منذ ثورة25 يناير تحولت الحرية الإعلامية في مصر الي فوضي إعلامية, فوضي مكفولة للجميع لا قيد عليها, بدلا من أن تكون حرية مسئولة بعيدة عن تهوين الأحداث, كما يحدث عادة في الإعلام الرسمي أو تهويلها كما غالبا في الإعلام الخاص. لقد كانت قناة الفراعين هي النموذج الفج لهذا الإنفلات الاعلامي, وهناك قنوات أخري كثيرة اتخذت من السب والقذف والأخبار المفبركة مجهولة المصدر وترويج الشائعات والفبركة وسيلة لسياستها الإعلامية, واستخدمت الفضائيات في إثارة الفتن وتضليل الجماهير. حتي أصبحت تعبر عن مصالح رجال الأعمال من ملاكها حتي لو تعارضت مع مصالح مصر وأمنها القومي والاحتماعي. ولم تقف الأمور عند القنوات العامة, بل تجاوزتها للقنوات الدينية, وأصبح الخلاف في الرأي السياسي أو الديني مدعاة لسب الآخرين وإهانتهم والخوض في أعراضهم. وقد وقع في الفترة الأخيرة تحت طائلة القانون صاحب قناة الفراعين ورئيس تحرير جريدة الدستور, وتعالت الأصوات مطالبة بحرية الرأي والتعبير والإعلام, وعدم استخدام سياسة تكميم الأفواه المعارضة والانقضاض علي حرية التعبير. فهل يوجد في أعتي الديمقراطيات مثل هذه الفوضي؟ وهل هذه نماذج الإعلام التي يجب أن ندافع عنها؟ وهل يجب أن يكون الإعلام فوق القانون؟ لقد أحسن الرئيس مرسي بإلغاء قانون الحبس الإحتياطي في قضايا النشر, وبقي أن يستكمل مسيرة الحرية بإلغاء الحبس كاملا في قضايا الرأي, علي أن يصدر قانون رادع ضد ترويج الشائعات والسب والقذف, يقتصر علي الغرامة المالية المغلظة, فإن تكررت فلا مانع من إنذار الوسيلة الإعلامية أو إغلاقها مؤقتا أو دائما, حسب حجم ونوع الجريمة بدلا من الحبس الذي يجعل من أمثال عكاشة أبطالا, أو يصورون الأمر وكأنهم ضحايا وشهداء لحرية التعبير, فربما يضع هذا حدا لما نعيشه من حرية الفوضي الإعلامية؟ المزيد من أعمدة جمال نافع