تجديد الخطاب الدينى ضرورة.. والسلام هو الأصل والحرب هى الاستثناء مدبولى: برنامج الحكومة يسعى إلى نظام تعليمى يعتنى ببناء الشخصية عبدالغفار: لدينا 120 ألف عضو هيئة تدريس وبدأنا إعادة توجيه البحث العلمى
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن عملية بناء الإنسان المصرى هى عملية مجتمعية وليست عملية حكومية، مشيرا إلى أن الدولة ليس لديها عصا سحرية، وموضحا أنها عملية بها إصلاح شديد بين الإنسان والمجتمع وأكد الرئيس، فى مداخلة خلال جلسة «إستراتيجية بناء الإنسان المصرى» بالمؤتمر الوطنى السادس للشباب أمس، أن تحدى بناء الإنسان يعتبر تحديا للإنسانية كلها على مر العصور، مشددا على الحاجة لتحرك فاعل لإعادة الشخصية المصرية. وقال الرئيس السيسى إن التحدى الموجود وهو بناء الإنسان هو تحد للإنسانية كلها، وهو تحد تصدى له فقط ربنا سبحانه وتعالى والأنبياء، لأن صياغة الإنسان وبناءه بقيم راقية جدا كانت رسالة الرسالات، وبالتالى عندما نتحدث فى مؤتمرنا نقف أمام أنفسنا بموضوعية ونقول نحتاج لتحرك قوى وفاعل لإعادة صياغة الشخصية المصرية، ولن نقول لكى تعود كما كانت، ولكن لكى تتطور بما يتناسب مع متطلبات العصر والإنسانية. وتساءل الرئيس: «هل تصدقون أننا فى حالة استهداف حقيقية أم لا؟»، مضيفا: «إذا كنا مصدقين ده، لابد أن يكون هناك ثقة أنه خلال السنوات الماضية بشكل مباشر أو غير مباشر تم استهداف الحالة والإنسان المصرى بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وبالتالى أصبحت النتيجة صعبة جدا علينا»، وتساءل «هل نحن مستعدون لسداد فاتورة إصلاح هذا أم لا؟». وأكد الرئيس السيسى أن عملية الإصلاح لا تنتهى فى عام أو عامين أو خمسة، لكنها تحتاج إلى أكثر من ذلك. وطالب الرئيس الشباب بطرح الأفكار الجديدة، قائلا: «يجب أن نقف أمام أنفسنا بمنتهى الصراحة والموضوعية لتطوير الشخصية المصرية لتواكب العصر». وأضاف أن التعليم رحلة طويلة وقاسية ومليئة بالمعاناة على الطالب وأسرته والجامعة، مضيفا: «هل نحن مستعدون لدفع فاتورة إصلاح ما حدث أم لا؟.. عاوزين تعليم حقيقى ولا ولادكم يبقى معاهم شهادات؟.. إذا كنتم تريدون تغيير بلدكم فهناك ثمن»، مضيفا: «لما نتكلم عن الخطاب الدينى انتوا نضيع الدين؟ هو فيه أكتر من اللى احنا فيه ضياع للدين؟». وحول تصويب الخطاب الدينى، قال الرئيس: «لما نيجى نتكلم على الخطاب الدينى، أنتم خايفين نضيع الدين، واللى احنا فيه ده هل هناك أكثر منه ضياع للدين؟.. أريد أن أقول عندما يكون فكر أمة مبنى على الحرب، والحرب استثناء، ولما يكون الفكر اللى مبنى كله لأمة ما هو الحرب فقط، يعنى خلال ال200 سنة الماضية على الأقل فهمهم لدينهم على إن الحرب هى الأصل والاستثناء هو السلام»، متسائلا: «معقول فى فهم دينى كده؟.. فانتم خايفين من إصلاح الخطاب ليضيع الدين». وأضاف أن الإلحاد حدث للأشخاص الذين اهتزوا نتيجة للحالة التى نعانى منها، متسائلا: «أنتم عايزين تعملوا إصلاح لخطاب دينى ولا خايفين لنضيع الدين؟». وقال الرئيس: «لو عايزين تتكلموا عن قيم أخلاقية هل انتم مستعدون تقبلوا فى التليفزيون والسينما والمسرح سلوكيات لا تليق وفى الآخر نقول هذا إبداع وحرية إبداع؟..هناك خيط رفيع، عايزين تصلحوها ولا مش عايزين؟