«نقطة نور في أقصى جنوب مصر.. بهذه الكلمات وصفت وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم في كلمتها مهرجان أسوان لأفلام المرأة في دورته الثانية، وإذا كان هذا تعبيرا عن ثقتها به، فإن إدارة المهرجان استطاعت تقديم دورة ناجحة ورغم حاجته الي الاستعانة بشركاء في التنظيم حيث شابت هناك أخطاء في العروض ومشكلات تقنية و لكن رغم ذلك حملت الدورة الثانية آمالا في ان يحجز المهرجان مكانه وسط المهرجانات المصرية التى لها مكانتها المتفردة بفضل اقامته في مدينة اسوان التى تكفى آثارها وحضارتها ان تحتضن عشرات الفعاليات والمهرجانات. فمنذ اللحظة الأولي لبدء الفعاليات تجد الحماسة عنوانا لإنجاح المهرجان، فكل من حضر من نجوم وسينمائيين ونقاد وإعلاميين ذهب الي اسوان ليشهد مباشرة بناء اللبنات الاولي للمهرجان في دورته الثانية وكيف سيكون مستواها. انفرد المهرجان بإعلانه مبكرا عن اختيار اسم المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد لتكريمها مما منحه تميزا كبيرا لم يستطع سواه أن يقوم به، وهذا ساهم في اعطاء روح التوجه العربي والتقارب لذي نحن الآن ودائما في حاجة له. كما حمل اختيار النجمة مني زكي لتكريمها كثيرا من الإشارات لما تتمتع به من حب كبير ليس فقط لدي الجمهور وإنما بين نجمات مصر، وكأنهم أرادوا تأكيد أحقيه مني في التكريم، وحيث يشعر الحضور أن النجمات أعلن انتخاب مني زكي نجمة الجيل، وهو أمر يدعو للبهجة لانه يؤكد صفاء القلوب ، وصفق لها الجميع باحساس الوفاء لتميزها والدعم والمساندة. وقد كانت الزميلة الناقدة انتصار دردير موفقة في اختيار عنوان دراستها عن مني زكي بوصفها «ألفة جيلها» لما تميزت به من أعمال جعل اسمها علامة ومدرسة في فن الأداء. كما كان لوجود نجم في قيمة وتاريخ داني جلوفر ما يسمي »مميز المحب لمصر وشعبها« وهو ما أعطي للمهرجان انفرادا في جذب النجوم الاجانب ندوات وأفلام شهدت فعاليات مهرجان اسوان. عددا من الندوات، فعقدت ندوة بعنوان «المرأة فى أفلام يوسف شاهين» وادارها المخرج شريف مندور وقال إن المخرج الراحل الكبير تمرد علي النموذجين اللذين دأبت السينما المصرية علي تقديمهما للمرأة وهما الطيبة الحنون والمتسلطة، حيث خرج شاهين عن ذلك تماما. وقالت الدكتورة سامية حبيب إن شاهين قدم المرأة بشكل مختلف منذ أكثر من نصف قرن، ومنذ أول أفلامه «بابا شاهين» وحتي آخر أفلامه «هي فوضي» ونلتمس خلال رحلته الابداعية التي دامت نحو ستين عاما نلمس تطورات لصورة المرأة كأم وزوجة بعدما كان من المعتاد تقديمها بصورة ميلودرامية بائسة . وتوقفت الدكتورة سامية حبيب عند فيلم جميلة بو حيرد موجهة التحية لروح يوسف شاهين، وللفنانة ماجدة الصباحى لأنهما صنعا فيلما لايمكن تكراره، حيث كان سببا فى ايصال القضية إلى العالم. وحيث كان من جماليات الفيلم أنه لم يقدم بطولة جميلة فقط كمناضلة، بل قدم أيضا نماذج أخري للنساء الجزائريات ونضالهن. كما قدم الناقد اللبناني إبراهيم العريس محاضرة (المرأة مستقبل السينما العربية) وأشاد بدور السينمائيات العرب فى قدرتهن على الغوص فى القضايا المجتمعية الصغيرة، والمشكلات الحقيقية التى تواجه الإنسان، وأشار العريس إلى أن عدد صانعات السينما فى الوطن العربى ليس كبيرا مقارنة بالذكور منذ بدايات السينما، مستشهدا بجملة طلعت حرب لعزيزة أمير، والتى تعد أول سيدة مصرية تعمل في مجال الإخراج السينمائى فى مصر، حيث قال لها (فعلت ماعجز الرجال عن فعله) وهى الجملة التى يمكن تكرارها حاليا، حيث استطاعت المخرجات العربيات حاليا، أمثال، نرجس نجار، وكوثر بن هنية، وكاملة أبو ذكرى، وهالة خليل، وساندرا نشأت، وغيرن الكثيرات، فى تحقيق ماعجز الرجال عن تحقيقه، خاصة مع عدم توافر الامكانيات دائما لهن لإنتاج أفلامهمن بحرية. كما عقدت ندوة بعنوان (صورة المرأة فى السينما) وأشادت ماجدة موريس بالأفلام التي قد عبرت عن قضايا المرأة. ومن جانبه قال ياقوت الديب إن وجود مهرجان يحمل اسم المرأة فى صعيد مصر هو فى حد ذاته تكريم