حتى اليوم، حيث يرفض لبنان تسميتهم باللاجئين حتى لاتتكرر مأساة الفلسطينيين فى لبنان، ولكن الغرب يتحايل على الموقف اللبنانى من قضية النازحين السوريين ،ويريد الإبقاء عليهم فى لبنان،مرة بتخويفهم من العودة للمناطق السورية المحررة من الإرهابيين فى سوريا ،ومرة بالضغط على لبنان لتوفير مساكن وإعاشة لهم،بالرغم من الظروف الإقتصادية الطاحنة التى يعيشها لبنان وتهدد اقتصاده بالانهيار، وأخيرا بالإصرار على توظيفهم فى مشاريع ينفق عليها البنك الدولي. حيث وافق البنك الدولى على 250 مليون دولار ،لتنفيذ مشروع تطوير المواصلات داخل العاصمة بيروت ،وإنشاء خط أتوبيس سريع يمتد من الشمال إلى داخل بيروت ، تزامنا مع تسيير أتوبيسات صغيرة «ميكروباص»، من المناطق الجبلية والداخلية باتجاه الساحل، حيث توجد محطة الأتوبيس السريع،ولكن البنك الدولى اشترط لتنفيذ المشروع أن يكلف به شركات خاصة تشرف عليها الدولة، وتوظيف ثلاثين فى المئة من النازحين السوريين ، بغرض دعم النازحين وابقائهم فى لبنان، وبالطبع فإن توظيف السوريين يعنى استقرارهم وأسرهم فى لبنان،لأن التوظيف يعنى الاستمرارية فى العمل بعد انتهاء المشروع ،وهو الأمر الذى يرفضه لبنان ويكاد يهدد المشروع بالتوقف. من ناحية أخري، تحارب أوروبا وأمريكا المبادرة الروسية بإعادة النازحين السوريين من لبنان والأردن إلى المناطق المحررة فى سوريا،بحجة أن ذلك نجاح للدب الروسى الذى استطاع تثبيت أقدامه فى المياه الدافئة شرق المتوسط فى سوريا،حيث قام مسئولو الأممالمتحدة فى لبنان المكلفون برعاية وحل مشاكل النازحين السوريين ،بزيارات متكررة للنازحين فى خيامهم لترهيبهم وتخويفهم من العودة لسوريا، وهو الأمرالذى استهجنته وزارة الخارجية اللبنانية وهاجمت فى بيان لها مسئولى الأممالمتحدة الذين يعرقلون عودة النازحين طواعية لديارهم الآمنة. كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد طالب بعودة النازحين لمناطقهم الآمنة،أما المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، فقام بالتنسيق مع السلطات السورية، ونجح فى إعادة الآلاف من النازحين إلى بيوتهم من دونِ إنتظار أحد من القُوى الدّولية التى تريد للنازحين ألا يغادروا لبنان ويتحججون بالظروف غير الآمنة. وبالرغم من طرح المبادرة الروسية بعودة النازحين فقد مضى عليها شهور،دون تحقيق تقدم ملموس مثلما يحدث فى تركيا والأردن. ومما يزيد الطين بلة أن لبنان يعيش بحكومة تصريف أعمال منذ خمسة أشهر بعد الانتخابات النيابية فى مايو الماضي، وتكليف زعيم تيار المستقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريرى بتشكيل الحكومة الجديدة التى يراوح تشكيلها مكانه، نتيجة لإختلاف الفرقاء اللبنانيين على الحقائب الوزارية وتقسيم كعكة وزارة العهد العوني،وهو الأمر الذى يعطل كثيرا تنفيذ المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم، بل يساعد من فرص فرض سياسة الأمر الواقع ،وبقاء مليونى نازح سورى يعادلون نصف عدد سكان لبنان،عبئا على الإقتصاد المترنح،والخدمات المتهالكة،والغلاء الفاحش،وتزايد نسبة البطالة بين اللبنانيين أنفسهم قبل النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين،فهل ينجح لبنان فى «فرملة»الجهود الغربية التى تسعى لتوطين النازحين السوريين،واللاجئين الفلسطينيين، لاسيما أن كل التيارات والأحزاب السياسية اللبنانية ترفض التوطين سواء للسوريين أو غيرهم؟. ويرى مراقبون أن تخلى دول الخليج عن دعم لبنان اقتصاديا وسياحيا بعد تصنيف حزب الله أمريكيا كمنظمة إرهابية،يصب فى الحاجة اللبنانية الماسة للدعم وانتشال الاقتصاد من كبوته ،الأمر الذى قد يجعل لبنان يرضخ فى النهاية للشروط المجحفة للدول الغربية بتسهيل بقاء النازحين مقابل دعم الاقتصاد اللبناني.