شبورة وعوالق وأتربة، احتلت سماء وهواء القاهرة وعددا من المحافظات خلال الأيام الماضية، تخللها تحذيرات من «نوبات» تلوث الهواء. وبحسب وزارة البيئة هذه النوبات من التلوث المعتادة مع التغيرات الجوية خلال فصل الشتاء نظرا لهبوب الرياح المحملة بالجسيمات والمخلفات الزراعية والمخلفات الصلبة، وبقاء هذه الملوثات قريبة من الأرض لوقت أطول يزيد من الشعور بالتلوث وانتشار الشكوى من أمراض الجهاز التنفسي. فيما ينصح خبراء أمراض الصدر بضرورة تجنب التعرض للرياح والأتربة والالتزام بالعلاجات الوقائية وبخاصة لمرضى الربو والحساسية والمدخنين. من جانبه يشير د. محمد صدقى أستاذ ورئيس أقسام الصدر والحساسية بكلية طب الأزهر، إلى أن التغيرات الجوية المصحوبة بالأتربة التى تشهدها البلاد هذه الفترة تساعد بشكل كبير على إثارة وتهيج الجهاز التنفسى مما يؤدى إلى زيادة معدلات حدوث الإصابة و الانتكاسات بحساسية الأنف والصدر وكذلك زيادة انتكاسات الالتهاب الشعبى المزمن الناتج عن التدخين. حيث يساعد الحجم الصغير للأتربة والمواد المحمولة فى الجو فى قدرتها على النفاذ إلى الشعب الهوائية والرئة لتؤثر على صحة ووظائف الجهاز التنفسي. ولذا تكون النصيحة الواجبة بتجنب التعرض لهذه الرياح والأتربة خلال فصل الشتاء، وعدم النزول من البيت خاصة لمرضى الحساسية والتليف الرئوي، مع الالتزام بالعلاج الوقائى تجنبا لحدوث مضاعفات على الجهاز التنفسى مثل حدوث الالتهابات الرئوية أوالفشل التنفسي. موضحا أن السعال والكحة عادة ما تكون العرض الأكثر شيوعا فى هذه الفترة من السنة مع نزلات البرد الشديدة والانفلوانزا الحادة، ولذا لابد من الانتباه إلى مصاحبة هذا السعال لارتفاع درجة الحرارة وتكسير فى الجسم وهنا لابد من استشارة الطبيب سريعا نظرا لأن هذه الحالات غالبا ما تشتد مع التأخر فى التشخيص وصولا إلى حدوث التهاب شعبى أو رئوي. وينبه د. صدقى إلى ضرورة طلب الاستشارة الطبية فى حالات الكحة المزمنة التى تستمر لأكثر من ثلاثة أسابيع، وعادة ما تكون بسبب وجود حساسية بالصدر أو حساسية الأنف والجيوب الأنفية وايضا ارتجاع المرئ والالتهاب الشعبى المزمن عند المدخنين. ويلفت إلى ملاحظة عن بعض أعراض الكحة فى بعض المرضى لا تعالج بسهولة وهو ما يعزى إلى عدم استشارة الطبيب من البداية والاعتماد على وصفات الأصدقاء أو الجيران أو عندما يوجد بعض الأمراض المصاحبة للسبب الرئيسى كأمراض السكر أو إرتجاع المرئ أو أمراض القلب التى تكون مصحوبة باحتقان رئوي. كما تسهم الاضطرابات النفسية فى تأخر الشفاء الكامل حيث تسبب إرتباكا فى عمل الجهاز المناعى وعدم استجابة للعلاج. بينما ينصح د. أحمد السلماوى استاذ ورئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة بكلية طب قصر العيني، مرضى حساسية الأنف بضرورة اللجوء للعلاج الوقائى الموصى به من الطبيب المعالج قبل أسبوعين من موسم التغيرات الجوية والأتربة. كذلك قدر الإمكان تجنب التعرض المفاجئ للتيارات الهوائية الباردة أو الساخنة، والأتربة، واستخدام أجهزة التكييف أو منقيات الجو إذا أمكن داخل المنازل لتوفير جو نقى . كما يفيد استخدام بخاخات الأنف المحتوية على مياه البحر فى تنظيف الأنف ومنع مرورها للجهاز التنفسي. بينما يتوجب البدء فورا فى تناول العلاجات اللازمة عند حدوث الإصابة بمزيلات الاحتقان لمنع تطور الحالة للحساسية. مشيرا إلى أهمية التفرقة بين الحساسية والالتهابات من حيث الاعراض، فالاولى تكون مصحوبة بالعطس والرشح وانسداد الأنف نتيجة الافرازات. بينما يصاحب إلتهابات فى الأنف أوالحنجرة صعوبة فى البلع والإحساس بالألم وتكسير الجسم المصحوب بارتفاع درجة الحرارة. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى تسبب تلوث الهواء فى وفاة نحو مليونى شخص حول العالم سنويا. ونصف تلك الوفيات تقريباً بسبب الالتهاب الرئوى فى الأطفال دون سن الخامسة. ويسهم التعرض المزمن لملوثات الهواء فى زيادة مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية والأمراض التنفسية، فضلاً عن سرطان الرئة. وتعد الجسيمات والأوزون وثنائى أكسيد النيتروجين وثنائى أكسيد الكبريت هى أكثر ملوثات الهواء شيوعا. وتفوق الأضرار الصحية للجسيمات باقى الملوثات، إذ تتكون من مزيج معقد من المواد العضوية المعلقة فى الهواء فى صورة صلبة أو سائلة. ومنها الكبريتات والنترات والأمونيا وكلوريد الصوديوم والكربون والغبار المعدنى والماء. وتستطيع الجسيمات صغيرة الحجم النفاذ للجهاز التنفسى عند استنشاقها.