كبير لها، مشيرا إلى أن السينما المصرية تحتوى على كثير من النماذج التى لها دور كبير فى مناصرة المرأة. وتحدثت الإعلامية نادية بو شمبة عن موضوع تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء فى مجالات الفنون، والثقافة، حيث يكرس الواقع مبدأ عدم التكافؤ بشكل يثير القلق، فى حين أن معاهد، ومدارس التكوين الفنى معظمها بنات، كما انتقدت بو شمبة غياب المرأة عن المهن التقنية والفنية فى السينما، كالإضاءة، والتصوير، والمونتاج، مشيرة إلى أنه لابد من إتاحة الفرصة وفتح المجالات التى ظلت لسنوات حكرا على الرجال. ونظم المهرجان ندوة عن الناقد الراحل سمير فريد وقد، تحدث من على المنصة الدكتور خالد عبد الجليل، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، ورئيس المركز القومى للسينما، والناقد إبراهيم العريس، والباحث السينمائى المغربى عبد الرازق الزاهر. وقال عبد الجليل إن سمير فريد يمثل حالة من التوهج على مدى نصف قرن، حيث كان لديه رغبة جارفة فى احتواء كل المشاريع السينمائية وقد أكد العريس أن سمير فريد كان خير نصير لسينما المرأة، فى العالم العربى كله، بل أحيانا كان يتجاوز القيمة الفنية لبعض من يدعمهم لمجرد أنهن نساء. داني جلوفر في كل مكان. وعقدت إدارة المهرجان موتمرا صحفيا للنجم العالمى دانى جلوفر ، بحضور زوجته إليان، وأدار النقاش شريف عوض، مسئول العلاقات الخارجية بالمهرجان. وجه جلوفر الشكر لإدارة المهرجان لدعوته إلى أسوان، كما عبر عن سعادته بوجود زوجته إلى جواره فى جميع جولاته ولاسيما فى مؤتمر يناقش قضايا المرأة خاصة أن الجميع هناك يرى أن زوجته تشبه الملكة حتشبسوت كثيرا، كما عبر عن سعادته بلقاء المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد. وعن دور المرأة فى السينما بشكل عام، والتعامل معها كعنصر استهلاكى قال، أن المرأة تلعب دورا مهما فى السينما سواء أمام الكاميرا، أو خلف الكاميرا، وتلك النظرة بدأت تتغير كثيرا، حيث يشهد الأوسكار الأسبوع المقبل ترشيحا لفيلم (شكل المياه) الذى تلعب بطولته سيدة، ومن ضمن الترشيحات أيضا ترشيح سيدة لجائزة أحسن تصوير، كما أن وجود مهرجان مخصص لسينما المرأة فى مصر خير دليل على الاهتمام بالمرأة. وبسؤاله عن العنصرية التى واجهها كونه أحد النجوم من أصحاب البشرة السمراء، قال، إن هناك نوعا من التميز ضد الملونين على مر العصور، وان سبب ذلك يعود إلى القائمين على صناعة السينما أنفسهم. وعن إتقانه لأدوار الشر رغم طبيعته الهادئة، قال إنه لايحكم على الشخصية التى يؤديها، وينظر إليها بمنظور إنسانى، يبحث من خلاله عن طريقة أداء الشخصية، وتطورها، مما يجعله يؤدى أدواره بشكل سليم، كما أنه يحتفظ بروح الطفل بداخله، ويسعد كثيرا عندما يجد أن الأطفال تشاهد أفلامه، وتتذكره. كما شارك جلوفر في حفل توزيع جوائز الورش الفنية وقد أعلن عبد الجليل خلال الحفل عن دعمه لطلاب الورش ، وذلك من خلال مجموعة من المشروعات التي سيتم تقديمها بالتعاون بين المركز وطلاب الورش. والدعم الذي سيمنح للمشاركين في ورشة الإخراج سيكون عبارة عن فيلم سيتم دعمه من المركز القومي للسينما سواء كان سيتم تنفيذه في القاهرة أو أسوان. كما أكد رئيس المركز القومي أنه بالنسبة لورشة السيناريو التي أشرف عليها السيناريست ناصر عبد الرحمن سوف يقوم باختيار سيناريو فيلم يقوم بتنفيذه كما هو وبرؤية صاحبه أيضًا، وبالنسبة لورشة الرسوم المتحركة سيتم اختيار مشروع صغير قليل التكلفة على أن يقوم المركز بدعمه بكل الإمكانات لتنفيذه. واستمرارا لدعم المشاركين بالورش، أكد خالد عبد الجليل أن هناك اتفاقا عقدته إدارة مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والمركز القومي للسينما حيث يتم اختيار ولد وبنت من كل ورشة ليكونوا ضيوف شرف الدورة المقبلة للمهرجان والتي ستقام في إبريل المقبل. ومن جانبه، أعرب السيناريست ناصر عبد الرحمن عن سعادته بالمشاركين معه بالورشة في أسوان واصفًا إياهم بأنهم لا يقلون موهبة عن أي محافظة أخرى.