عيار 21 يسجل هذا الرقم، أسعار الذهب اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    أسعار الأسماك في سوق المنيب بالجيزة اليوم.. «البلطي الأسواني» يبدأ من 30 جنيها    الإسكان: الاستعداد لتشغيل المرحلة الثانية من محطة مياه القاهرة الجديدة    تغيرات حادة في أسعار الحديد والأسمنت بمصر: التقلبات تعكس الوضع الاقتصادي الحالي    الإسكان: تكثيف معدلات العمل بالعلمين الجديدة لسرعة تسليم الوحدات للحاجزين    صلاح فتحى رئيسا تنفيذيًا لشركة السكر والصناعات التكاملية بوزارة التموين    اتحاد الغرف السياحية: إقبال على العمرة في شهر أكتوبر    للمرة الثانية خلال 24ساعة.. جيش الاحتلال يستهدف "اليونيفيل" ووقوع إصابات    بلينكن: واشنطن لا تزال تأمل فى تجنب نزاع أوسع بالشرق الأوسط    بعد ترشيح «أونروا» ل«نوبل للسلام».. الاحتلال يصادر مقرها في القدس    ماذا قالت كامالا هاريس عند سؤالها عن " فضائل " ترامب؟ .. "AP" تجيب    "واشنطن بوست": زيلينسكي أصبح أكثر انفتاحا على المفاوضات مع موسكو    محمد صلاح والشناوى يحفزان لاعبى المنتخب للفوز على موريتانيا الليلة    وسام أبو علي بعد الهزيمة أمام العراق: كان بإمكاننا تحقيق نتيجة أفضل    جدول مباريات اليوم.. مصر تواجه موريتانيا.. يد الأهلي في أفريقيا.. ودوري السيدات    إصابة عامل بطلق نارى فى مشاجرة بالبلينا جنوب سوهاج    القبض على 3 متهمين بالاتجار في مخدر البودر بمنطقة كرداسة    إصابة شخصين في حادث تصادم بين ميكروباص وموتوسيكل بكرداسة    «الصحة»: غلق عيادة جلدية مخالفة لاشتراطات التراخيص بمدينة نصر    مشادة كلامية.. حبس فتاة قتلت صديقتها طعنا داخل كمباوند شهير في أكتوبر    تحرير 69 محضرا تموينيا للتلاعب فى الأوزان ومخالفة الاشتراطات الصحية بالمنوفية    أرقام عن الدورة ال32 من مهرجان الموسيقى العربية قبل انطلاقها اليوم    تركي آل شيخ يستعد لتحضير مفاجأة لعمرو دياب في عيد ميلاده    خطبة الجمعة اليوم.. تتحدث عن السماحة في البيع والشراء والمعاملات    التأمين الصحى ببنى سويف تنظم برنامجا تدريبيا عن الأسس العلمية لإدارة المكاتب    بحضور وزير الأوقاف.. "القومي للمرأة" ينظم ورشة عمل للقادة الدينيين غدا    موعد مباراة هولندا والمجر والقنوات الناقلة في دوري الأمم الأوروبية    جامعة قناة السويس تنظم برنامجا تدريبيا لتعزيز السلوكيات الإيجابية والقيم الحميدة لطلاب المدارس    إعلام إسرائيلي: تقديرات أولية بإطلاق أكثر من 20 صاروخا باتجاه خليج حيفا    لغرس القيم الدينية والأخلاقية.. الأوقاف تعقد «لقاء الجمعة للأطفال» في 27 مسجدًا اليوم    الأحد.. "القومي لحقوق الإنسان" يعقد الملتقى ال17 لمنظمات المجتمع المدني    ضمن احتفالات العيد القومي.. وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة بالإسماعيلية    مريم الخشت تحتفل بزفافها على شاب من خارج الوسط الفني (صور)    صفات غير متوقعة لبرج الحوت.. اكتشف الجزء الغامض من شريك حياتك    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 11- 10- 2024 والقنوات الناقلة    النيابة تكشف آخر تطورات التحقيق مع معلمة متهمة بابتزاز الطالبات في حلوان    الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام في أوسلو اليوم    أخبار مصر: استقالة غامضة لرئيس شركة السكر، عدد السودانيين المغادرين مصر يوميا، توقع بموجة غلاء جديدة، خطة بايدن ونتنياهو لضرب إيران    تعرف على سعر الريال السعودي اليوم في البنوك    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينتي يطا وقلقيلية بالضفة الغربية المحتلة    إشادة برلمانية وارتياح شعبي بزيارة رئيس الوزراء للأقصر    