، بتقولوا القوانين والتشريعات.. أنتم شايفين قضايا مجتمعية موجودة عندنا، يعنى مثلا هم قالوا نسب الطلاق 44% يعنى كل 100 حالة زواج يحدث بها تقريبا 50% طلاق.. بيقولوا هناك 9 ملايين طفل دون أب وأم بشكل مباشر.. طيب فى كمان 15 مليون بشكل غير مباشر يعنى انفصال بشكل خفى معملوش وثيقة انفصال.. هل تتصدوا كمجتمع؟.. عندما طالبت بضرورة إصدار تشريع لتوثيق الطلاق هوجمت.. هل مع التطور اللى حصل فى المجتمع وفى الحياة الإنسانية كلها على مدى 1400 سنة مايحقليش كمجتمع مش كرئيس إنى أحمى المجتمع؟ إنتم عاوزين تحولوا الأطفال دول لإيه؟». وأضاف الرئيس أن هناك من أدخل مصر فى دائرة العوز، مشيرا إلى أنه عندما يبذل جميع الجهود للخروج بالدولة من حالة العوز يهاجمونه ويضعون عبارات مسيئة على صفحات التواصل الاجتماعى، مشيرا إلى أن الدولة لن تستطيع الخروج من العوز بالحكومة فقط ولكن بالتعاون بين الحكومة والشعب. وأكد أهمية وجود هوية وطنية مصرية تتفاعل مع الواقع وتطوره. وشدد الرئيس على أن مصر دخلت تجربة خطيرة وصعبة أراد الله لها ألا تكتمل وليس بسبب الجيش أو الرئيس، مشيرا إلى أن فنون المكر والكيد أصبحت شديدة التعقيد والتخفى، وأن هناك 21 ألف إشاعة تم إطلاقها فى 3 أشهر. وأكد أن ما قام به وما سيقوم به سيقابل به الله تعالى، مشيرا إلى أن الحكومة تضع إستراتيجيات ومنهجا علميا للإصلاح الاقتصادى ونجاح تنفيذه مرتبط بتعاون جميع الأطراف. وقد شهدت جلسة «إستراتيجية بناء الانسان المصرى» عرض فيلم تسجيلى تحت عنوان «جذور التعليم»، تناول الخطوات التى تقوم بها الدولة لبناء الانسان المصرى، مستعرضا أهمية دور التعليم العالى والبحث العلمى فى بناء الانسان. وتحدث خلال الجلسة كل من رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، والدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة، والدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى، وطارق نصر الطالب بالبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب. وقدم رئيس الوزراء فى كلمته عرضاً شاملا لمحاور برنامج عمل الحكومة خلال السنوات الثلاث المُقبلة «18/2019- 21/2022»، «مصر تنطلق» والذى حاز ثقة مجلس النواب المصرى، مؤكداً أن حكومته تستكمل برنامجا متواصلا يهدف لتحقيق التنمية المستدامة فى مصر، عملت كل حكومة جاءت خلال السنوات الأربع الماضية على إنجاز جانب منه. وأوضح أن البرنامج يهدف إلى إحراز عدد من الأهداف الاستراتيجية التى تشمل تحقيق معدلات نمو اقتصادى أعلى، وبناء مظلة قوية للحماية الاجتماعية، وبناء نظام تأمين صحى متميز، وخفض التضخم وضبط الاسعار، وخفض معدلات البطالة، لافتاً إلى أن تحقيق هذه الأهداف سيتم من خلال العمل على عدة محاور وهي: حماية الأمن القومى وسياسة مصر الخارجية، بناء الإنسان المصرى، التنمية الاقتصادية ورفع كفاءة الأداء الحكومى، والنهوض بمستويات التشغيل، وتحسين مستوى معيشة المواطن المصرى. وقال رئيس الوزراء إن محور حماية الأمن القومى المصرى وسياسة مصر الخارجية، يتضمن تطوير أساليب المواجهة الأمنية للعمليات الارهابية، والحفاظ على الحقوق المائية المصرية فى مياه النيل، وتنويع مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة وتنمية الثروة البترولية والمعدنية. وفيما يتعلق بمحور تحسين مستوى معيشة المواطن المصرى، أكد أنه يقوم على ضبط النمو السكانى والانتشار العمرانى، والتوسع فى شبكات الامان الاجتماعى، وتطوير خدمات الاسكان والمرافق العامة، والانتهاء