طفلى سارق.. عندما تكتشف الأسرة أن طفلها يتصف بهذا السلوك ينتابها الخوف والهلع لأنه إنسان غير سوى وتبدأ بالتوبيخ والعقاب ووصفه بصفات مشينة، قد تزيد المشكلة وتعقدها رغم أن التحلى بالحكمة والهدوء والحوار المثمر البناء قد يصل بالطفل لبر الأمان. حول أسباب ودوافع الطفل للسرقة وطرق العلاج يحدثنا د.أحمد حسن الليثى استشارى الصحة النفسية بكلية التربية جامعة حلوان، قائلاً: السرقة عند الأطفال إحدى مشكلات الطفولة التى يجب أن يتعامل معها الآباء بوعى وحكمة، فهى فى المقام الأول اضطراب سلوكي له العديد من الأسباب وطرق العلاج، كما أنها لا ترتبط مباشرة بالمستوى الاجتماعى والاقتصادى للأسرة، ومشكلة السرقة عند الأطفال لا تستدعى قلق الآباء بقدر ما تتطلب إعادة النظر فى أساليب الآباء فى تربية الطفل وتنشئته، حيث إن الطفل لا يزال فى سنوات بناء الشخصية التى أطلق عليها العلماء سنوات التكوين، حيث يحتاج الطفل فيها إلى المناخ الاجتماعى الإيجابى الذى يقوّم أخطاءه ويهذب سلوكه وأفكاره، وبالتالى فإن مشكلة السرقة عند الأطفال تتطلب التوجيه والرعاية أكثر من العقاب والتوبيخ ، وقد تختلف الأسباب باختلاف مرحلة النمو، فسلوك السرقة عند الأطفال فى الطفولة المبكرة التى يتراوح فيها عمر الطفل بين (3-6) سنوات قد يتم دون وعى بمفهوم «الملكية» و«الخصوصية» حيث يقوم الطفل بالاستيلاء على أشياء الآخرين بطريقة طفولية بعيد عن فكرة المنفعة، أما فى مرحلة الطفولة المتوسطة التى تتراوح بين (6-9) سنوات عادة ما ترجع لمشكلات نفسية أكثر تعقيدا وعمقا فى شخصيته، كافتقاده الأمن النفسى الناتج عن افتقاد الآباء لمهارات الوالدية الإيجابية وعدم إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية للطفل، وقد يؤدى التفكك العاطفى داخل الأسرة وعدم تلقى الطفل العطف والرعاية إلى قيامه بالسرقة فى محيطه الأسرى أو المدرسي، حيث يسرق بهدف لفت انتباه والديه، لشعوره بالغيرة وتدنى ثقته بنفسه الناتجة عن المقارنة المستمرة بينه وبين أقرانه من الأطفال، وعدم تقديره وتعزيز سلوكياته الإيجابية، واستخدام الآباء أساليب قاسية فى التربية كالعقاب البدني مما يدمر ثقة الطفل بنفسه وبمن حوله، وقد يكون الحرمان والفقر والكبت سببا فى سرقة الطفل لتعويض ما ينقصه ويحتاج اليه أو وصم الطفل بصفة سلبية خارجة عن إرادته ترتبط بمرض أو قصور ما فى قدراته، وعلى النقيض فإن التدليل الزائد للطفل والحماية الزائدة تجعله يتصرف دون أى ضوابط أخلاقية لإدراكه أن هناك من ينوب عنه فى تحمل المسئولية ومن يبحث عن مبررات لأخطائه المتكررة، ويمكن للآباء والأمهات اتباع عدة أساليب لمواجهة مشكلة السرقة عند الأطفال ومنها: 1- إبراز الأهل القدوة الحسنة أمام الطفل ومراعاة تصرفاتهم وسلوكياتهم والتربية الإيجابية وتنشئته فى جو يسوده الأخلاق والقيم الحميدة وغرس فضيلة الضمير والخوف من الله فى نفسه. 2-التحلى بالحكمة والمهارات الإنسانية والوجدانية التى تشعر الطفل بالأمان والاستقرار.3-إبعاد الطفل عن الخلافات الأسرية وإقامة علاقة يغلب عليها الحب والتفاهم والثقة والدفء الأسري. 4- احترام خصوصية الطفل وحقه فى تملك بعض الأشياء والتصرف فيها مع المتابعة والتوجيه وحثه على احترام ممتلكات الغير والحفاظ عليها. 5- مناقشة الطفل فى حال قيامه بالسرقة بهدوء وحكمة وعدم المبالغة فى رد الفعل للتعرف على سبب هذا التصرف ومحاولة الوصول للعلاج. 6- غرس الثقة بالنفس والتقدير الإيجابى للطفل وتجنب العقاب البدني. .. وأخيراً أطفالنا هم ثمار أعمارنا وتربيتهم الرسالة الأسمى فى الحياة.