تخطت منظمة التعاون الإسلامي والتي تعد ثاني اكبر منظمة دولية حكومية بعد منظمة الأممالمتحدة والممثل الرسمي الوحيد للمسلمين في العالم وتضم في عضويتها57 دولة إسلامية في العقد الرابع من عمرها. وفي مقر الأمانة العامة بمدينة جدة السعودية... استقبلني بمكتبه البروفيسور اكمل الدين إحسان اوغلو الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي الذي تولي منصبه منذ عام2005 وحققت المنظمة في عهده نقلة نوعية وتغييرا عما كانت عليه من قبل في مجال النشاط الإنساني علي مستوي الشعوب وليس الحكومات فحسب.. وشهدت المنظمة في عهده ايضا عملية إصلاح شاملة مكنتها من معالجة بعض تطلعات شعوب العالم الإسلامي حيث انتقل مفهوم التضامن إلي فعل ملموس بعد الإصلاح وإعادة الهيكلة التي قام بها لتصبح نموذجية بالفعل في تعزيز الوسطية والتسامح ورفض الإرهاب. في بداية اللقاء كان بالطبع اهم حدث يمكن ان نتطرق اليه هو القمة الإسلامية الاستثنائية التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمكةالمكرمة يومي26 و27 رمضان بجوار المسجد الحرام, واهم القضايا المطروحة علي هذه القمة التي سميت قمة التضامن الإسلامي بحضور رؤساء ومملوك وممثلي57 دولة. وموقف القمة من الأزمة السورية وأزمة المذابح التي يتعرض لها المسلمون في ميانمار والقضية الفلسطينية وتطوراتها بالإضافة إلي أية قضايا أخري قد يتطرق إليها وزراء الخارجية في اجتماعهم الاثنين المقبل بجدة, وإلي نص الحوار ماذا عن الأزمة السورية التي امتدت منذ أكثر من17 شهرا وخلفت الآلاف من الشهداء والمصابين والمهجرين ؟ الأزمة في سورية مؤلمة للغاية ودخلت في حلقة مفرغة من سفك الدماء وتحطيم موارد الدولة وهناك بوادر لتفتيت الوحدة الوطنية وهي مؤشرات كلها خطيرة والدافع لعقد القمة لدي خادم الحرمين الشريفين هو وضع العالم الإسلامي وزعمائه أمام مسئولياتهم تجاه إيجاد سبيل للخروج من هذا المأزق السوري الذي لا يتعلق ببلد واحد ولكن بمنطقة بأسرها. وتدهور الوضع في سوريا سيؤدي إلي عواقب غير محمودة ولن يكون أمرا سوريا فحسب ولكن سيؤثر علي دول الجوار والمنطقة بأسرها بسبب الموقع الاستراتيجي لسوريا والتركيبة السكانية السورية فهذان العاملان لهما تأثيرهما علي المنطقة والمطلوب قبل كل شيء وقف الدماء والقتل ومحاولات تقطيع أوصال سوريا التي لو قطعت فسيؤدي ذلك إلي انزلاق خطير سيؤثر علي المنطقة لان التركيبة السورية دقيقة للغاية وظلت متماسكة إلي حد ما منذ بداية الأزمة ولكن اذا تبعثرت هذه الفسيفساء فسيكون تأثيرها علي الجوار وما بعد الجوار وهذا ينذر بخطر واسع علي المنطقة, وأزمة سوريا ليست قضية تحول ديمقراطي كما حدث في تونس او مصر او اليمن ولكن القضية الأهم هي تأثير هذه الأزمة وتداعياتها علي المنطقة. ونحن نشدد علي الحل السلمي للازمة السورية لوقف القتال وسفك الدماء, ونشير هنا الي أن المساعي السلمية التي كان محورها النقاط الست للمبعوث الدولي كوفي انان لم تتحول إلي واقع وهناك مسعي جديد لإيجاد شخصية أخري دولية لها ثقلها للقيام بهذا الدور اذن الاتجاه الدولي هو الاستمرار في الحل السلمي, ولأن القمة الإسلامية هي أعلي سلطة في منظمة التعاون الإسلامي وهي المرجعية الكبيرة في اي قرار تتخذ فيه ستتناول القمة هذه القضية بأبعادها المختلفة وستأخذ في الاعتبار كل هذه العوامل قبل ان تعطي قرارها. توجيه الدعوة من الملك عبدالله بن عبد العزيز للرئيس الإيراني أحمدي نجاد لحضور القمة الإسلامية هل يعكس توجها جديدا للعمل علي حل المشكلة السورية خاصة وقوف السياسة الخارجية الإيرانية ودعمها النظام السوري وما هو تقييمك لذلك؟ سؤالك يتضمن الإجابة, وحكمة الدعوة إلي القمة أنها تهدف لجمع الشمل ومحاولة إيجاد حل يدور حول مبدأ التضامن الإسلامي والفكرة الرئيسية المحورية التي بنيت عليها المنظمة منذ إنشائها. ومنذ عام2005 القمة الثالثة بمكةالمكرمة اخذ مبدأ التضامن الإسلامي بعدا جديدا وهو طريق التفاهم وتعديل المواقف لان الإصرار علي موقف معين من اي طرف لن يؤدي إلي نتيجة ولابد من تعديل المواقف ولابد من التضحية من اجل المصلحة العامة للأمة الإسلامية وهذه حكمة جمع المنظمة للقادة في هذا الوقت وهذا المكان والجو الإيماني والعمل يتم كله في إطارها. وماذا عن العنف والقتل الذي يمارس ضد مسلمي ميانمار والمنتظر من القمة المقبلة تجاه مواجهة هذه الكارثة التي يتعرض لها المسلمون ؟ سبق أن عقدت المنظمة اجتماعين سابقين في كوالالمبور وجدة وهناك إجماع علي ضرورة مواجهة هذه المجازر, وقد وضعت منظمة التعاون الإسلامي الرأي العام أمام مسئولياته وأيضا وحدنا المنظمات تحت اتحاد خاص بمسلمي الروهينجا واتخذنا قرارا من مجلس وزراء الخارجية بالتعاون معا لمواجهة هذه الاضطرابات وتلقيت دعوة من وزير خارجية أراكان لزيارة بلاده والاضطلاع علي ما يحدث والأمر الآن محل تشاور بين الحكومات الإسلامية ولاشك في أن القمة الاستثنائية المقبلة ستناقش هذا الأمر وستتخذ من الإجراءات العملية ما يؤدي إلي حقن دماء المسلمين والحفاظ عليهم فلا يمكن ان تنعقد القمة ولا تأخذ حلولا مهمة في هذه القضية, وكما تعرف أن اجتماع اللجنة التنفيذية أوصي برفع تقرير بنتائجيالاجتماع وجهود المنظمة إلي قمة مكة الاستثنائية للنظر في وضع مسلمي الروهينيجا والخروج بقرارات لمصلحتهم, وسأعمل في الفترة المقبلة وتبعا للتوصيات علي تعيين مبعوث خاص لي في قضية مسلمي الروهينغيا, بالإضافة إلي تشكيل وفد دبلوماسي من الدول الأعضاء التي لديها تمثيل دبلوماسي في ميانمار من أجل العمل علي تحسين أوضاع المسلمين هناك, وأود أن أشير إلي أن العمل جار الآن مع الدول الأعضاء في المنظمة ومجلس الأمن علي إثارة قضية مسلمي ميانمار في المجلس كما أني بصدد السفر إلي نيويورك, وكان الاجتماع الذي عقد في كوالالمبور قد دعا جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلي توجيه اهتمامها إلي الاضطرابات الاجتماعية التي طال أمدها والتي تنذر بالخطر في ميانمار وإلي الوضع الإنساني الحالي الذي يواجهه شعب روهنجا ومجموعات أخري, وإلي القيام بأعمال ملموسة لإيجاد حل دائم لهذه الأزمة. وأنا أطالب مسئولي ميانمار بتوفير الحماية لجميع الناس دون تمييز وتأمين وصول الخدمات الأساسية بما فيها المأوي والغذاء والرعاية الطبية والمياه وخدمات الصرف الصحي, لجميع سكان البلاد. والطلب من منظمة التعاون الإسلامي, بالتعاون مع الأممالمتحدة وآسيان, السعي لدي السلطات في ميانمار لإيجاد حل دائم وعادل للاضطرابات الاجتماعية التي طال أمدها في ولاية أراكان, وفتح المجال للمنظمات الإنسانية للعمل وإنشاء صندوق خاص لإعادة اعمار وإعادة تأهيل ولاية أراكان برعاية منظمة التعاون الإسلامي وماذا عن القمة الدورية الإسلامية التي ستعقد في مصر في مطلع العام القادم وقد تم بحث هذا الموضوع خلال اللقاء بينكم وبين الرئيس محمد مرسي بالقاهرة أوائل رمضان الحالي؟ هذه القمة هي الثانية عشرة وتعقد كل ثلاث سنوات وكان المفروض عقدها في مارس العام الماضي ولكن أحداث مصر التي مرت بها دفعت إلي تأجيلها والآن وبعد استقرار الأحوال في مصر وبدء بناء النظام الدستوري ووجود حكومة مستقرة نتمني لها التوفيق فالاستعدادات قائمة, وفي لقائي مع الرئيس محمد مرسي بالقاهرة مؤخرا لاحظت اهتماما شديدا من السيد الرئيس ورغبة في عقدها في بداية العام المقبل كما لاحظت انه علي اطلاع واسع بمشكلات العالم الإسلامي وبدور المنظمة في مجابهة هذه المشاكل وطرحها.. وفي مغزي التضامن الإسلامي وأيضا لاحظت لدي الرئيس مرسي وعيا شديدا بمكانة مصر في العالم الإسلامي وبدورها التاريخي في خدمة الإسلام والمسلمين والاهتمام بقضايا العالم الإسلامي. ونحن نثق في ان الرئيس مرسي والحكومة المصرية الجديدة سيكون لهما دور ايجابي في عقد قمة ناجحة واسعة تشمل القضايا السياسية والتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي ورفع قدرات المنظمة في العمل الإنساني الذي تزداد إليه الحاجة باستمرار, واعتقد ان القمة الإسلامية ستكون فرصة سانحة للرئيس محمد مرسي لان يلتقي بإخوانه من ملوك ورؤساء الدول الإسلامية الأخري, ونحن سعداء بأن نري مصر تسترجع دورها الريادي في خدمة وقيادة العالم الإسلامي من خلال هذه القمة المهمة.