من مشكلة المناطق السكنية غير الآمنة، وتطوير منظومة الخدمات التموينية. وأشار إلى أن محور التنمية الاقتصادية ورفع كفاءة الأداء الحكومى يتضمن خفض عجز الموازنة من خلال تحسين كفاءة الأداء وترشيد الاستهلاك الحكومى، وتنمية القطاعات الرائدة المحركة للنمو الاقتصادى، وتحسين بيئة الاعمال لجذب الاستثمارات الخاصة، وتطوير الاداء الحكومى والمؤسسى ومواجهة الفساد، وتنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر. ويتضمن محور بناء الانسان المصرى توفير التأمين الصحى الشامل، وتحسين جودة النظام التعليمى ورفع كفاءة تنافسية مخرجاته، وتطوير منظومة وسياسات البحث العلمى، وتدعيم الرياضة البدنية للشباب ونشر ثقافة ممارستها، وترسيخ الهوية الثقافية والحضارية ودعم منظومة القيم. بينما يتضمن محور سياسة مصر الخارجية الحفاظ على سياسة متوازنة مع كل القوى العالمية، وضمان تحقيق الأمن القومى فى المحيطين الاقليمى والافريقى، وضمان امن واستقرار منطقة الخليج العربى، وتفعيل دور مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام. وأكد رئيس الوزراء أن «بناء الانسان المصرى» يعد أيقونة عمل الحكومة من خلال برنامجها الطموح الذى يسعى من خلال محاوره المختلفة إلى بناء نظام تعليمى عصرى يعتنى ببناء الشخصية المصرية وترسيخ الانتماء، حيث شهدت السنوات الأربع الماضية الانتهاء من 39.5 ألف فصل، و بناء 45 مدرسة يابانية، وتدريب 1.1 مليون معلم وإدارى، فضلاً عن محو أمية 2.5 مليون مواطن. كما تحدث الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى، حيث أكد أن برنامج الحكومة يتمثل فى التركيز على جودة التعليم من خلال فتح مسارات جديدة فى التعليم كالتعليم التكنولوجى، كما يتمثل برنامج الحكومة فى إتاحة التعليم من خلال فتح جامعات جديدة. وأضاف أن إستراتيجية الدولة لبناء الإنسان تعليميا وثقافيا ورياضيا تمثل رحلة طويلة تبدأ منذ الطفولة مما يلقى بدور كبير على وزارة التربية والتعليم، فضلا عن دور الأم فى تشكيل وجدان الطفل فى مرحلة التعليم الأساسى، مؤكدا أيضا أهمية التنسيق بين مرحلة التعليم ما قبل الجامعى ومرحلة التعليم الجامعى حتى يخرج وهو يستطيع البناء والاسهام بشكل فعال فى المجتمع. وأشار إلى أن الدولة لديها 120 ألف عضو هيئة تدريس إلا أن المخرج من البحث العلمى قد يفيد دولا أخرى ولا يمثل افادة حقيقية للدولة، مشيرا إلى أن الدولة بدأت فى التركيز على البحث العلمى بما يتناسب مع التحديات التى تواجه الدولة للاستفادة منه فى وضع الحلول المتطورة لمواجهة هذه التحديات. وحول مدى أولوية التعليم الفنى، أكد الوزير أن الدولة مهتمة بالتعليم الفنى والتقنى، مشيرا إلى أن الدولة لديها 700 ألف طالب يدخلون الجامعة سنويا ويرغبون فى الحصول على شهادة بكالوريوس دون التفكير فى كيفية الحصول على وظيفة، وهو ما دفع الدولة لوضع مسار لتأسيس جامعات تكنولوجية لتأسيس تعليم فنى متطور يواكب متطلبات سوق العمل. وأشار إلى أن هناك 3 ملايين طالب فى منظومة التعليم العالى حاليا، موضحا انه خلال 10 سنوات ستختفى الكثير من الوظائف وستحل محلها وظائف أخرى تتطلب التحضير لها خلال الفترة الحالية بشكل يتواكب مع متطلباتها. وكشف الدكتور خالد عبد الغفار عن أهمية التعليم العالى والبحث العلمى فى بناء الانسان، مشيرا إلى أن خريجى نظام الثانوية العامة الحالى عام 2018 