أكثر ما يثير التأمل فى اختيار د. لورانس باكو رئيسا جديدا لجامعة هارفارد العريقة، بدءا من العام الأكاديمى المقبل، هو الدور الذى تريد الجامعة أن يؤديه، والمواصفات التى رأت أنها تُمكَّنه من أدائه. جاء فى بيان أصدره بعض أساتذة الجامعة أن باكو ملم بالفرص المتاحة لديها، والتحديات التى تواجهها، وأنه سيضيف إليها من خبرته العريضة وعلمه العميق ومعرفته الواسعة، وهذا كلام يمكن أن يبدو روتينيا فى مثل هذه الحالة. فمن الطبيعى أن يشيد من انتخبوا شخصا لأداء مهمة معنية به. ولكن المهم هو ارتباط هذه المواصفات بالدور الذى ينتظرونه منه، كما ورد فى البيان نفسه، وهو الالتزام بمساعدة كل فرد داخل الجامعة، ومعاونة الجامعات الأخرى، وخدمة العالم فى مجمله. ربما يرى كثيرون أن هذا دور يتجاوز وظيفة رئيس جامعة. ولكن الجامعات الكبيرة فى الوقت الراهن تقوم بدور يتجاوز مهمتها المباشرة، وهى الارتقاء بمستوى التعليم فيها، وتؤدى مهاما أوسع فى البلاد التى توجد فيها، كما فى العالم بوجه عام. وإذا كان هذا دور الجامعات العريقة، فمن الطبيعى أن يكون طموح جامعة هارفارد لأدائه أكبر من غيرها، وهى التى يقترب عمرها من أربعة قرون، حيث أُنشئت عام 1636. وتنطوى الإحصاءات الأخيرة المتاحة من هذه الجامعة على دلالة ينبغى تأملها، وهى ارتفاع نسبة عدد الأساتذة إلى الطلاب. كان باكو ذات يوم أحد طلاب هذه الجامعة التى تخرج فيها، ثم عاد إليها فى كلية كينيدى للحكم، التى تعد إحدى أهم كليات العلوم السياسية فى العالم، (أُنشئت عام 1936)، قبل أن يُنتخب رئيساً للجامعة التى تتولى رئاستها الآن، وحتى نهاية يونيو القادم، د. دريو جلين فاوست0 وهى أول امرأة ترأس هذه الجامعة العريقة.ويثير التأمل أيضا فى هذا الموضوع أن العملية الانتخابية المعقدة التى جاءت برئيس جامعة هارفارد الجديد، وشملت أعدادا كبيرة من الطلاب والخريجين والأساتذة وتضمنت ترشيح مئات لهذا المنصب، لم تحل دون اختيار الشخص المناسب الذى يؤهله سجله لأداء دور كبير مطلوب منه. فقد عُرف باكو باهتمامه المستمر بمساعدة الطلاب، والتعاون مع الجميع فى الجامعات والمعاهد التى عمل فيها، والإصرار على معايير موضوعية توفر فرصاً متساوية للجميع. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد