حين اهتز العالم على وقع القصف والعنف فى سوريا برز اسم "الخوذ البيضاء" إلى الواجهة، كان لافتا اتهام دمشق وموسكو لهذه المنظمة بفبركة أفلام لصالح المخابرات البريطانية وربما الأمريكية. تكررالأمر خلال الهجوم الكيماوى المزعوم على خان شيخون وغيرها. فمن هى منظمة "الخوذ البيضاء"؟ ومتى تأسست؟ ولماذا؟ هل هم مجموعة جواسيس وعملاء؟ أم مسعفون ساهموا فى إنقاذ حياة عشرات الآلاف من الأشخاص كما يقول مسئولو المنظمة وجهات دولية عديدة؟ هل هم مجرمون قاموا بذبح وقتل الناس وتدمير سوريا؟ أم أنهم أنقذوا حياة الكثيرين؟ ما علاقة "الخوذ البيضاء"، الفعلية "بإرهابيى "النصرة" و"داعش" و"القاعدة"؟ وإذا كانت مرتبطة بالإرهاب فعلا، فلماذا يحصل فيلم تسجيلى عن المنظمة على جائزة "أوسكار" السينمائية العالمية؟ ما علاقة المنظمة بالاستخبارات التركية والبريطانية؟ لماذا لا تعمل بالمناطق التى تسيطر عليها الدولة السورية؟ وطالما يدعمها الغرب بهذا الشكل، فلماذا لم تحصل على شرعية الأممالمتحدة؟ أسئلة كثيرة حائرة ومتنوعة تحتاج إلى إجابات قاطعة وحاسمة، حتى يتسنى للقارئ العربى وحتى الغربي، أن تتجلى له الحقيقة الناصعة. وصل إلى الأردن أمس الأول حوالى 422 من المسعفين فى جماعة "الخوذ البيضاء" السورية للدفاع المدني، تم إجلاؤهم وعائلاتهم عن طريق إسرائيل، بعد أن كانوا محاصرين بمحافظتى درعا والقنيطرة عقب موافقة بريطانيا وألمانيا وكندا على إعادة توطينهم فى الغرب خلال 3 أشهر لأسباب إنسانية. "الخوذ البيضاء" هى عناصر الدفاع المدنى فى المناطق الخاضعة للمعارضة السورية، وهم متطوعون تم ترشيحهم لجائزة نوبل للسلام فى 2016، بدأ هؤلاء المتطوعون العمل فى عام 2013، بعد تصاعد حدة النزاع الدامى الذى تسبب منذ سبع سنوات بمقتل أكثر من 350 ألف شخص وبنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. ومنذ 2014 باتوا يعرفون باسم "الخوذ البيضاء" نسبة إلى الخوذ التى يضعونها على رؤوسهم، ومعظمهم من الرجال. لكن بينهم أيضا نساء يشاركن فى عمليات الإنقاذ. ويبلغ عددهم نحو 3700 متطوع، وتعرف عليهم العالم بعدما تصدرت صورهم وسائل الإعلام وهم يبحثون بين الأنقاض عن أشخاص عالقين تحت ركام الأبنية أو يحملون أطفالا مخضبين بالدماء إلى المستشفيات. قتل أكثر من 200 عنصر منهم، خلال السنوات الأخيرة، وأصيب نحو 500 بجروح فى عمليات تمّ خلالها إنقاذ آلاف المدنيين، وتلقى عدد منهم تدريبات فى الخارج، قبل أن يعودوا إلى سوريا لتدريب زملائهم على تقنيات البحث والإنقاذ. وتتلقى منظمة "الخوذ البيضاء"، تمويلا من عدد من الحكومات بينها بريطانيا وهولندا والدنمارك وألمانيا واليابان والولايات المتحدة. وقد تم ترشيحهم لنيل جائزة "نوبل" للسلام فى 2016، لكنهم لم يحصلوا عليها. غير أنهم حصلوا فى العام ذاته على جائزة المنظمة السويدية الخاصة "رايت لايفليهود" السنوية لحقوق الإنسان، التى تعد بمثابة "نوبل بديلة"، وفى فبراير 2017، حصل فيلم وثائقى يتحدث عن عملهم على جائزة "أوسكار" لأفضل وثائقى قصير. وعلى الرغم من تأكيد مسئولى منظمة "الخوذ البيضاء"، على حياديتها واستقلاليتها وعدم ارتباطها بأى جهة سياسية أو مجموعة مسلحة، فإن هذه المنظمة تتعرض لانتقادات قاسية من النظام السورى وأنصاره، الذين يتهمونها بأنها أداة فى أيدى المانحين الدوليين والحكومات الداعمة للمعارضة السورية، وصولا إلى القول بإن إرهابيين ينضوون فى صفوفها، وانتهاء بإدانة دمشق إجلاءهم ووصفها ذلك بأنه عملية إجرامية نفذتها إسرائيل.