يعتقد الحزب الشيوعى الصينى أن نقطة الانطلاق الواقعية لكل سياساته هى أن الصين تعيش فى «المرحلة الأولى من الاشتراكية، لذلك، فإن نقطة الانطلاق المنطقية للسياسات هى «الفقر». لكن «الفقر» هنا لا يحمل معنى اقتصاديا. قال الرئيس شى جين بينج فى كتابه (التخلص من الفقر): «إن التخلص من الفقر، معناه الأولى هو التخلص من فقر الوعى وفقر الفكر.» لم يكن ممكنا حل قضية الفقر فى الصين إلا عن طريق الإصلاح والانفتاح. عندما اُنتخب شى جين بينج أمينا عاما للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى فى عام 2012، كان قد تم بصورة عامة حل مشكلة الغذاء والكساء فى الصين، لكن «الفقر» مازال موجودا. من حيث الفقر الاقتصادي، ما زال فى الصين مائة مليون فرد فقير. الفقر غير الاقتصادى يجسد تطلعات الناس العالية فى مجالات مختلفة، بعد حل مشكلة الغذاء والكساء على نحو شامل. ما سعى إليه الحزب الشيوعى الصينى فى السنوات الخمس الماضية وما سيسعى إليه فى السنوات الخمس المقبلة بل وعلى المدى الطويل، هو تلبية تلك التطلعات. «الفقر» بمعناه الواسع فى مختلف المجالات، يحتاج إلى جهود أوسع وتنسيق مختلف الجهود. ومن هنا، ظهر الموضوع الأكبر والأهم فى السياسة الصينية منذ المؤتمر الوطنى الثامن عشر للحزب الشيوعى الصيني، وأقصد به «الشمول» الذى يعنى إنجاز بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، وتعميق الإصلاح على نحو شامل، ودفع حوكمة الدولة وفقا للقانون على نحو شامل، وإدارة الحزب بصرامة على نحو شامل. صارت تلك «الشوامل الأربعة» من مفردات حياة الصينيين. إذا كان الهدف هو تطوير كل المجالات، فإن الشعب هو محور التطوير. وبعبارة أخرى، تحقيق الرخاء المشترك ماديا وتحقيق التطور الشامل معنويا واجتماعيا. فى السنوات الخمس الماضية، ارتفع متوسط دخل الفرد القابل للإنفاق فى الصين بنسبة 7٫4% سنويا، وخلال الفترة من عام 2012 إلى عام 2016، قل عدد الفقراء 55٫64 مليون نسمة، وصار 99٫7% من الأسر الريفية تستخدم الكهرباء وقريبة من الطرق العامة. حاليا، يبلغ عدد مستخدمى الإنترنت فى الصين 1٫093 مليار فرد. فى عام 2016، بلغ عدد الصينيين الذين دخلوا دور السينما 1٫372 مليار فرد/ مرة. تغير نمط حياة الصينيين بفضل وسائط التواصل الاجتماعى عبر الإنترنت والدراجات العامة والدفع بواسطة الهاتف النقال. المجتمع الصينى يتقدم نحو مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل. يستند الحزب الشيوعى الصينى فى التنمية إلى الإصلاح، فى السنوات الخمس الماضية، طرحت الصين 330 إجراء إصلاحيا فى خمسة عشر مجالا، وفوضت الحكومة المركزية 618 مراجعة وموافقة إدارية إلى السلطات الأدنى، وأنهت المراجعة والموافقة غير الإدارية تماما. وقللت الحكومة الصينية سيطرتها على السوق وبسّطت عملية الموافقة وزادت وظيفة الخدمات عن طريق الإصلاح. فى هذه العملية، يتم توثيق العلاقة بين الاقتصاد الصينى والاقتصاد العالمي، وتوسيع درجة الانفتاح، ورفع دور السوق. فى السنوات الخمس الماضية، دفعت الصين حوكمة الدولة وفقا للقانون على نحو شامل، وأتمت سن وتعديل 48 قانونا و42 لائحة إدارية و2926 قانونا محليا و3162 لائحة محلية، وفى ذات الوقت، تم تعديل 57 قانونا و130 لائحة إدارية عن طريق سلسلة من الإجراءات، بجانب سن وتعديل 80 لائحة داخل الحزب الشيوعى الصيني. منذ يوليو عام 2016، يتم بث جلسات المحاكمات المفتوحة فى المحكمة العليا مباشرة عبر الإنترنت. وقد تم بث أكثر من 600 ألف جلسة فى المحاكم على مستويات مختلفة، مباشرة. بجانب دفع «الشوامل الأربعة» بقوة، هناك ميزة أخرى فى السنوات الخمس الماضية، وهى ربط سياسات الصين الداخلية بسياساتها الخارجية بشكل أوثق. فمن ناحية، تقوم الصين بالتواصل والدفع المتبادل مع المجتمع الدولى فى مجالات التنمية الاقتصادية والتطور الاجتماعى والبناء الحزبي، وتبنت الانفتاح فى مجالات كثيرة. ومن ناحية أخرى، تساهم أفكار الصين وحكمتها حول التنمية والحوكمة، فى حل القضايا التى تواجه البشرية. وبالطبع فإن أفكار الصين وحكمتها ليست جوابا نهائيا لكيفية حل المشكلات المختلفة، وإنما توفر اختيارا آخر. والحزب الشيوعى الصينى ذاته لا يعتقد أن هذه الأفكار هى الجواب أو الحل النهائي. وفى هذه السنوات، الحزب الشيوعى الصينى يفضل استخدام عبارة «التقدم فى الطريق دائما»، سواء فى مجال الإصلاح أو فى مجال تحسين أسلوب العمل. هذه هى سيكولوجية التقدم نحو المستقبل بدون تباطؤ أو تكاسل.