كثيرًا ما تتعرض الدول لأزماتٍ ومحن، إما بأيدى حكامها، أو بفعل مخططات خارجية، بمساعدة بعضٍ من أبناء هذه الدول “الطابور الخامس”. وبالنسبة لمصر ما قبل 30 يونيو، اجتمع الأمران معًا . الحكام والخارج، فكانت الكارثة. وقبل أن تدخل البلاد مرحلة اللاعودة، كان هناك من يرفض ضياع هذا الوطن، ويصر على انتشاله من الهوة السحيقة، التى ألقاه فيها نظام الإخوان. ومن ثم كانت ثورة الثلاثين من يونيو التى جاءت تلبية لنداء الوطن وصرخة الشعب الذى نادى على جيشه “الحصن والدرع والسند”، لكى يوقف الانهيار، وينهى المأساة. ولأن هناك لحظات فارقة فى حياة الدول، فإن الأمر يتوقف برمته على الشخصية القيادية، التى ستقوم بدور “ المنقذ”. ويتوقف نجاح هذه الشخصية القيادية على مدى تمتعه بعدة أمور: الحس الوطني، الذكاء والفطنة، الإلمام بمتطلبات الأمن القومى المصري، الإلمام بخبايا المخططات الخارجية، الإلمام بخريطة موازين القوى الدولية، القدرة على تحديد استخدام مواطن قوة بلاده على الساحة الدولية، وتعظيم منطق المصالح المشتركة مع الخارج بما يخدم مصر. وهنا كان الرئيس عبد الفتاح السيسى عند الموعد، حيث جسد وبصدق شخصية المنقذ واستطاع تحقيق كل هذه الأهداف مجتمعة بنفس هادئ، وأنهى عزلة مصر واستعاد علاقاتها التى انقطعت فى عهد الإخوان، واستعاد ثقة المؤسسات الدولية خاصة المالية فى مصر المتعثرة اقتصاديًّا رغم كل الصعاب والمعوقات. ولكن لم يكن الخارج هو الكارثة الوحيدة التى واجهت السيسي، وإنما الداخل المنهار أيضًا. بنية تحتية منهارة، طرق مهترئة، كهرباء غير مستقرة وغير آمنة، وكل هذا وغيره سببًا فى غياب الاستثمار والمستثمرين، ناهيك عن عدم ثبات سعر الدولار، وضعف الإيرادات بشكل عام، مع انهيار السياحة، وتراجع عائدات المصريين بالخارج إلخ.. ورغم كل هذه الأعباء والضغوط، لم يغب عن السيسى حقيقة فى غاية الأهمية، ولم يكن أحد غيره يلتفت إليها، أو كان سيعمل على تأجيلها، لضعف الإمكانيات، وهى الحاجة إلى تطوير وتحديث قواتنا المسلحة، وهذا أكثر وأعظم ما فعله الرئيس. فرغم الضغوط تعاقد السيسى وتسلم أسلحة وقطع بحرية وطائرات حربية متطورة. ووسط هذه الضغوط أيضًا افتتح السيسي. ولا يزال, مشروعات عملاقة تستهدف إعداد مصر لكى تستقبل استثمارات لم تشهدها من قبل، ومنها العاصمة الإدارية الجديدة, وكل هذا لضخ المال، وتوفير فرص العمل لأبناء الشعب، وبما يسمح بالارتقاء بمستوى معيشة المواطنين، ورفع مستوى ما يقدم لنا كمصريين من خدمات. وعندما نأخذ فى الاعتبار ما تواجهه مصر فى نفس الوقت من إرهاب غادر، وكيف يتصدى له الرئيس ومعه قواتنا المسلحة الباسلة، وشرطتنا الباسلة، بكل حسم وقوة، وبتضحيات بالأرواح والدماء، يمكن أن ندرك أن قيادتنا السياسية تسطر لمصر ملحمة فى حب الوطن والوفاء لمصر والمصريين، وكيف يبحر بسفينة الوطن فى حقول ألغام، وبنجاح منقطع النظير. وهكذا كانت ولاية السيسى الأولى عملية إعداد صعبة وشاقة للمستقبل القريب، وبما يؤمن مرحلة البناء، بعد اجتياز مرحلة الإعداد. وهذا هو ما يفسر رغبة جموع المصريين فى منح مصر الفرصة بعد ما حققه السيسى للبلاد فى ولايته الأولى, مرحلة الإعداد ، بجنى ثمار هذه الولاية الأولى، بإعادة انتخابه لفترة ولاية ثانية. لمزيد من مقالات طاهر أبو زيد