عندما أطلقت (الأهرام) بالتعاون مع الدكتورة جهاد عامر نائبة رئيس الاتحاد العربى لإعداد القيادات الشبابية سلسلة ندوات (الشباب.. وبناء الدولة)، كان الهدف الأساسى من تلك الندوات حسبما أعلن علاء ثابت رئيس التحرير هو إتاحة الفرصة للاستماع لرؤى الشباب وأفكارهم، ومن ثم تتوالد الأفكار للتعامل الأمثل والعملى مع المشكلات التى تواجهها الدولة والمجتمع، ودون أفكار وتصورات الشباب فإننا نهدر الطاقات والأفكار الجديرة باختصار الطريق فى وقت لا تمتلك فيه مصر رفاهة استنزاف الوقت. واليوم تبدأ هذه الندوات مرحلة جديدة بالانتقال إلى الشباب فى مواقع التجمعات الجماهيرية، لاستمرار التواصل معهم، وتبدأ بواحدة من كبرى الجامعات الإقليمية وهي جامعة المنصورة، وبمشاركة كبار المسئولين والسياسيين والمفكرين، فى خطوة مهمة تعكس اهتمام الدولة المتزايد بالشباب وقضاياهم، ودور الإعلام بهذا الصدد. وفى هذا السياق فإن هناك قضية أخرى تحتاج إلى اهتمام كبير، وهى قضية إعلام الطفل، وهى مشكلة كبيرة لأن هذا الإعلام هو الذي يصيغ وجدان أطفالنا.. شباب المستقبل، ويحتاج الأمر إلى التعامل بشكل علمى مع هذه القضية الخطيرة. وقد سعدت بسعى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة مكرم محمد أحمد للقيام بدوره المفترض فى هذا الموضوع، وذلك عبر التعاون مع منظمة اليونسيف، وتابعت لقاء عبد الفتاح الجبالى وكيل أول المجلس الأسبوع الماضى مع بكتى استرنجل المدير التنفيذي لليونسيف في مصر والشرق الأوسط، والذى ناقش مدونة السلوك المهنى للأطفال المصريين وتوسيع نطاق استخدام الإعلام فى تمكين الأطفال فى المجتمع، خاصة الأطفال الأقل حظاً (المحرومين) وذوى الاحتياجات الخاصة. وكذلك ما يتعلق بتعزيز التوجهات الثقافية والاجتماعية ووضع الأولويات للأفراد والمجتمعات لتنمية الطفولة المبكرة وصحة وتغذية الأطفال وتأمين الأطفال وحمايتهم فى وسائل الإعلام وشبكة الإنترنت من العنف والاستغلال. وطبقا للبيان الصادر عن المجلس فإن اللقاء بحث أيضا مجالات التعاون بين الطرفين فيما يتعلق بمدونة السلوك المهنى لحماية حقوق الطفل فى مختلف وسائل الإعلام ودعم وتعزيز قدرات الإعلاميين والصحفيين لصقل مهاراتهم الصحفية والإعلامية لتطوير المحتوى الإعلامى المسئول عن حقوق الأطفال والمراهقين ودعم بحوث رصد وتقييم الإعلام المرتبطة بقضايا الأسرة والطفل، ومنح الإعلاميين إمكان الوصول لمصادر معلومات ثرية ومتنوعة وموثقة فى كل المجالات الخاصة بالأطفال. ونظرا لأهمية وخطورة قضية إعلام الطفل، فإن هناك مشروعا فى غاية الأهمية يستطيع أن يحقق الهدف الذى يسعى إليه المجلس الأعلى للإعلام وهو مشروع (المرصد الإعلامي لحقوق الطفل العربى)، الذى يقوم به المجلس العربي للطفولة والتنمية وأمينه العام الدكتور حسن البيلاوى، بالشراكة مع كل من إدارة المرأة والأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية وبرنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند)، بهدف توفير آلية لرصد ومتابعة وتحليل ما ينشر عن حقوق الطفل، بغية الارتقاء بالأداء الإعلامي العربي تجاه قضايا تنشئة وحقوق الطفل، بالتعاون والتنسيق مع وسائل الإعلام وغيرها من المؤسسات التنموية. وكان المجلس العربي للطفولة والتنمية - في إطار تنفيذ مكونات المرصد الإعلامي لحقوق الطفل وبالتعاون مع شركائه - قد أعد المبادئ المهنية لمعالجة الإعلام العربي قضايا حقوق الطفل التي أقرت من مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب عام 2016، كما تم اعتمادها من قبل مجلس وزراء الإعلام العرب العام الماضى، والذي أقر تعميمها على وزارات الإعلام والجهات المعنية في الإعلام في الدول العربية للاسترشاد بها وإدراجها ضمن مواثيق الشرف الإعلامية المعتمدة من قبل مجلس وزراء الإعلام العرب. وأعلنت كل من مؤسسة الأهرام باعتبارها أعرق وأضخم مؤسسة صحفية عربية في أكتوبر 2016- ومؤسسة الشارقة للإعلام في نوفمبر 2017 بأنهما مؤسستان صديقتان للطفولة، وملتزمتان بتطبيق هذه المبادئ المهنية. وجاء قرار اعتماد مجلس وزراء الإعلام العرب للمبادئ المهنية تتويجاً لسلسلة من الجهود التي بذلها المجلس العربي للطفولة والتنمية بالشراكة مع جامعة الدول العربية وأجفند للتوافق والتدريب على المبادئ من خلال سلسلة من ورش العمل مع الإعلاميين العرب التي نفذت في كل من الأردن والإمارات والسعودية والسودان ومصر. وقد أعلن المجلس العربي للطفولة والتنمية قيامه هذا العام بعقد سلسلة ورش تدريبية مع الإعلاميين، لإحداث المزيد من التوافق لتطبيق هذه المبادئ وبما يسهم في تنمية قدرات الإعلاميين في نشر ثقافة حقوق الطفل، وليكون أداة معينة في إعداد الدراسات والأبحاث وإصدار تقارير دورية لتقييم الأداء الإعلامي وصولاً إلى إعلام صديق للطفولة. إن التعاون بين المجلس الأعلى للإعلام والمجلس العربي للطفولة والتنمية هو البداية الحقيقية والضرورية لتصويب مسار إعلام الطفل والتعامل معه على أسس علمية، فى ظل التحديات الخطيرة التى تمر بها المجتمعات العربية الآن.
كلمات: ليس من العدل أن تطلب من الآخرين ما لست أنت مستعدا لفعله إلينور روزفلت لمزيد من مقالات ◀ فتحى محمود