دعاء يوم الجمعة مكتوب.. اغتنم ساعة الاستجابة بأفضل الأدعية لليوم المبارك وما ورد عن الرسول    اليوم.. الأوقاف تفتتح 16 مسجدًا بالمحافظات    انتشال جثة سائق لودر سقطت عليه صخور جبلية أثناء عمله في قنا    اختللاط أنساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    ميوزك أورد وجينيس وفوربس.. أبرز 20 جائزة حققها الهضبة طوال مشواره    إيمان العاصي تكشف رد فعل ماجد الكدواني بعد مشاهدة حلقات «برغم القانون»    هشام حنفي: مباراة موريتانيا في متناول منتخب مصر وتصريحات حسام حسن تثير الجدل    محمد صلاح: يجب التركيز على مواجهة موريتانيا.. وتصريحات حسام حسن غير مناسبة    عاجل - هجوم إسرائيل على إيران.. خطة بايدن ونتنياهو لضرب طهران (تفاصيل)    أوقاف شمال سيناء تنظم ندوات ضمن المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    دار الإفتاء تحذر من التحايل لاستعمال سيارات ذوي الإعاقة    هؤلاء معرضون للحبس والعزل.. تحذير عاجل من نقيب المأذونين    «راجع نفسك».. رسائل نارية من رضا عبد العال ل حسام حسن    «يخرج الحى من الميت».. إنقاذ طفل من رحم والدته بعد وفاتها في أسيوط    قراءة سورة الكهف يوم الجمعة: دروسٌ في الإيمان والثبات على الحق    وزير الصحة: إيزيس التخصصي يوفر 28 سريرًا و26 ماكينة غسيل كلوي لدعم صحة المرأة في جنوب الصعيد    أخبار × 24 ساعة.. بدء التشغيل التجريبى للمتحف المصرى الكبير الأربعاء المقبل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراق يتغير
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 03 - 2018

جرّبت الدول العربية الابتعاد عن العراق مرتين، الأولي بعد احتلال الكويت وما أحدثه هذا الزلزال من شرخ عميق في مفهوم الأمن القومي العربي، والثانية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وأتوقف عند هذا التطور لأنه ألقي بظلاله علي العلاقات العربية - العراقية حتي سنوات قليلة مضت. توجست الدول العربية من كون المعارضة السياسية التي تولت الحكم بعد سقوط صدام حسين هي معارضة إما أنها نشأت في إيران أو أنها فرت من العراق إلي إيران ومن هناك قادت معركتها ضد نظام البعث. ونفخ الاحتلال الأمريكي في منطقتنا العربية نفسا طائفيا لم تألفه من قبل، ومثل كرة الثلج راحت هذه الفتنة تتضخم إلي أن سمعنا عن التخويف من «هلال شيعي» لا بل واعتبار كل الشيعة العرب موالين لإيران.
لكن المسألة لم تكن أحادية الجانب، ابتعد العراق أيضا عن الدول العربية بقدر ابتعاد هذه الدول عنه، ولفَظَ العراق الشعارات القومية التي كان يرفعها صدام حسين مع أن المشكلة أساسا كانت تكمن في سوء التطبيق، وتسبب شعور الشيعة بالمظلومية التاريخية في قيامهم بتهميش دور السنة فيما أطلق عليه العملية السياسية، وهكذا غرق العراق بشيعته وسنته في صراع طائفي مقيت بلغ ذروته عامي 2006 و2007.
قرب انتهاء حقبة نوري المالكي بكل ممارساتها الطائفية، تجلت حقيقتان أساسيتان، الحقيقة الأولي هي أن الانسحاب العربي من العراق أدي إلي فراغ ملأه التمدد الإيراني، ولم يكن هذا مصدر قلق للدول العربية وحدها لكنه كان أيضا مصدر قلق لقطاع واسع من العراقيين، وليست مصادفة أن تخرج مظاهرات ضخمة تندد بالنفوذ الإيراني داخل العراق في واحدة من أهم معاقله أي في محافظة البصرة. والحقيقة الثانية هي ظهور مشروع «داعش» الذي تغذي علي شعور سنة العراق بالمظلومية ودعمته أدوار خارجية مختلفة، وتحول التنظيم الناشئ في لمح البصر إلي تهديد خطير لكل المنطقة، فدولة الخلافة المزعومة لا تعترف بالحدود السياسية. وتسببت الحقيقتان السابقتان في دخول العراق والدول العربية في عملية مراجعة لسياسة كل طرف حيال الآخر.