- ما القضايا الأخري التي تشغل بال المنظمة خاصة في المجال الشعبي الإنساني والدول الأكثر فقرا والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعوب الإسلامية وليس القضايا السياسية فقط؟ لا نستطيع التفرقة بين كافة القضايا ولكن ما يقلقني ازدياد العنف واللجوء للقتل وعمليات الإرهاب التي وصلت إلي حد كبير للغاية ولابد من وقفة تأمل في هذا الموضوع الخطير فهو كالنار التي يمكن لشررها ان ينتقل الي أكثر من مكان فمثلا العنف في سوريا اثر في زيادة العنف في العراق وفي تركيا الآن وأيضا في لبنان ولا يمكن لنا التكهن إلي أين ستنتشر هذه الشرارات وأيضا شمال مالي: جزءا من الطوارق وهي حركة سياسية تدعي الإسلام وتريد أن تقتطع جزء من مالي باسم الإسلام وهذه الحركة إذا قدر لها النجاح في ذلك فستكون بداية لسلسلة من التداعيات السلبية علي المنطقة وليبيا, فبالرغم من انتهاء النظام السابق نري عمليات عنف وإرهاب, وأيضا نيجيريا مجموعة بوكوحرام أعمال العنف والإرهاب تتم باسم الإسلام هناك وقد تؤدي إلي نزاعات دينية لن تأتي بخير علي احد وسيكون لها تأثير خارج القارة وداخلها والعنف في أفغانستان لم ينتهي رغم مرور عشر سنوات وانتقل من إيران إلي باكستان, ويقلقني العنف والإرهاب واستخدام السلاح ضد الخصوم السياسيين, فالقضية الأساسية هي مكافحة العنف واستخدام التشدد في فهم الدين واستخدامه لتحقيق مآرب سياسية, والتنمية مهمة ولابد عندما ننظر في الفترة الأخيرة من تونس إلي ما بعد تونس نجد ان اقل الخسائر البشرية هي التي وقعت في تونس بسبب زيادة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعدم وجود فقر مدقع بها, إذن فهناك علاقة أساسية بين التطور الاجتماعي والأمني والتحول السياسي واهم شيء يجب أن نجابهه أيضا هو محاربة الفقر والقضاء علي العنف والتحول الديمقراطي ومكافحة الإرهاب ليس بالأمن فقط وإنما بالتنمية أيضا وباتباع النفس الطويل. في عهدك كسبت المنظمة الاحترام في المحافل الدولية والإسلامية نتيجة لشخصيتك الهادئة والرصينة في احتواء القضايا والعمل علي حلها وفق ميثاق المنظمة لكن هناك مشكلة تتعلق بمكافحة الفقر والتنسيق مع البنك الإسلامي للتنمية الذي يتبع المنظمة في إقامة مشروعات للتنمية في هذه الدول.. كيف يتم ذلك؟ هذا بالفعل ما حدث منذ قمة مكة التي عقدت في ديسمبر2005 فقد قدمنا خطة عشرية شملت كل هذه النواحي وأقامت صندوقا لمكافحة الفقر وبرامج للتنمية في إفريقيا ولكن النوايا الطيبة لا تكفي فقد تمت الموافقة علي تنفيذها في القمة ولكن لم تتم ترجمتها100 في المائة وعلي الرغم من أن البنك الإسلامي احدي مؤسسات منظمة التعاون الإسلامي وهو جهاز من الأجهزة المتخصصة لذلك فأتمني بالفعل ان يتم تحقيق شيء علي ارض الواقع من خلال زيادة التجارة البينية بين الدول الإسلامية ووضع مناطق للتجارة الحرة وتفعيل نظام الأفضلية التجارية الذي دخل بالفعل حيز التنفيذ مع تخفيض الرسوم الجمركية وهناك أشياء كثيرة سنقوم بها لرفع حجم التجارة والسيولة بين دول المنظمة. وفي المجال الإنساني تقدمت المنظمة في هذا المجال منذ عام2005 وقدمت العديد من مشروعات الصحة والخدمات مثل غزة وصعدة في اليمن والصومال وباكستان والسودان والنيجر والحدود الليبية المصرية أثناء ثورة ليبيا وأيضا الحدود الليبية التونسية والمساعدات الخاصة التي سيتم إدخالها إلي الشعب حاليا بالإضافة إلي المساعدات التي ستقدم للمسلمين في ميانمار عقب القمة الإسلامية بمكةالمكرمة الثلاثاء المقبل. [email protected]