ونحن نحتفل بالعيد الخامس والأربعين للانتصار العظيم فى السادس من أكتوبر 1973 يجدر بنا أن نستعيد الأحداث والوقائع منذ هزيمة 1967، وعبر حرب الاستنزاف، وصولاً إلى الانتصار العظيم فى السادس من أكتوبر, العاشر من رمضان. وبالفعل وبعد عدة أسابيع قليلة من الهزيمة بدأت الخطوات الأولى للمقاومة، والتى أثبتت, بالرغم من كل الظروف القاسية, قدرتنا على المواجهة فبعد مرور عام واحد على الهزيمة تم إعلان حرب الاستنزاف، والتى كان لها, كما أكدت تصريحات وتقارير الخبراء والمحللين العسكريين, الفضل فى إجهاض العدو، واستنزافه المستمر: عسكرياً ونفسياً، وفيها خاض الأبطال من قواتنا المسلحة عشرات المواقع، وكانوا مثالاً نادراً للتضحية والفداء. ومن خلال حرب الاستنزاف تم وضع الخطط والاستراتيجيات للمعركة الحاسمة الفاصلة التى كنا على ثقة أنها لا محالة آتية، وفيها سيتحقق الانتصار من منطلق العزم، والتصميم على استرداد العزة والكرامة، ومن قبل ومن بعد الإيمان بالله وبقدرة قواتنا المسلحة، وصمود الجبهة الداخلية. وبالفعل جاء اليوم التاريخى وهو وليس غيره السادس من أكتوبر (العاشر من رمضان) ليضرب الجندى المصرى أروع صور التضحية والفداء، الجسارة والإقدام، بداية من تفريغ مواسير النابالم، ومروراً بامتطاء القوارب المطاطية، واستخدام المدافع المائية لاختراق الرمال وتحصينات العدو، وإقامة الكبارى لتعبر عليها الدبابات، وانتهاء برفع العلم المصرى على الضفة الشرقية واقتحام خط بارليف الذى قيل إنه لن يخترق، واستسلم الجيش الصهيونى الذى قيل أنه لن يقهر. وكما كانت تؤكد البيانات العسكرية أنه فى هذا اليوم المجيد السادس من أكتوبر، والأيام التالية له، ضرب أبطالنا أمثلة التضحية والفداء والبطولات الخارقة، التى فاقت كل الحسابات والمعادلات، وباتت تدرس فى أعرق المعاهد العسكرية. وباختصار يؤكد كل ما حدث أنه ليس بالسلاح وحده يمكن أن يتحقق الانتصار وإنما بالإنسان المصرى بكل تاريخه وحضارته، جهاده ونضاله، وأخلاقياته التى تأبى الضيم، وأنه قادر على تحقيق المعجزات، مهما تكن التحديات والتضحيات. وهذا يعد أحد أهم الدروس المستفادة من نصر أكتوبر العظيم، وما سبقه من أحداث والذى يجب أن نقف عنده طويلاً، لاستلهام معانيه ومضامينه، خاصة فى هذه اللحظات الحاسمة التى تشكل منعطفاً تاريخياً غير مسبوق فى تاريخ الأمة بفعل التحديات الخطيرة التى نواجهها فى مصر والمنطقة العربية من خلال المؤامرات، والإرهاب، التدمير والتخريب، إلى جانب دعاة الإقليمية والفتن الطائفية، وعلينا أن نبعث لهؤلاء - ولمن يسير على دربهم - أن الأمم الحية لا يمكن أن تفرط فى إرادتها أو يفرض عليها ما يعوق نهضتها وتقدمها. وفى الختام لصناع النصر العظيم كل التحية والإجلال. كما أن التحية أيضاً واجبة لكل شهدائنا من رجال القوات المسلحة وقوات الشرطة الذين يخوضون حرباً لا تقل شراسة عما سبق أن خضناه من حروب، وإننا بإذن الله لمنتصرون. أستاذ التربية جامعة الفيوم لمزيد من مقالات ◀ د. محمد سكران