ما خرجت به الإدارة الأمريكية مؤخرا بعد ما يقرب من عام ونصف من وصول ترامب الى سدة الحكم لا يزيد على لغط وحكى فلم يقدم حلا ولم ينه صراعا وإنما دعوة للمفاوضات المشروطة بإرجاء ملف القدس الشائك، وما كشفت عنه مصادر دبلوماسية غربية أن الإدارة الأمريكية بعثت إلى الرئاسة الفلسطينية بمبادرة سلام معدلة، تنص على عودة الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى إلى التفاوض على قضايا الحل النهائي، وترك ملف القدس إلى المرحلة النهائية، إلا أن مسئولا فلسطينيا أكد أن الرئيس محمود عباس رفض الصيغة المعدلة، مشدداً على أنه يرفض أى إرجاء لقضية القدس. وحسب ما تداولته الصحافة الغربية فإن الولاياتالمتحدة لم تقدم حلا او تقترح ورقة عمل او تقترب من التفاصيل الخلافية العنيفة بغير وضع شرط على الفلسطينيين ان يتجاهلوا ملف القدس مؤقتا لحين انجاز حل نهائى وأن إدارة الرئيس دونالد ترامب أبلغت الرئيس ابومازن بأنه ليس لديها أى موقف مسبق فى شأن حدود القدس، بل تترك للطرفين فرصة الاتفاق فى هذا الشأن، وجاء فى الرسالة أن «الإدارة تُدرك صعوبة الاتفاق على القدس، لذلك فإنها تفضل تأجيل فتح هذا الملف، والشروع فورا فى التفاوض على القضايا الأخرى، وبعد الاتفاق عليها يتم التفاوض على القدس. الحلول الأمريكية ماسماه الرئيس الأمريكى بصفقة القرن لحل الصراع العربى الإسرائيلى والتسريبات والتكهنات تخرج من دبلوماسيين ومراقبين وعسكريين الى وسائل إعلام تناقش وتحلل ولكن ولا ورقة رسمية تكشف ولو جزءا من صفقة القرن وبعد ان قامت الدنيا على قرار ترامب بضم القدس عاد الحديث عن مؤتمر دولى للسلام بعد ان مارست الإدارة الأمريكية كل انواع الابتزاز السياسى ضد الدول الأعضاء فى الأممالمتحدة حتى لا تخرج اى صيغة قانونية تمس قرار ترامب او تنال من تأثيره، مصادر دبلوماسية فى العاصمة الفرنسية أماطت اللثام عن بعض ما تتضمنه صفقة القرن ، بأن واشنطن تنوى عرض خطتها فى إطار «مؤتمر دولي» يعقد فى إحدى العواصم العربية وبموجب هذه الخطة، التى تناولتها الصحف الأوروبية يمكن لواشنطن وعواصم أخرى أن تعترف بدولة فلسطين، كما لا تستبعد أن تقبل بالقدسالشرقية عاصمة لها شرط أن تكون القدس القديمة تحت ولاية دولية أما بخصوص ملف اللاجئين، فإن خطة واشنطن تنص على بقائهم حيث هم مع تقديم تعويضات لهم. كما تنص على قيام دولة فلسطينية محدودة السيادة ومنزوعة السلاح وليس على حدود الرابع من يونيو 1967، بحيث سيبقى غور الأردن تحت السيطرة الإسرائيلية، وتبقى المستوطنات الكبرى مكانها مقابل نقل بعض المستوطنات الصغيرة، فى المقابل، ستعطى السلطة صلاحيات أمنية وإدارية إضافية فى المنطقتين A وB، كما أن واشنطن تخطط لجمع 40 مليار دولار للمساعدة على بناء الدولة والمؤسسات الفلسطينية، وهذا اللغط لم يخرج من الإدارة الأمريكية وإنما تناوله المتابعون سواء فى الولاياتالمتحدة او اوروبا او منطقة الشرق الأوسط فى صورة تكهنات تعمدت الإدارة الأمريكية تسريب بعضها لجس النبض ولكن الأمر يتكشف برمته فهو لا يتعدى دعوة مفتوحه للمفاوضات وبغير القدس، وحتى وان قبل بها الفلسطينيون فهى مجرد محاولة مسبوقة بعشرات المفاوضات التى تتحطم على صخرة التعنت اليمينى الإسرائيلى الذى يرى انه الطرف الأقوى بآلته العسكرية وبالدعم الأمريكى المطلق وانه غير مضطر لتقديم أى تنازلات ويرى ان الوضع الراهن من وجود سلطة حكم ذاتى تقدم له الأمن وتظل عجلة الاستيطان تلتهم الأرض هو الوضع الأمثل الذى يجب ان يحافظ عليه. رد فلسطينى رافض كان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة قد ذكر فى بيان إعلامى أن أى محاولة لترويج أفكار مشبوهة من أى جهة كانت، وتحت أى شعارات غامضة ومواقف غير نهائية، لن يكون له قيمة أو جدوى. وقالت مصادر مطلعة إن البيان الذى اتسم بالغموض، كان يهدف إلى الرد على محاولات الإدارة الأمريكية تسويق مبادرتها، وإظهار الطرف الفلسطينى بأنه يرفض محاولات التسوية ومساعى السلام. وأضاف أبو ردينة: «نقول لمن يحاول الالتفاف على مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، من خلال طرح اقتراحات أو شعارات غامضة، إن هذه المحاولات سيكون مصيرها الفشل، لأنه لن يقبلها أحد، ولن تجد تجاوباً فلسطينياً ولا عربياً». ورغم ان حديث ابوردينة يبدو واضحا من جهة ويتسم بالغموض من جهة اخرى ،حرصت الرئاسة الفلسطينية على توضيح الرفض لمبادرة الولاياتالمتحدة بشكل قاطع عبر تصريح صحفى لمسئول فلسطينى بان الرئيس ابومازن يرفض أى استثناء أو تأجيل لملف القدس من أى عملية سياسية، وأن الخطة الأمريكية لم تقدم أى حلول جدية للقضية الفلسطينية سوى ان تلقى بها على مائدة المفاوضات العبثية بما يخدم وجهة نظر إسرائيل متجاهلة شكلا ومضمونا الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى الأعزل الخاضع للاحتلال. انتهازية إسرائيل وفى محاولة منها لاستغلال الموقف قالت القناة العبرية العاشرة ان رفض الجانب الفلسطينى للطرح الأمريكى جاء من حيث الشكل ولا علاقة له بالمضمون حيث يرفض الرئيس عباس وساطة امريكا بغض النظر عما تتضمنه المبادرة. وكان الرئيس محمود عباس أعلن فى أكثر من مناسبة أنه يرفض الوساطة الأمريكية لعملية السلام مع الاحتلال عقب الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال فى السادس من ديسمبر الماضي، وقال الرئيس ابومازن فى تصريحات له فى عدة مناسبات، إن الولاياتالمتحدةالأمريكية اختارت ألا تكون وسيطا نزيها للسلام». كانت روسيا أعلنت أنها مستعدة للوساطة فى عملية السلام، وأعلنت أنها طلبت من الرئيس عباس ورئيس وزراء إسرائيل نيتانياهو عقد اجتماع فى العاصمة الروسية موسكو لبحث الوساطة. بينما جاءت تصريحات نيتانياهو خلال مؤتمر للسفراء الإسرائيليين المعتمدين فى الخارج بمقر وزراة الخارجية فى القدسالمحتلة موضحة رفضه كل الوساطات التى تطرح حالياً لعملية السلام، مؤكداً أنه لا بديل عن الوساطة الأمريكية. ويجرى ذلك فى الوقت التى تمارس فيه السلطات الإسرائيلية أبشع انواع القمع ضد المسيرات السلمية الفلسطينية التى تخرج كل يوم جمعة تحت مسمى حق العودة وفى الجمعة الأخير كان استخدام الرصاص الحى والمطاطى هو ادوات إسرائيل للتعامل مع المتظاهرين السلميين مما دفع الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابوالغيط لإصدار بيان للعالم أدان فيه استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى بحق الفلسطينيين العزل خلال خروجهم فى مسيرات سلمية فى إطار تأكيد حق العودة. وقال المتحدث الرسمى باسم الأمين العام الوزير المفوض محمود عفيفي، إن أساليب الترهيب والممارسات التعسفية التى تنتهجها سلطات الاحتلال فى التعامل مع الاحتجاجات السلمية للفلسطينيين تمثل انتهاكاً صريحاً لكل من القانون الدولى الإنساني، والقانون الدولى لحقوق الإنسان، والقرارات الدولية ذات الصِلة، مؤكدا أن على الجانب الإسرائيلى أن يتحمل المسئوليات القانونية والسياسية والأخلاقية الناتجة عن هذه الممارسات، التى أسفرت حتى الآن عن استشهاد العشرات من أبناء قطاع غزة، وإصابة المئات منذ بدأت الاحتجاجات السلمية مع نهاية آذار الماضي. وحذر عفيفى من أن الإصرار على تبنى خيار القمع والعنف فى مواجهة مطالبة أبناء الشعب الفلسطينى بحقوقهم المشروعة بشكل عام وفى التعامل مع الاحتجاجات السلمية للفلسطينيين على وجه الخصوص، يمكن أن يؤدى إلى تفجير الوضع بشكل يمتد تأثيره إلى المنطقة ككل، وأشار إلى أن الأمين العام جدد فى هذا الصدد تأكيده أن غياب أفق سياسى للتعامل مع القضية الفلسطينية خلال المرحلة الحالية يدفع بالأمور إلى المزيد من التصعيد والعنف الذى يدفع ثمنه أبناء الشعب الفلسطينى بشكل يومي، مطالبا المجتمع الدولى بالتحرك بشكل جدى وتحمل مسئولياته من أجل توفير الحماية الكاملة للفلسطينيين فى الأراضى المحتلة، ووقف الانتهاكات المتصاعدة المرتكبة بحقهم.