في محاولة اعادة اسم الكاتب الكبير الراحل نجيب سرور إلي واجهات مسارحنا كانت مسرحيةملك الشحاتين التي شاهدتها لك هذا الاسبوع بمسرح السلام . وإذا قلنا مسرح السلام فمعناه أن الفرقة التي تعرض المسرحية هي فرقة المسرح الحديث، وإذا قلت محاولة لإعادة اسم الكاتب الراحل نجيب سرور فذلك لأنه أثري المسرح بالعديد من الأعمال المتميزة, خاصة أنه لم يكن يكتب إلا للمسرح فقط. وكان من بين أعماله أوبريت ملك الشحاتين التي كتبها كأوبريت وقدمها بالفعل المخرج الكبير جلال الشرقاوي كأوبريت علي مسرح البالون وبالطبع منذ سنوات عديدة. حاليا فرقة المسرح الحديث تقدم ملك الشحاتين ولكن كمسرحية غنائية استعراضية وليس كأوبريت والمعروف أن الأوبريت هو عمل درامي يقوم أساسا علي الغناء الاستعراضي والموسيقي وبالطبع يتخلله الجمل الحوارية. هنا المسرح الحديث لا يقدم العمل كأوبريت ولكن كعمل غنائي استعراضي وإن كنا لا نطلق عليه أوبريت لكنه يقترب إلي حد ما من الأوبريت.. فقط هنا النص يأخذ وضعه الكامل إلي جانب الموسيقي وهي هنا لصلاح الشرنوبي وبعض الأغاني والاستعراضات. وهنا يجب أن أنوه إلي أن الأغاني هي نفس الأغاني التي كتبها نجيب سرور عن أشعاره وليست أشعارا جديدة. فماذا عن ملك الشحاتين كمسرحية غنائية استعراضية؟ الإخراج تولاه محمد الخولي الذي قدم رؤية نجيب سرور عن هذه الفئات التي تسكن قاع المجتمع فلدينا مجموعة الشحاتين وهي تلك التي يتزعمها ما يطلقون عليه الملك فهو بالفعل ملك هذه المجموعة من المتسولين الذين يحدد أماكن وجودهم وفي النهاية يحصل منهم علي ما جاد به الكرماء من أموال ليحصل بالطبع علي النصيب الأكبر وللمتسول بعض من هذا المبلغ. ولكن هذا نظير أن يرعاهم بمعني أن يعلمهم أصول المهنة وماذا يرتدون وأيضا يحميهم من الجماعات الأخري أو المتسولين الذين لا يتبعونه. أمامهم.. أي أمام هذه المجموعة هنا مملكة الحرامية وهي أيضا مملكة يحكمها شخص تمرس في السرقة أبو مطوه ليصل إلي قائد لهذه المجموعة ويتحرك النص إلي تصادم المجموعتين عندما اعتدي الحرامية علي الشحاتين ليحصلوا علي ما معهم من نقود. هنا يواجه ملك الشحاتين أبو عطوة.. ملك الحرامية ولكن باعتبار اننا في زمن الأربعينيات والتي هي زمن هذا النص.. يلجأ كل من ملك الحرامية أبومطوة وملك الشحاتين إلي القوي الكبري ممثلة في الضابط الكبير الانجليزي الذي يحاول كل من هذين الملكين أن يقوم بكل الجرائم معتمدا علي رشوة هذا الضابط حتي ينتهي الأمر بالملكين داخل السجن وهنا إما الصلح وإما أن يكونا جهة واحدة ضد من.. ضد الاستعمار. نص لا يخلو من كوميديا وأيضا لا يخلو بالطبع من فلسفة نجيب سرور واجتهاده الذي يمكن أن ينصرف علي كل الأوقات وكل الأزمان. فالكتلتان لا تجد أمامها في النهاية إلا الاتفاق. فماذا عن المخرج محمد الخولي؟ قدم رؤية نجيب سرور تقريبا كما هي مستعينا باستعراضات ذات حركة جديدة إلي حد ما لحسن إبراهيم ولعل ما برز فيها هو الملابس التي لم يبخل العرض عليها فكانت متعة الفرجة موجودة بإستمرار وهي لهدي السجيني. معنا أيضا الغناء الذي أدته البطلة ابنة ملك الشحاتين وكانت إلي جانب الغناء راقصة أيضا ذات قدرات جيدة علي أداء الاستعراض بالاضافة طبعا لدورها في الأداء التمثيلي بمعني أنه كانت لدينا ابنة ملك الشحاتين لقاء سويدان فنانة شاملة. معنا أيضا ملك الشحاتين يغني وأيضا ملك الحرامية يغني وكانت الأغنيات بديعة لأشعار نجيب سرور. حركة الممثلين كانت جيدة ملأت المسرح حيوية إلي حد كبير وكانت الديكورات أيضا جيدة لأكثر من مشهد داخل العمل. فماذا عن الأبطال؟ لدينا ملك الشحاتين محمود الجندي الذي يبدأ به العرض مقدما نفسه بطريقة جديدة ثم تظهر لنا زوجته نجوي فؤاد وهي مخمورة في حوار معه يؤكد لنا البيئة المتردية خلقا وفعلا لهذه الأسرة التي أنجبت الإبنة التي لا تختلف عن هذه البيئة وهي لقاء سويدان. أمامهم ملك الحرامية سامي العدل صاحب الصوت العريض الذي لا يمتلكه الكثيرون والذي يطلق عليه في علم الأصوات باص بسهولة وأيضا سلاسة قدم لنا دوره كملك الحرامية المزواج الذي لا يتورع عن أي فعل مهما كان وضيعا. معنا أيضا الزوجة أو إحدي زوجات ملك الحرامية نجاح حسن التي تتحرك وراءه في محاولة لاعاقة ارتباطه بزوجة أخري وبالطبع دون جدوي. حقيقة استطاع المسرح.. مسرح الدولة أن يحشد عددا من النجوم في هذا العمل وهو أمر لا اعتقد أنه أصبح سهلا خاصة في الوقت الحالي. محمود الجندي واحد من نجوم المسرح الذي أعتز بما قاله لي بأنه يشارك في هذا العمل من أجل اسم نجيب سرور. أيضا سامي العدل الذي حصل منذ سنوات علي الجائزة الأولي في التمثيل بإحدي دورات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والذي اعتبره أنا شخصيا نجما مسرحيا أكثر منه سينمائيا برغم اننا نشاهده باستمرار علي شاشة السينما وليس المسرح. لقاء سويدان شاهدت صعودها المسرحي منذ فترة بالمسرح القومي وكانت هنا في هذا العمل قد اكتملت أمامي كفنانة شاملة وكانت نجوي فؤاد بتاريخها الاستعراضي الطويل في دور أمها لأستشعر بوجودها كنجمة مجتهدة دوما. ومعهم ريكو وأيضا منير مكرم أتحدث مع هشام جمعة رئيس مسرح السلام ليؤكد لي أن وراء هذا العمل جهدا خاصا من رئيس البيت الفني الذي استقال توفيق عبد الحميد.