مَنْ هو الدكتور ابراهيم فوزى؟ وما مغزى مصطلح أستاذ متميز؟. فى السلطة التنفيذية هو وزير الصناعة الأسبق ورئيس هيئة الاستثمار الأسبق. وفى السلطة الأكاديمية هو أستاذ الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة بجامعة القاهرة. وفى السلطة الثقافية هو من أعضاء منتدى ابن رشد الذى تأسس فى عام 2001، ومن أعضاء صالون ابن رشد الذى تأسس فى عام 2017. أما مصطلح أستاذ متميز فهو لقب أكاديمى يُمنح للأستاذ عندما يكون قادراً على أن يحاضر ويؤلف خارج تخصصه. وعلى هذا النحو يمكن أن يقال عن الدكتور ابراهيم فوزى إنه أستاذ متميز فى الهندسة الميكانيكية والفيزياء النووية. أصدر كتابين خارج تخصصه أحدهما من تأليفه تحت عنوان «عبور اليم إلى ميكانيكا الكم» (2014)، والآخر من ترجمته تحت عنوان «عظماء الكم العشرة» (2018). والمقصود بميكانيكا الكم نظرية فى الفيزياء النووية كان قد أعلنها العالم الألمانى ماكس بلانك فى 17/12/ 1900 أمام عدد من العلماء فى جمعية برلين الأكاديمية للعلوم الفيزيائية ومفادها رؤية جديدة لبنية الذرة. فقد جرى العرف العلمى منذ قديم الزمان أن الذرة غير قابلة لأن تتجزأ. إلا أن هذا العرف قد توارى مع الرؤية الجديدة التى أطلق عليها ميكانيكا الكم. الميكانيكا تشير إلى كيفية السلوك، والكم يشير إلى ما هو أصغر من الذرة وهو يسير فى قفزات. وفى عام 1905 أعلن أينشتين أن الضوء يمكن أن يكون مكوناً من جسيمات وموجات فى آن واحد. وفى عام 1924 تقدم لوى دو بروى برسالة لنيل درجة الدكتوراه انتهى فيها إلى أن الضوء مكون من جسيمات وموجات. وفى مؤتمر سولفاى الخامس الذى كان مكرساً لمناقشة ميكانيكا الكم قال العالم الألمانى هيزنبرج ليس ثمة اتصالً بين الجسيمات لأنها تتحرك على هيئة قفزات وأن الانسان بأجهزته العلمية له دخل فى صياغة القانون العلمى. وبناء عليه أعلن هيزنبرج مبدأ اللايقين الذى من شأنه أن يحدث هزة فى مبدأ السببية الذى يقول بأن لكل نتيجة سبباً. وبالتالى يلزم القول باليقين. وهنا انقسم العلماء فريقين: فريق بقيادة العالم الدنماركى نيلز بور الذى يدعو إلى مبدأ اللايقين وفريق آخر بقيادة أينشتين ويدعو إلى الحتمية. والمفارقة هنا أن لوى دى بروى قد انحاز فى البداية إلى مبدأ اللايقين ولكنه فى النهاية انحاز إلى مبدأ العلية. وأظن أن هنا يكمن مغزى العنوان الفرعى للكتاب الذى ترجمه الدكتور ابراهيم فوزى وهو على النحو الآتى: قصة المعاناة والاخفاق والاحباط والنجاح فى مسيرة الابداع العلمى. وأظن أن هذا العنوان مطابق لما كان يعانيه لوى دى بروى فى ابدعاته العلمية، ولا أدل على ذلك من المعاناة الحادة التى نشأت بين أينشتين ونيلز بور على نحو ما رأيناه فى شأن مبدأ اللايقين. ولكن إذا ارتأينا أن مبدأ اللايقين مردود إلى تدخل الانسان فى صياغة القانون العلمى فإنه يكون من اللازم إعادة النظر فى مفهومنا عن العلم والقانون العلمى. والسؤال اذن: هل فى الامكان تأسيس علم وقانون علمى بمعزل عن الانسان؟ كانت حلقة فيينا التى تأسست عام 1924 قد انتهت إلى القول بوحدة العلم بمعنى رفض الايجابة عن أى أسئلة فلسفية لأن هذا النوع من الأسئلة سواء جاء من الأخلاق أو ما بعد الطبيعة أو نظرية المعرفة، إذ كل ما تهتم به هذه الحلقة هو التحليل المنطقى. وحجتها فى ذلك أن ثمة علوما قد انفصلت عن الفلسفة مثل الرياضيات وعلم الاجتماع وعلم النفس، وبالتالى يلزم أن ينفصل كل من المنطق ومنطق العلم باعتبارهما منشغلين بالتحليل المنطقى والعبارات العلمية. ومعيار الصدق هنا مردود إما إلى خلو العبارات من التناقض الداخلى وإما مطابقتها مع الوقائع الجزئية الخارجية. أما أنا فأظن أنه مادام أن الانسان بحكم تكوينه يقال عنه إنه حيوان اجتماعى أو بالأدق حيوان سياسى فعلم الفيزياء إذن يلزم أن يكون على علاقة بالسياسة، إلا أن السياسة هنا ليست بالمعنى العملى، أو بمعنى الممارسة العملية، إنما بالمعنى النظرى الذى يعنى أنه جملة العلوم الاجتماعية والانسانية التى تسهم فى تكوين الانسان السياسى أو بالأدق العالم الفيزيائى السياسى الذى يكون قابلاً لتأسيس رؤية كونية بحكم كونه انساناً كونياً، أى على علاقة بالكون. وهذه الرؤية هى رؤية فلسفية بحكم نشأة الفلسفة عند الطبيعيين الأوائل فى بداية تأسيس الفلسفة اليونانية. ومن هنا أطلقت على مجمل هذه الوحدة وحدة المعرفة بديلاً عن وحدة العلم. وفى هذا السياق عقدت أول مؤتمر دولى فلسفى فى عام 1980 تحت عنوان وحدة المعرفة. وفى هذا المؤتمر قال الفيلسوف البريطانى السير الفريد إير: أنت أكثر طموحاً من حلقة فيينا. كان طموحها وحدة العلم أما أنت فطموحك وحدة المعرفة. هذه مجرد تأملات أثرتها وأنا أكتب عن الدكتور ابراهيم فوزى الذى ألقبه بأستاذ متميز. لمزيد من مقالات ◀ د.مراد وهبة