جورجييفا: صندوق النقد الدولي منفتح بشكل كبير على تعديل برنامج مصر    شركة Living Yards للتطوير العقاري تطلق مشروع Solay.. مجتمع سكني فريد من نوعه في القاهرة الجديدة    خبير: الرئيس قدم بقمة بريكس إجراءات فاعلة لتدبير تمويل عادل للدول النامية    وزير الخارجية الأمريكي: مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة تبدأ خلال أيام    «القاهرة الإخبارية» تبرز تفاصيل ورشة «المصري للفكر» عن الصراعات في الشرق الأوسط    تحرك جديد من كهربا في الأهلي بعد ترحيله من الإمارات.. طلب جلسة خاصة    جوائز مالية كبيرة تغازل بطل السوبر المصري.. كم تبلغ؟    ضبط 3 عناصر إجرامية بحوزتهم مخدرات قيمتها 5 ملايين جنيه    خطوات التقديم لحج قرعة وزارة الداخلية.. والأوراق المطلوبة    البابا تواضروس يؤكد استعداد الكنيسة للمشاركة لدعم الفعاليات الهادفة لزيادة الوعي وبناء الإنسان والمجتمع    الحلقة الأخيرة مسلسل برغم القانون.. الحكم على محمد القس بالإعدام    3670 حافظا للقرآن ومبتهلا يتقدمون للمنافسة المحلية المؤهلة لمسابقة بورسعيد الدولية    عضو التحالف الوطني: توصلنا إلى 187 ألف حالة من الأولى بالرعاية منذ 2014    عصابات بريطانية تجند طيارين درونز لتهريب مخدرات وأسلحة و"كاتشب" للسجون    إزالة 37 حالة تعد على الأراضي الزراعية بالشرقية    وزير الشئون النيابية: مبادرة حياة كريمة حققت المعادلة الصعبة    بأسلوب المغافلة.. التحقيق مع المتهم بسرقة المواطنين في المطرية    تسمم 6 طالبات بمعهد أزهري في الوادي الجديد    22 مستشفى جامعيًا ومركزًا للأورام تشارك في فعاليات "أكتوبر الوردي"    لتعزيز التعاون الثقافي والسياحي المشترك.. افتتاح المدرسة الإيطالية الفندقية بالغردقة    وفد صيني يزور مكتبة الإسكندرية    فيلم المخفي يحقق نجاحًا مبكرًا في شباك التذاكر.. بإيرادات 120 ألف جنيه    الجمعة.. وزارة الثقافة تعرض المؤلفات العصرية لهشام خرما بمسرح الجمهورية    برلماني لبناني: مؤتمر باريس يجب أن يتجه لوقف الإجرام الذي تمارسه إسرائيل    وقوع شهيد باستهداف من طائرة استطلاع على دوار زايد في بيت لاهيا شمال غزة    وزير الصحة يعلن اعتماد التطعيمات اللازمة ضد شلل الأطفال للفلسطينيين    الابن العاق بالشرقية.. حرق مخزن والده لطرده من المنزل    ندوة بسوهاج تستعرض دور محو الأمية فى نشر الوعى ضمن المبادرة الرئاسية "بداية"    ريال مدريد يكشف تفاصيل إصابة رودريجو ومدة غيابه    خاص| رئيس الاتحاد الإفريقي للهوكي يعلن اقتراب عودة بطولة أخبار اليوم الدولية    جامعة حلوان تطلق دورتين في اللغة الإيطالية لتعزيز مهارات الطلاب والخريجين    ايباروشية هولندا تحتفل بذكرى تأسيس أول كنيسة    ردّا على إرسال جنود كوريين شماليين لروسيا.. سيول تهدد بتسليم أسلحة لأوكرانيا    المشاط تطالب البنك الدولي بتطوير نماذج للنمو الاقتصادي لدعم الدول النامية    «الداخلية» :ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب11 ملايين جنيه    بعد تداول منشور وتحقيقات سريعة.. الأمن يكشف لغز اقتحام 5 شقق في مايو    ضبط عامل بالفيوم لقيامه بإدارة ورشة لتصنيع الألعاب النارية والإتجار فيها    خلال 24 ساعة.. 4 مجازر في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 55 شهيدا و132 مصابا    جامعة بني سويف تحتل ال 11 محليا و1081 عالميا في تصنيف ليدن المفتوح للجامعات    خبير موارد مائية يكشف إمكانية عودة مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا في البريكس    جامعة كفر الشيخ تعقد ندوة دينية عن «الانتماء وحب الوطن وبناء الانسان» بكلية التربية    فريق طبي ينقذ مريضا توقف قلبه بالمنوفية    نائب وزير الصحة يبحث مع نظيره بدولة بنما التعاون المشترك    لمواليد برج العذراء.