فى تصعيد للحرب الكلامية بين وزير الخارجية البريطانى بوريس جونسون وزعيم حزب العمال المعارض جيريمى كوربين، طالب زعيم المعارضة رئيسة الوزراء تريزا ماى بإجراء تحقيق رسمى بموجب القانون الوزارى فى ما إذا كان جونسون قد «بالغ» فى مستوى الأدلة التى حصل عليها من مختبر الدفاع البريطانى «بورتون داون» حول مصدر غاز نوفيتشوك المستخدم فى الهجوم، الذى استهدف الجاسوس المزدوج سيرجى سكريبال الضابط السابق فى المخابرات الروسية، فى منطقة سالزبرى بالقرب من لندن. ويبدو أن تصريحات كوربين أثارت غضب جونسون، الذى رد بقوله إن ملاحظات زعيم حزب العمال «مؤسفة» وتخدم «الدعاية الروسية». وجدد كوربين اتهامه لوزير الخارجية ب «تضليل» الرأى العام البريطانى بشأن تورط روسيا وطالب بإجراء الحكومة تحقيقا رسميا معه، وذلك بعدما تحدث جونسون الشهر الماضى عن وجود «دليل قاطع» حول تورط موسكو فى الهجوم باستخدام غاز نوفيتشوك ضد الجاسوس الروسى المزدوج سيرجى سكريبال وابنته يوليا فى الرابع من مارس بسالزبرى فى جنوب غرب انجلترا. وهو ما تزامن مع إعادة بث مقابلة أجراها جونسون مع التليفزيون الألمانى الشهر الماضي، قال خلالها إن «الخبراء فى معمل بورتون داون كانوا «قاطعين تماما» فيما يتعلق بأن روسيا كانت مصدر غاز نوفيتشوك للأعصاب الذى استخدم ضد الجاسوس الروسى السابق. وخلال المقابلة، قال جونسون: «لقد سألت الشخص المسئول بنفسي: هل أنت متأكد؟ فرد: ليس هناك شك». لكن الخبراء فى مختبر «بورتون داون» نفوا هذه الرواية وقالوا إنهم لم يستطيعوا التحقق من مصدر غاز نوفيتشوك. وتأتى دعوة كوربين بعد محو الخارجية البريطانية لتغريدة على موقع الخارجية البريطانية فى «تويتر» تؤكد فيها أن مختبر «بورتون داون» أشار إلى أن غاز نوفيتشوك المستخدم فى الهجوم «إنتاج روسي». ولم توضح الخارجية البريطانية السبب وراء مسح التغريدة من على موقعها. وأشارت التغريدة، التى نشرت بتاريخ 22 مارس الماضى ، إلى أن «التحليلات من قبل خبراء فى مختبر العلوم الدفاعية والتكنولوجية فى بورتون داون أكدت أن غاز نوفيتشوك العسكرى أنتج فى روسيا». يأتى ذلك فى الوقت الذى يبحث فيه مجلس الأمن الدولى طلبا روسيا رسميا لإجراء تحقيق مشترك فى محاولة اغتيال الجاسوس السابق، وهو الأمر الذى تعارضه لندن. وقال السفير الروسى بالأمم المتحدة إن بلاده طلبت من مجلس الأمن عقد الاجتماع لبحث الاتهامات البريطانية لموسكو بتسميم سكريبال بغاز أعصاب. وأوضح أن الاجتماع سيعقد على أساس رسالة كانت تريزا ماى قد بعثت بها إلى المجلس فى 13 مارس وقالت فيها إنه من «المرجح للغاية» أن موسكو مسئولة عن ذلك الهجوم، وهو ما نتج عنه عقد المجلس اجتماعا فى 14 مارس بناء على طلب بريطانيا. كما دافع دومنيك راب العضو فى حزب المحافظين الحاكم ووزير الإسكان عن عدم كشف الحكومة للأدلة التى لديها ضد روسيا، موضحا فى تصريحات أمس أن بعض الأدلة المخابراتية لا يمكن إطلاع الجميع عليها. وشدد على أن الدلائل ضد روسيا قوية. يأتى ذلك فى الوقت الذى حذرت فيه روسيابريطانيا أمس من أنه لا يمكن تجاهل أسئلتها المشروعة فى ملف تسميم العميل الروسى وذلك قبل ساعات من اجتماع مجلس الأمن الدولى لمناقشة طلب موسكو ببحث الاتهامات البريطانية. ووصف وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف الاتهامات البريطانية بأنها استهزاء بالقانون الدولى والأخلاقيات الدبلوماسية والمباديء الأساسية. وأن روسيا ستواصل ضغوطها للتوصل للحقيقة. وأصر مجددا على أن بريطانيا فبركت هذه القضية ل«شيطنة» روسيا. وأضاف أن أنه تم استخدام القضية كحجة للطرد الجماعى للدبلوماسين الروس ولوى ذراعهم. وأضاف «نصر على إجراء تحقيق جوهرى ومسئول» رغم رفض لندن، ولن يكون ممكنا تجاهل الأسئلة المشروعة التى نطرحها، كما أكدت المنظمة الدولية لحظر الاسلحة الكيميائية فى الاجتماع الذى دعت اليه روسيا». وكانت روسيا قد أعلنت أمس الأول أنها فشلت فى الحصول على تأييد غالبية الدول الأعضاء فى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتنضم إلى التحقيق فى تسميم الجاسوس. وأشار إلى أن روسيا سوف ترد على أى تحركات عدائية أخرى لكن يجب أولا توضيح الحقيقة. من جانبه، أعلن ينس ستولتنبرج الأمين العام لحلف شمال الأطلنطى أن الحلف لا يريد سباق تسلح جديد مع روسيا، وسط توتر متصاعد بين موسكو والغرب على تسميم الجاسوس. وقال ستولتنبرج فى مؤتمر صحفى مشترك مع رئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو فى أوتاوا «لا نريد سباق تسلح جديد، وبالتالى نركز جهودنا على رد يكون حازما وقويا ومتوقعا، إنما كذلك معتدلا ودفاعيا». فى الوقت نفسه، غادر الدبلوماسيون الأمريكيون الذين طردتهم روسيا ردا على إجراء مماثل من واشنطن بحق 60 دبلوماسيا روسيا إثر قضية سكريبال، أمس سفارتهم فى موسكو عائدين إلى الولاياتالمتحدة.