مع تنصيب الرئيس المنتخب بدأ الحديث عن تنفيذ البرنامج الانتخابي للمائة يوم الأولي من الرئاسة التي تعهد فيها الرئيس بحل خمس مشكلات هي المرور والأمن والنظافة والخبز والوقود. وبالطبع فالإجراءات التي يتضمنها هذا البرنامج هي من وجهة نظر حزب الحرية والعدالة وعلي الحكام في العهد الجديد أن يتقبلوا المناقشة والتحليل لسياستهم بدلا من ضياع الوقت والموارد في سياسات لا تحقق الأهداف المرجوة منها عند تحليل جزئية الخبز في البرنامج الرئاسي فإننا نجد أن هذا البرنامج لا يخرج عن السياسات التي يتم تنفيذها منذ سنوات طويلة في عهد الحزب الوطني والاختلاف في إتباعه مبدأ المكافأة كحافز لتحقيق المطلوب حيث يقرر زيادة مكافأة الخبازين, ومنح حوافز ومكافآت وشهادات تقدير للمخابز المتميزة علي مستوي الحي والقرية والمدينة, ومنح حوافز ومكافآت وترقيات لمفتشي التموين مرتبطة بتحقيق الكفاءة في أداء المخابز ومنح حوافز ومكافآت وترقيات إضافية لمفتشي التموين مرتبطة برضاء المواطنين عن أداء الخدمة. ويلاحظ أن الوسيلة الأساسية لحل مشكلة الخبز, هي منح الحوافز والمكافآت سواء للمخابز أو مفتشي التموين وهو ما يحتاج إلي اعتمادات مالية كبيرة للصرف منها علي الآف المخابز وعشرات الالآف من المفتشين فمن أين يتم توفير هذه الأموال حيث سيرتفع رقم الدعم في ميزانية يحاول واضعوها خفض مخصصات الدعم بافتراض توفير هذه الملايين المطلوبة للحوافز والمكافآت فمن يضمن أنها ستصل إلي مستحقيها وستحقق الهدف منها, حيث التجارب السابقة كلها تؤكد ان مثل هذه الزيادات يعتبرها المسئولون (سبوبة) توزع علي الجميع كل حسب وضعه الوظيفي بغض النظر عن الهدف منها وهكذا نجد أن سياسات هذا البرنامج برغم ما تحتاجه من ملايين الجنيهات لن تستطيع تحقيق الهدف منها وهو توفير رغيف خبز مناسب للفقراء دون معارك أو أزمات في توفيره والسبب في ذلك أن واضعي هذا البرنامج يستخرجون السياسات من نفس صندوق سياسات الحزب الوطني وليست لديهم إمكانية البحث عن أفكار جديدة خارج الصندوق وهو ما سنحاوله. الحل الذي اقترحه من سنوات هو أن يكون علاج مشكلة رغيف الخبز من خلال وسيلتين: الأولي أن نتحول إلي بيع الخبز بالوزن وليس بالرغيف, لصعوبة الالتزام بمواصفات الرغيف (المواصفات الحالية لرغيف الخبز المدعم أن يكون وزنه 130 جراما وقطره 23 سنتميترا) والوسيلة الثانية أن يحصل من يستحقون الدعم عليه في صورة كوبونات للخبز, وكنت قد عرضت لذلك ب الأهرام (4 ديسمبر2007), حيث يحصل الفقراء ومحدودو الدخل علي كوبونات تسمح لهم بشراء رغيف الخبز من أي مكان بسعره الذي يباع به دون دعم وليكن 20 قرشا ويدفع مقابل هذا الرغيف 5 قروش وكوبون, ويقوم صاحب المخبز بتجميع هذه الكوبونات ويحصل مقابلها علي قيمتها من الحكومة, وهذه القيمة التي تدفعها الحكومة مقابل هذه الكوبونات تكون من مخصصات الدعم, ويمكن أن نستعيض عن الكوبونات ببطاقة ائتمانية حيث تشحن كل فترة بالوزن من الخبز المحدد لصاحب البطاقة نظام الكوبونات هذا يؤدي إلي القضاء علي مشكلة وصول الدعم إلي مستحقيه, حيث تدفع الحكومة مقابل للكوبونات التي صرفها الفقراء فعلا, وفي نفس الوقت ينهي التجارة غير المشروعة في المواد التموينية وتهريب القمح المدعم من المخابز التي تحصل عليه وبدلا من إنتاج الرغيف المدعم تبيعه للمخابز التي تنتج الرغيف غير المدعم وبالتالي لا يجد الفقراء ما يريدون من الرغيف المدعم, ويصير الرغيف يباع بتكلفته ويحصل عليه الفقير بذات الجودة وتتحمل الحكومة الفرق بين ما يدفعه وسعره في الأسواق من مخصصات الدعم, ولو حسبتها الحكومة ستجد إنها قد تتكلف أقل مما تخصصه لدعم رغيف الخبز ثم لا يجده المواطن وتتزايد المشكلات وجرائم الغش والسرقة والفساد, وإذا نجح هذا النظام من الممكن توسيع رقعته إلي سلعة أخري كالبنزين حيث تحصل كل سيارة علي عدد محدد من الكوبونات بسعر منخفض, وإذا احتاج أكثر من ذلك يدفع السعر المرتفع الذي سيباع به البنزين بعد ذلك, وقد يؤدي هذا الحل إلي علاج مشكلة الزحام في الشوارع. المزيد من مقالات د. محمد صفوت قابل