نظام «علمى» حصل معظمهم على ما يفوق 90% فى الوقت الذى تصل فيه نسبة الرسوب فى كلية الطب على سبيل المثال خلال السنة الأولى من الدراسة إلى 10%. وأشار إلى أن النظام الحالى للتعليم يعتمد على الحفظ والتلقين مما لا يتيح اكتشاف المواهب والقدرات الفريدة، مؤكدا أهمية تطوير منظومة التعليم ما قبل الجامعى. وكشف عن تنفيذ 22 مشروعا لوزارة التعليم العالى من بينها جامعات أهلية دولية وجامعات حكومية جديدة وجامعات تكنولوجية وأفرع للجامعات الدولية من بينها الجامعة الكندية وتأسيس جامعة لندن فى العاصمة الإدارية. كما كشف عن تأسيس بنك الابتكار المصرى الذى يعد أكبر منصة حكومية للابتكار فى مصر والمنطقة. من جانبه، تحدث الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة، وقال إن الوزارة تعمل على استراتيجية بناء الإنسان المصرى من خلال 4 محاور تتمثل فى الناحية البدنية والعقلية والنفسية والاجتماعية بما يسمح بصياغة شخص متكامل يتفاعل مع المجتمع بشكل سليم. وأضاف أن الأهداف الاستراتيجية التى تعتمد عليها الوزارة تتمثل فى عدد من المحاور من بينها تعزيز دور الرياضة فى تحقيق برنامج الدولة لبناء الإنسان المصرى، ورفع الكفاءة التشغيلية للإدارات والمؤسسات الرياضية والشبابية. وأوضح أن برنامج الوزارة تم تقسيمه لثلاثة محاور تتمثل فى رعاية وتنمية النشء والشباب، وممارسة الرياضة للجميع والمنافسة والريادة الرياضية. وخلال الجلسة، طرح طارق نصر، أحد طلاب البرنامج الرئاسى، مبادرة «إنقاذ الأسرة المصرية» التى تهدف لتعديل القوانين المتعلقة بتنظيم الأحوال الشخصية على وجه السرعة تعديلا كليا يتفق مع المتطلبات الحياتية للمجتمع المصرى الذى يقوده الخبراء خاصة فى الرعاية المشتركة للطفل. كما طرح عدد من التوصيات من بينها وضع قاعدة بيانات للطلاب فى المدارس، وإنشاء عاصمة ثقافية لمصر جديدة فى الصعيد، وإعادة ضخ القيم بطرق سليمة فى الطفل خلال المرحلة الابتدائية، وإطلاق حملات توعية إرشادية وحملات توعية للعناية الصحية، وتفعيل نماذج المحاكاة الخاصة بترسيخ روح الانتماء والمواطنة فى مراحل التعليم المختلفة. وتحدث أيضا علاء عصام أمين شباب حزب التجمع عن الهوية الوطنية المصرية، حيث قال إن الشعب المصرى يتميز عن باقى شعوب العالم بأنه أول شعب اخترع فكرة الدولة فى الوقت الذى كانت تعيش فيه شعوب أخرى فى إطار القبائل. وأضاف أن الشعب المصرى أول من صدر العلوم للعالم من بينها علوم الفلك والرياضيات والفلسفة، مشيرا إلى أن الشعب المصرى يتميز أيضا بالموقع الجغرافى المتميز. وأشار إلى أن مصر مرت بمحاولات عديدة للنيل من هويتها فى تاريخها الحديث كان آخرها ظهور جماعة الإخوان الإرهابية والتيارات الدينية التى خرجت من رحمها لتصنع حالة من الصراع بين الدين والوطنية. وأطلق علاء عصام عددا من التوصيات من بينها تشكيل المجموعة الثقافية داخل الحكومة المصرية أسوة بالمجموعة الاقتصادية، والدعوة لمشروع ثقافى وطنى تحت عنوان الثقافة والهوية، وإعادة هيكلة وزارة الثقافة بشكل يسمح للانتقال من النظام المركزى للثقافة إلى النظام غير المركزى، وتشكيل المجلس المحلى للثقافة بهدف وضع خطط عامة للثقافة بشكل عام فى كل محافظة حسب طبيعتها والحفاظ على الموروث الثقافى واحترام التنوع الثقافى فى كل محافظة، وربط الثقافة بالتفاصيل اليومية للمواطن حسب خصوصية البيئة والجغرافيا بكل محافظة.