بطبيعة الحال لم يأتِ التقارب العراقي - العربي متزامنا فدرجة التعقيد في علاقة العراق بكل الأطراف العربية لم تكن واحدة، ومن هنا فإن تطور العلاقة مع مصر أو الإمارات أو الأردن أو حتي الكويت كان أسلس من تطور العلاقة مع السعودية، ببساطة لأن عقدة العلاقات السعودية -الإيرانية كانت تعطل تحسن العلاقات السعودية -العراقية. وهكذا شهدت سنوات حكم حيدر العبادي العديد من الزيارات الخارجية من أرفع المسئولين العراقيين لعواصم هذه الدول والعكس صحيح، وتم اتخاذ خطوات مهمة لتفعيل التعاون العراقي - العربي المشترك في مختلف المجالات وخصوصا في المجالين الاقتصادي والتجاري. وبين الحين والآخر كانت تتسبب بعض القضايا في تعكير هذه العلاقات من قبيل وضع آل صدام حسين في الأردن، أو بعض المناكفات بشأن الحدود مع الكويت، أو تأشيرات دخول العراقيين إلي مصر، أو تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، لكن كاتجاه عام كان هناك تطور ملموس.
أما المفارقة فهي أن الانفراجة الحقيقية في العلاقات السعودية - العراقية التي بدأت مع زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مطلع العام الماضي أعطت دفعة لهذه العلاقات فاقت كثيرا ما تحقق علي مستوي العلاقات العراقية بالدول العربية الأخري. ففي غضون عام واحد تم تبادل السفراء، وفتح معبر عرعر البري ببن البلدين ، وإعادة تشغيل خط الطيران، وتأسيس مجلس للتنسيق السعودي - العراقي بأهداف طموحة في مجالات الاستثمار والربط الكهربائي وتبادل الخبرات البحثية، وصولا إلي مباراة كرة القدم الودية بين المنتخبين السعودي والعراقي في البصرة واستقبال الفريق السعودي بحفاوة بالغة. أما الأكثر أهمية فهي الزيارة المرتقبة لولي عهد السعودية محمد بن سلمان إلي العراق، والتي سيزور خلالها مكتب المرجع العراقي الشيعي الأعلي السيد علي السيستاني في النجف الأشرف، وهذا يعني مقاربة سعودية جديدة للعلاقة مع العراق وموقفا جديدا من قضية الشيعة برمتها.
مثل هذا الانفتاح في العلاقات السعودية - العراقية مطلوب ومحمود ومبشر، لكنه دون حل العقدة الإيرانية - السعودية لن يستقر، فإيران لها مصالحها في العراق وستدافع عنها ما بقيت لعبة شد الحبل الإقليمية. ولقد عبر السيد عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة بكل وضوح عن هذا المعني في الاحتفال بيوم الشهيد الأسبوع الماضي حين قال «إن مشاكل المنطقة بشكل عام، والعراق علي وجه الخصوص، لا يمكن حلها ما لم يكن هناك حوار بنّاء بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، وأن يكون هذا الحوار بلا شروط مسبّقة من الطرفين علي أحدهما». وتقدم الحكيم بمبادرة جوهرها أن يرعي العراق حوارا سعوديا - إيرانيا بالتنسيق مع كل من مصر وتركيا، وهذه المبادرة قابلة للتطوير فقد لا يكون من المصلحة إقحام تركيا في العلاقات العربية - الإيرانية إلا إن كان المقصود هو حوارا إقليميا موسعا حول قضايا المنطقة، وهذا قد يأتي في مرحلة لاحقة.
إن كل حضور عربي في العراق هو دعم لعروبته التي يفرضها التاريخ والجغرافيا والثقافة، لكن هذا الحضور له أعداؤه لا شك في ذلك، وهنا أسوق واقعة بالغة الدلالة علي محاولة وقف تطور العلاقات السعودية - العراقية، فعندما شاع نبأ الزيارة المقبلة التي سيقوم بها ولي العهد محمد بن سلمان لمكتب السيد السيستاني ظهرت تغريدة منسوبة لمكتب السيد تعرب عن رفض استقباله، فما كان من المكتب إلا أن أصدر بيانا ينفي فيه صحة التغريدة، ويؤكد ترحيبه بضيوف الدولة العراقية. ويذكرنا ذلك بالشائعة التي انتشرت عن إقالة عادل الجبير وزير خارجية السعودية بعد زيارته بغداد في فبراير 2017 ثم سرعان ما تم تكذيبها، أي أن الاشتغال علي تخريب العلاقات يجري علي الساحتين معا، ومنع ذاك يحتاج إلي أعلي درجات الحذر، ويحتاج أيضا للتفكير في مبادرة الحكيم وفتح النقاش حولها، أما لغة التهديد المتبادلة بين السعودية وإيران ودخول إسرائيل علي الخط فلن يتسببا إلا في صبّ الزيت علي النار في عموم المنطقة.
لمزيد من مقالات د. نيفين مسعد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.