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر 2024    محافظ الغربية يعتمد الأحوزة العمرانية ل21 قرية و115 عزبة بمراكز ومدن المحافظة    تشكيل مانشستر يونايتد المتوقع أمام فنربخشة بالدوري الأوروبي    بدء تشغيل معامل جديدة بجامعة الإسماعيلية الأهلية (صور)    «في مشاكل ولعيبة عايزين يمشوا».. عصام الحضري يكشف مفاجآت ب الأهلي قبل مواجهة الزمالك    أعراض قد تشير إلى ضعف القلب    القوات المسلحة تحتفل بتخريج دفعات جديدة من المعاهد الصحية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 في المنيا    ساعات على حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية.. من يحييه؟    تشكيل الاتحاد المتوقع أمام الرياض في دوري روشن السعودي    بدائل الشبكة الذهب للمقبلين على الزواج.. خيارات مشروعة لتيسير الزواج    خالد الجندى: سيدنا النبى كان يضع التدابير الاحترازية لأى قضية    إنتر ميلان ينجو من فخ يونج بويز بدوري الأبطال    ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإرهابى فى أنقرة إلى خمسة قتلى    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخوذ البيضاء والمستنقع السورى
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 07 - 2018

تحولت الأزمة السورية إلى مستنقع كبير، تتحرك فيه دول وجماعات ومنظمات وأجهزة مخابرات تحارب مباشرة وبالوكالة على الأراضى السورية، ويدفع أهلنا فى سوريا وحدهم الثمن باهظا من قتل وخراب وتشريد. ولن تكون جماعة (الخوذ البيضاء) هى آخر الألغاز التى تخرج من قلب المستنقع السورى، بعد أن استنفدت مهمتها الحقيقية، وانكشف أمرها. وهذه الجماعة التى تعرف أيضا باسم الدفاع المدني السورى أو القبعات البيضاء هي منظمة دفاع مدنية تطوعية تعمل في المناطق التى تقع تحت سيطرة المعارضة في سوريا، تأسست عام 2013، وتتألف من ثلاثة آلاف متطوع سورى مدنى، وتقول إنها تهدف إلى إغاثة المتضررين جراء الحرب فى سوريا، ويقع مركزها الرئيسي ما بين مدينتي امستردام واسطنبول ويتلقى عناصرها دورات متعددة في تركيا. والمفترض فى مثل هذه الجماعات الإغاثية التطوعية أن تكون على الحياد التام بين جميع الأطراف، لكنى سمعت بنفسى رائد الصالح مدير المنظمة فى حوار هاتفى مع إحدى الفضائيات المصرية، وهو يصف مفهوم الحياد بتقديم الخدمات الطبية الإغاثية لجميع الأطراف دون تمييز، لكن هذا على حد قوله لا يعنى ألا يكون للمنظمة موقف سياسي وكشف حقيقة ما يحدث على الأرض.
هذه التصريحات تنسف فكرة الحياد من أساسها، لأنها تكشف عن انحياز المنظمة إلى أحد الأطراف المتصارعة، علاوة على أن فكرة تقديم الخدمات لجميع الأطراف دون تمييز غير متحققة على الأرض، لأن هذه المنظمة عمليا تعمل فى الأراضى التى تسيطر عليها المعارضة فقط. وقد تسببت فى مشكلات عديدة من قبل نتيجة تحيزها السياسى، كان أشهرها الزعم باستخدام القوات الرسمية السورية أسلحة كيميائية، وتصوير فيديوهات تؤيد هذا الزعم لم يثبت صحتها بعد ذلك.
ومع تقدم الجيش السورى فى المناطق التى تسيطر عليها المعارضة، شعرت عناصر الخوذ البيضاء بالخطر، خاصة بعد تصريحات الرئيس السورى بشار الأسد خلال مقابلة مع وسائل إعلام روسية أكد فيها إن نشطاء منظمة الخوذ البيضاء الذين رفضوا تسليم أسلحتهم سيتم القضاء عليهم حالهم كحال الإرهابيين، وأن هذه المنظمة هى فى الحقيقة قناع لجماعة النصرة الإرهابية.
ومع هذا الخطر تفجرت أزمة كبيرة بقيام اسرائيل بنقل مجموعة من الخوذ البيضاء وأسرهم من سوريا إلى الأردن عبر إسرائيل، كما أعلن الأردن أنه أذن بمرور 800 مواطن سوري بالتنسيق مع الأمم المتحدة عبر أراضيه لتوطينهم في دول غربية، بعد أن قدمت بريطانيا وألمانيا وكندا تعهدا خطيا ملزما قانونيا بإعادة توطينهم خلال فترة زمنية محددة بسبب وجود خطر على حياتهم.
