ما زال فى التاسعة عشرة من عمره، لكنه قدم نفسه مجددا إلى العالم من خلال الأداء الرئع الذى قاد به المنتخب الفرنسى إلى الفوز على الأرجنتين فى دور ال16 لكأس العالم 2018 فى روسيا. وسجل اللاعب الشاب كيليان مبابى هدفين فى الشوط الثانى بعدما حصل على ضربة جزاء لفريقه فى الشوط الأول ليقود المنتخب الفرنسى إلى الفوز الثمين 3/4 على نظيره الأرجنتينى فى الدور الثانى للمونديال الروسي. مبابى عمره 19 عاما و192 يوما، لكنه لعب الدور الأكبر فى اجتياز المنتخب الفرنسى لأصعب عقبة فى طريقه بالبطولة حتى الآن. وفى هذه المواجهة المثيرة على استاد «كازان آرينا» بمدينة كازان الروسية ، كان مبابى هو الفائز فى المواجهة الشخصية مع المخضرم ليونيل ميسى قائد المنتخب الأرجنتينى علما بأن كلا منهما يرتدى قميصا يحمل الرقم 10 . وكتب الدولى الإسبانى السابق ألفارو أربيلوا ، فى تغريدة على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعى عبر الانترنت : «مبابى مثل شخصية لوك سكاى ووكر (الخيالية). تعلم أنه سيفرض هيمنته على العالم إن عاجلا أو آجلا. إنه وحش». وبدأ «استعراض» هذا النجم الشاب، صاحب الوجه المبتسم وسيقان الفهد، بانطلاقة من نصف ملعب فريقه بدا فيها وكأنه العداء الجامايكى أوسين بولت أكثر منه لاعب كرة القدم الفرنسى كيليان مبابي. وأدار مبابى محرك «التربو» ولمس الكرة ست مرات فى طريقه إلى منطقة جزاء الأرجنتين قبل أن يسقطه ماركوس روخو داخل منطقة الجزاء. واستغل زميله أنطوان جريزمان ضربة الجزاء وسجل الهدف الأول للديوك فى الدقيقة 13 . وفى الشوط الثانى ، حسم مبابى اللقاء لمصلحة فريقه بهدفين متتاليين فى غضون خمس دقائق فحسب. وجاء الهدف الأول بقدمه اليسرى والثانى بقدمه اليمني. وأكد مبابى أنه لاعب شامل يجيد اللعب داخل وخارج منطقة الجزاء ويمثل كابوسا لدفاع أى منافس. وأصبح أول لاعب دون العشرين عاما يسجل ثنائية فى أى مباراة ببطولات كأس العالم منذ أن نجح الأسطورة البرازيلى بيليه فى هذا خلال مونديال 1958 بالسويد. وقال مبابى: «ما من مكان تبرز فيه مهاراتك أفضل من كأس العالم... من المثير للفخر أن أكون أول من يحقق هذا بعد بيليه. ولكن يجب وضع الأمور فى إطارها... بيليه لاعب من طراز آخر». وأصبحت المقارنات بين مبابى وبيليه هائلة فى الوقت الحالى ولكن كثيرين يرون تشابهات هائلة بينه وبين نجم برازيلى آخر هو رونالدو. وقبل شهور قليلة، قال رونالدو أحد أفضل نجوم كرة القدم عبر التاريخ عن مبابي: «يبدو مثلي». وبدا وصف رونالدو للاعب الفرنسى صائبا حيث يتمتع اللاعب بقدرات تهديفية عالية وطاقة هائلة وثقة بالنفس وسرعة فائقة مثلما كان رونالدو عندما بهر العالم خلال مسيرته مع برشلونة الإسبانى وأندية أخرى إضافة لمسيرته الرائعة مع المنتخب البرازيلي. وقال ديدييه ديشان المدير الفنى للمنتخب الفرنسى : «كيليان أسرع أيضا... لديه قدرة أكبر على تطوير مستواه. ولكنه اليوم، وفى مباراة مهمة للغاية ، أظهر موهبته». وولد مبابى فى 20 ديسمبر 1998 لأب كاميرونى وأم جزائرية فى برندى إحدى ضواحى العاصمة الفرنسية باريس وذلك بعد شهور قليلة من فوز المنتخب الفرنسى بلقبه الوحيد فى بطولات كأس العالم. وبدأ مبابى مشاركاته فى الدورى الفرنسى لكرة القدم قبل أن يكمل عامه السابع عشر. وتألق اللاعب فى موسمه الأول 2016 / 2017 مع فريق موناكو. وسجل اللاعب خمسة أهداف فى ست مباريات بدورى أبطال أوروبا ليقود موناكو إلى المربع الذهبى على عكس كل التوقعات. وبخلاف الإحصائيات ، كان هناك الشعور بأنه لاعب من طراز فريد مثل الأحجار الكريمة. وكان ريال مدريد الإسبانى على وشك التعاقد معه ولكن اللاعب توصل لاتفاق مع باريس سان جيرمان الفرنسى مقابل 185 مليون يورو ليصبح ثانى أغلى لاعب فى التاريخ وهو لا يزال فى الثامنة عشر من عمره. وقبلها، بدأ اللاعب مسيرته مع المنتخب الفرنسي. وعندما كان عمره 18 عاما وثلاثة أشهر، أصبح مبابى أصغر لاعب يرتدى قميص المنتخب الفرنسى منذ عام 1955. وفى البطولة الحالية، خاض مبابى المباريات كلاعب أساسى وسجل هدف المباراة الوحيد أمام منتخب بيرو فى المباراة الثانية من دور المجموعات ليصبح أصغر لاعب يسجل هدفا للمنتخب الفرنسى فى بطولات كأس العالم (19 عاما و183 يوما) قبل أن يدمر المنتخب الأرجنتينى اليوم. وليس من السهل على أى لاعب أن يتعامل مع هذه الشهرة والتوقعات الهائلة فى هذه السن المبكرة. ولكن مبابى نجح فى هذا الاختبار أيضا. ويرى كثيرون فى مبابى أعظم موهبة لكرة القدم الفرنسية منذ اعتزال الأسطورة زين الدين زيدان الذى كان يرتدى القميص رقم 10 أيضا مع المنتخب الفرنسي. ولكن، من وجهة النظر الكروية، يبدو اللاعبان مختلفين تماما. حيث يتمتع كل منهما بإمكانيات تختلف عن الآخر ولكنهما يتشابهان فى اللعب المتأنق والثقة بالنفس.