من يقرأ بتمعن تاريخ العلاقات بين جمهورية مصر العربية وسلطنة عمان سوف يكتشف أربعة قواسم مشتركة رئيسية راسخة ضمن عشرات القواسم المشتركة الأخري. وعلى رأس تلك القواسم أنها علاقات ضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ، وذلك بسبب عراقة الدولتين اللتين يعود تاريخهما إلى آلاف السنين، إذ لن يحتاج المرء إلى بذل جهد كبير لاكتشاف هذه العراقة، فكتب التاريخ موجودة لمن أراد القراءة أو رغب فى الاكتشاف. والقاسم المشترك الثانى، هو الاتزان والعقلانية والحكمة البالغة فى النظر إلى الأمور، وفى التعامل مع القضايا العربية دون تهور أو انفعال أو تحيز أو استعجال. ولا شك فى أن سياسات مصر والسلطنة تشتركان فى هذه الصفة؛ صفة العقلانية. وأما القاسم المشترك الثالث، فهو حرص الدولتين المستمر والدائم على تحقيق الأمن القومى العربى فى صورته الشاملة، بعيدا عن الانحياز لمصلحة ضيقة ما، أو التحيز لأجندة نفعية لهذا الطرف أو ذاك. ويبقى القاسم المشترك الرابع هو ما يجمع بين مصر وسلطنة عمان من ثوابت فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لكلتيهما. ومن بين هذه الثوابت كما صرح وزير الإعلام العمانى الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسنى أمس البعد عن القضايا الهامشية التى تثير الفتن والقلاقل، واحترام مبدأ السلم والأمن الإقليمى والدولي، وعدم التدخل فى شئون الغير، أو الاعتداء على الأشقاء والأصدقاء، فضلا عن السعى إلى إعلاء قيم المواطنة، وترسيخ الالتفاف حول قضايا العرب المصيرية لإيجاد المخرج منها. ومن هذا المنطلق تأتى أهمية الزيارة التى يقوم بها حاليا الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى سلطنة عمان، ومحادثاته مع أخيه جلالة السلطان قابوس بن سعيد، حيث تعد الزيارة هى الأولى للرئيس السيسى إلى عمان منذ توليه الرئاسة. ويتوقع المراقبون فى البلدين أن تكون الزيارة نقلة نوعية على طريق ترسيخ التعاون بين الدولتين فى المجالات كافة، خاصة على ضوء النهضة التى يشهدها البلدان حاليا فى مجال التنمية والمشروعات والاستثمار. وتتطلع بقية الدول العربية إلى هذا النوع من الزيارات، وتحديدا بين زعيمى دولتين فى أهمية مصر والسلطنة، لما تشكله الزيارات والمحادثات من وضع الأسس لحل الأزمات العربية ومواجهة التحديات. لمزيد من مقالات رأى الأهرام