هذه العملية تثير تساؤلات عديدة تكشف عن حقيقة ما يجرى فى المستنقع السورى، فصحيفة االوطن« المقربة من الحكومة السورية نقلت عن مصدر في الخارجية السورية قوله: إن العلاقة تكشفت أمام العالم حول ارتباط هذا التنظيم بإسرائيل ومخططات الدول الغربية بما في ذلك بشكل خاص مع الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا، وتمويل هذه الدول السخي للنشاطات الإرهابية لهذا التنظيم في سوريا، وأن الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية اعتمدت روايات كاذبة روج لها تنظيم الخوذ البيضاء في كل الاجتماعات التي عقدت في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومجلس الأمن من قبل الدول الممولة لها، كما تم اعتماد أقوال هذا التنظيم في تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مع كل ما تتضمنه من تزوير وابتعاد عن الحقيقة. وهناك تساؤل مهم بهذا الصدد، فالحكومة السورية تتفاوض مع الجماعات الإرهابية فى المناطق التى تسيطر عليها، وتسمح لعناصرها بالخروج إلى مناطق أخرى يتم تجميعهم بها بعد قيامهم بتسليم أسلحتهم، فلماذا لم يدخل عناصر الخوذ البيضاء فى مثل هذه المفاوضات ويرحلون مع تلك الجماعات إلى مناطق آمنة داخل سوريا، خاصة انهم لم يشاركوا مباشرة فى القتال.
فإذا كان من حمل السلاح وقاتل وافقت السلطات السورية على التفاوض معه، وبقى فى منزله أو انتقل الى الشمال السورى بأمان بعد تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، فلماذا أصبحت جماعة أو منظمة الخوذ البيضاء حالة خاصة تتداعى عدة دول لإخراج عناصرها من سوريا عبر إسرائيل، والتى تعهدت عدة دول باستضافتهم لديها خلال الاشهر الثلاثة المقبلة ؟!
والتساؤل الثانى، لماذا لم يتم إجلاء جميع عناصر الخوذ البيضاء الذين يصل عددهم إلى ثلاثة آلاف وأسرهم، واقتصرت عملية الإجلاء على عدد بسيط منهم فقط، بينما تم إبلاغ الباقين بضرورة التفاوض مع السلطات السورية للخروج مع المقاتلين الذين ينتقلون إلى شمال سوريا.
وهذا الأمر يذكرنا بعملية إخلاء عناصر قيادية من تنظيم داعش في منطقة دير الزور بواسطة طائرات الهليوكبتر الامريكية عشية هجوم الجيش السورى عليهم، وقيل وقتها إن هؤلاء من المتعاونين مع المخابرات الأمريكية، فهل عناصر الخوذ البيضاء الذين تم إجلاؤهم بسرعة من المتعاونين مع مخابرات دول غربية، ويخشى البعض من اعترافهم للسلطات السورية بذلك، ولهذا تمت عملية الإجلاء بسرعة، بينما تم ترك أغلبية أعضاء المنظمة للتفاوض مع السلطات السورية والمغادرة عن طريقها؟
لقد وضح جليا أن المستنقع السورى سينضح بكثير من الأسرار، كلما تقدمت عملية سيطرة الجيش السورى وحلفائه على الأرض، فعشرات الجماعات المسلحة التى تحارب هناك بالوكالة قد تجد نفسها فى أوضاع صعبة، وتورط قوى عظمى وأخرى إقليمية فى هذا المستنقع يعنى أن المعارك لن تتوقف إلا بتسوية سياسية تحمى مصالح الجميع، وتحقق لهم أهدافهم، وهو أمر معقد للغاية يؤدى إلى إطالة أمد الأزمة، مع تصاعد حدة الأوضاع الإنسانية للاجئين والنازحين، والتسويات الجزئية التى تتم أحيانا بين بعض الأطراف وبعضها الآخر. لقد أضحت سوريا نموذجا لمحاولات هدم الدولة الوطنية ومؤسساتها، التى شرعت بعض الجماعات المسلحة المدعومة من قوى إقليمية ودولية فى تنفيذها فى المنطقة العربية، وهى محاولات تشكل خطرا داهما على الأمن القومى العربى، ويستلزم على جميع الدول العربية مراجعة حساباتها، قبل فوات الأوان.
كلمات:
أنت أعمى، وأنا أصم أبكم، إذن ضع يدك بيدى فيدرك أحدنا الآخر
جبران خليل جبران
لمزيد من مقالات ◀ فتحى محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.