منذ زمن ليس بالبعيد ومع بداية شهر رمضان كانت وزارة الثقافة تستعد لهذه المناسبة بإقامة سرادقات للمداحين والمنشدين الدينيين في مسارح السامر بالعجوزة وحديقة الخالدين بالأزهر والشوارع والميادين العامة بالمحافظات المختلفة. وتلقي أقبالا كبيرا, لقضاء الليالي الرمضانية وسط أجواء من الموسيقي والإنشاد والروحانيات, وفجأة بدأت هذه الاحتفاليات, التي كانت ترعاها وزارة الثقافة, تتلاشي شيئا فشيئا, مما يهدد تراثا شعبيا مهما, وحلت محلها فنون تميل الي السطحية والتفاهة, وإن كانت الموالد الشعبية, خاصة في القري والنجوع والصعيد, تحتفظ ببعض تراث المداحين. يقول المخرج ورائد الفن الشعبي عبد الرحمن الشافعي إن اختفاء الفن الشعبي, من خريطة وزارة الثقافة, يؤكد عدم اهتمام الدولة به وتهميشه تماما, حتي تليفزيون الدولة اسقط هذا الفن من حساباته, ومعاملة المداحين والمنشدين كفنانين درجة ثالثة, حتي الأجور الضئيلة. ويتساءل الشافعي, كيف لدولة بحجم مصر تتجاهل فنا يروي التاريخ والحضارة المصرية, يتلاشي وينقرض, في نفس الوقت الذي تنادي فيه منظمة اليونسكو بحماية الموروث الشعبي للدول, يجب علي الدولة إعادة المسار مره أخري, ووضع التراث الشعبي علي أولوياتها. كان الفنان زكريا الحجاوي من أهم رعاة هذا الفن, الذي ساهم في اكتشاف نجوم الإنشاد والمدح النبوي أمثال خضرة محمد خضر وفاطمة سرحان وجملات شيحه.