تحت شعار «جوهر» جرت فعاليات الدورة الثامنة لملتقى الشارقة للخط الذى نظمته دائرة الثقافة التابعة لحكومة الشارقة برعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، ويستمر على مدى شهرين متواصلين بمشاركة 227 فنانا من المتخصصين فى فنون الخط العربى والحروفيات رسما ونحتا وعلى الخزف، وغيرها من أشكال وأساليب التعبير الفني، من 33 دولة عربية وأجنبية يعرضون أكثر من 500 عمل، فضلاً عن استضافة مُحكمين ونقادٍ وضيوفِ شرف. ويعد «ملتقى الشارقة للخط» الذى يعقد كل عامين واحداً من أضخم المشروعات الدولية للخط العربي، ويهدف للتعريف بهذا الفن نظريا وعمليا وبتفريعاته ومدارسه ومذاهبه، ويربط بين معارف الأجيال به تربويا وإبداعيا للحفاظ عليه كونه تراثا حضاريا فى تاريخ البشرية ووجها من أوجه الثقافة التى تعكس الهوية العربية وثقافات العالم الإسلامي. ويضم الملتقى 200 فعالية بين معارض وندوات ومحاضرات وورش، وشمل 32 معرضا فى ساحة الخط، ومتحف الشارقة والجامعة القاسمية، وإلى جانب المعرض العام بشقيه الأصيل والمعاصر الذى شارك فيه 142 فنانا بين خطاط وتشكيلي، كما نظم الملتقى مجموعة المعارض الشخصية بعنوان «تجليات معاصرة» بمشاركة 22 فنانا ضمُّ80 عملاً بمتحفِ الشارقةِ للفنون. وشهد حفل الافتتاح فى «ساحة الخط» بقلب الشارقة الشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمى رئيس مكتب حاكم إمارة الشارقة بحضور الشيخ محمد بن صقر القاسمي، وعبد الله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، ود. عبيد سيف الهاجرى مدير المكتب الإقليمى للإسيسكو فى الشارقة، ود. رشاد سالم مدير الجامعة القاسمية ونخبة من رواد الفنون والخط العربى من مختلف دول العالم وعدد من وسائل الإعلام المحلية والعالمية. وتجول الشيخ سالم بين أروقة وأقسام المعرض العام الذى ضم عددًا من المعارض الشخصية والجماعية للفنانين والخطاطين عرضوا من خلاله تجاربهم الفنية فى مختلف أنواع الاتجاهات الخطية الحديثة والفنون، وقدموا ملامح الابتكار والتعدد التقنى والأساليب الفنية، والتجارب الخطية المعاصرة فى التشكيل. كما شهد أيضاً تكريم ثلاثة مبدعين هم : الخطاط عثمان طه الذى يلقب بعميد خطاطى المصحف الشريف، والذى أصبح كاتبًا لمصاحفِ المدينةِ النبويّة التى طُبع منها ما يزيد على مائتى مليون نسخة. والبروفيسور «مصطفى أوغور درمان» الذى ركز اهتمامَه على التطور التاريخى للفنون الخطية الأصيلة، حيث قام بتأليف خمسة وعشرين كتابًا، فى هذا المجال. والدكتورة «فينيشيا بورتر» المسئولة والقيّمة على مجموعات المقتنيات الفنية الإسلامية الخاصة بالعالم العربى وتركيا فى المتحف البريطاني، لجهودها الكبيرة فى تطوير مجموعات الفن الحديث والمعاصر فى الشرقِ الأوسط. كما كرم الفائزين فى مسابقة الملتقى والتى تمنح لمبدعى الأعمال الخطية المتفردة حيث توج محمد فاروق الحداد من سوريا بجائزة الملتقى للخط الكبري، وفاز بجائزة الاتجاه الأصيل كل من: حسن آل رضوان من المملكة العربية السعودية، ومهند جابر الساعى من سوريا، وحاكم غنام من العراق، ونال جائزة الفنون الحديثة والمعاصرة كل من: وسام ضياء الدين يونس من العراق، د. جميلة جوهر من الكويت، وعمر الجمنى من تونس، ونالت جائزة لجنة التحكيم الخاصة بالخطاط الإماراتى فاطمة سالمين. الفن العربى الأصيل وقال محمد إبراهيم القصير المنسق العام للملتقى مدير إدارة الشئون الثقافية فى دائرة الثقافة: أن الخط العربى يحظى باهتمام كبير من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، مؤكداً أن الشارقة ميدان لكل المبدعين ومتحف لروائع الخط أصيلا ومعاصرا، مشيدا بجهود الخطاطين فى إبراز جماليات الخط، مشددا على دور هذا الشكل الفنى فى الحفاظ على الموروث الثقافى العربى والإسلامي، والشارقة اليوم تجمع روائع هذا الفن باستضافة أبرز المبدعين من خلال هذا الملتقي، والذى بات بعد مرور ستة عشر عاما من انطلاقته الحدث الفنى الحاضن لأجدر التجارب الفنيِة فى الخط العربى وفى الإبداع التشكيلى المعاصر الذى يتناول الحرف ضمن مختلفِ اللغات فى العالم، مؤكداً أن الملتقى حقّقَ على مدى دوراته المتعاقبة الأهداف المرجوة منه والتى تشكل جزءا هاما من المشروع الثقافى فى الشارقة وحوارها الحضارى مع العالم. ولإلقاء الضوء على بعض التجارب الفنية التقينا عددا من الفنانين المشاركين والمكرمين فى الملتقي. وفى البداية أثنى خطاط المصحف الشريف عثمان طه على الملتقى واهتمام الشارقة وعنايتها بهذا الفن العربى الأصيل، وأشاد بالمستوى الراقى للمعارض واللوحات مؤكداً أن «الخط العربي» تخطى المحلية إلى العالمية ويعيش الآن عصره الذهبى حيث لم يعد مقصورا على العالم العربى والإسلامى فحسب، لكنه بدأ ينتشر فى البلاد الأوروبية التى بدأت الاهتمام به فى مدارسها. ثم حدثنا محمد التميمى عن تجربته فى مجال فن الخط منذ عام 1983 وتطوره عبر الثلاثين عاما الماضية إلى أن أصبح لديهم ثلاثة أجيال من الأساتذة وآلاف من التلاميذ على مستوى العالم، وأشار إلى النهضة التى صاحبت تقدم هذا الفن فى مجال الزخرفة والبحوث القيمة المنشورة بعدة لغات، وهى مؤشر جيد ينبئ بمستقبل زاهر لهذا الفن الذى تقام له الملتقيات وتخصص له الجوائز على مستوى العالم. وقالت الفنانة المغربية للا السعيدى عن معرضها الشخصى بعنوان «الحريم» والمستوحى من أعمال المستشرقين، أن أعمالها تعيد الاعتبار للمرأة الشرقية فى واقعها الحقيقي، وتفتح نافذة تاريخية على هوية المرأة وثقافتها من خلال لوحاتها الفوتوغرافية باستخدام الحناء ورسم الخط، وهى تجربة جديدة نالت الاستحسان فى معارضها التى تجولت بها فى معظم دول العالم. أما الفنانة التشكيلية الكويتية جميلة جوهر وهى الفنانة الوحيدة التى تعرض أعمالا خزفية مع الخط العربي، حيث بدأت منذ عام 2007 بمزج الأحرف العربية بصورة رمزية تجريدية مع السيراميك والخزف. قالت: إن تكريمها فى الملتقى وضعها أمام تحد حقيقى فى الفترة القادمة، ورغم أنها متذوقة للخط إلا أنها ستبدأ دراسته حتى تتمكن من تقديم أفضل ما لديها. وسيتم خلال فترة الملتقى تنظيم 136 ورشة من ضمنها ورش برنامج (كتاتيب) الذى يتضمن العديد من الفعالياتِ التى تتم فى عدد من المساجد ، 34 محاضرة،19 عرض فيديو إلى جانب الندوة الدولية «جوهر الإبداع والتلقى فى التجليات الجمالية للحرف» كما يضم الملتقى لقاءاً حوارياً بعنوان «نقاشات واتجاهات» يعرض فيها الفنانون تجاربهم ويتطرقون خلاله إلى الخط الأصيل والمعاصر.