يأبي د. يوسف بطرس غالي إلا أن يكون له في كل يوم جديد, ولكنه ويا للأسف يكون جديدا مغايرا لمصالح الفقراء وحدهم, أو محققا لمصالح الأغنياء وحدهم. إنه انتماء طبقي مزمن. وإذا كانت خطوات د. غالي تواصل الإضرار بالفقراء فإنه يأتي وعبر قانون التأمين الاجتماعي الجديد ليحقق مزيدا من الأضرار بأبنائهم وأحفادهم وأراملهم والمثير للدهشة ان الدكتور غالي فتش في كل العالم حتي عثر علي النموذج الأسوأ الذي طبقه ديكتاتور شيلي بينوشيه وألغي في عام2007 لانه تسبب في كارثة. وقد حاول بوش الأب تطبيقه وفشل نتيجة مقاومة شعبية جارفة. ولكي ندخل مباشرة إلي الموضو ع, سنكتفي بالمقارنة بين نصوص مشروع القانون وبين القانون الحالي لنري كيف أن الهدف الأساسي وربما الوحيد من هذا المشروع هو تدمير مستقبل العاملين الحاليين وأصحاب المعاشات. كمثال ينص قانون د. غالي[ م5] علي أن من بين اختصاصات اللجنة العليا للضمان والتأمين الاجتماعي والمعاشات تحديد قيمة مساهمة المؤمن عليه في الحساب الشخصي والتكافلي بناء علي التقييم الإكتواري. ومعني ذلك أنه في حالة وجود عجز إكتواري يتم رفع حصة المؤمن عليهم وحدهم دون أصحاب الأعمال حيث إن نسبة الاشتراكات مقسمة إلي جزء يتحمله صاحب العمل وجزء يتحمله المؤمن عليه. وهكذا يعفي صاحب العمل ويقع الغرم علي المؤمن عليه وحده. علما بأن قانون التأمين الحالي[79 لسنة75] بنص علي أن تتحمل الخزانة العامة قيمة العجز الإكتواري. ويمنح القانون الحالي أصحاب المعاشات تحفيضا فيما تملكه الدولة من مرافق مثل: أسعار المواصلات العامة والأندية والمتاحف والمعارض فيما لا يجاوز75% من السعر الأصلي. لكن قانون د. غالي يلغي ذلك كله, بل إنه يلغي النص علي أن يكون التأمين إلزاميا بما يدفع أصحاب الأعمال إلي رفض التأمين علي عمالهم وإغرائهم بعدم خصم النسبة المقررة من أجرهم تحت شعار إحييني النهاردة وموتني بكره م3 تضع نصا غريبا ومريبا فالحساب المالي للمؤمن عليه يتراوح بين20 و30% من حصيلة الاشتراكات المخصصة للحساب الشخصي للمؤمن عليه. لكن القانون لم يضع إية ضوابط تمنع أن يستقطع صاحب العمل حصة العامل من التأمين ثم لا يسددها أو لا يؤمن عليه أصلا. ذلك أن التأمين أصبح غير ملزم, علما بأن الرصيد المدين للقطاع الخاص وقطاع الأعمال والمتمثل في عدم سداد اشتراكات العمال المسددة بالفعل لصاحب العمل قد وصل في عام2009 إلي ستة مليارات ونصف المليار. عرفت فقرة10 صاحب المعاش بأنه من تحقق بشأنه واقع استحقاق المعاش عن نفسه في تأمين الشيخوخة والعجز وفقا لأحكام هذا القانون. ونسي النص حالة الوفاة التي قد تحدث قبل إحالة المؤمن عليه علي المعاش. وعندما حصر القانون المستحقين للمعاش أسقط حق الزوجة المطلقة في معاش زوجها في حين أن القانون الحالي يعطي للمطلقة حقا في المعاش بشرط أن يكون الطلاق بغير إرادتها وأن تكون العلاقة الزوجية قد أستمرت عشرين عاما وأسقط حق الإخوة والأخوات حتي ولو كان المؤمن عليه عائلهم الوحيد. كما تلاعب القانون الجديد بسن إنهاء استحقاق الأبناء في المعاش بما يضر مصالحهم. ألغي القانون النص علي أن يتم التأمين وفق الاجر الفعلي وتركها مفتوحة للاختيار بما يتيح لصالح العمل إمكان الضغط علي العامل كي يسدد اشتراكات علي مبلغ قليل. فتكون النتيجة أن المعاش يأتي ضئيلا. وفي القانون الحالي الفقرة2 من المادة113 للبنت والأخت في حالة زواجهما الحق في منحة تساوي إجمالي المعاش المستحق لمدة سنة وفي الفقرة3 من ذات المادة يستحق الابن أو الأخ في حالة قطع معاشه منحة تساوي إجمالي المعاش المستحق لمدة سنة كاملة لكن المشروع الحالي يلغي ذلك كله. نحن إذن لسنا أمام تأمين اجتماعي وإنما أمام نظام ادخاري يمكن ببساطة التلاعب بمصالح أصحاب المعاشات من خلاله. ويتحدد أساس حساب المعاش بقسمته علي قيمة دفعة الحياة عند استحقاق المعاش ودفعة الحياة هي اختراع يحدد متوسط الأجر علي المستوي القومي[ وفقا للبيانات الصادرة عن وزارة التنمية الاقتصادية] ويتم إعادة الحساب كل ثلاث سنوات. وهكذا يمكن التلاعب في المعاش كل ثلاث سنوات وفق أرقام تحددها الحكومة وقد تكون أرقاما غير صحيحة أو غير دقيقة كما آعتدنا دوما. ويحدد قانون د. غالي نسبة تسوية المعاش في حالة الوفاة نتيجة للإصابة ب65% بينما القانون الحالي يرفعها إلي80%. أما نسبة المعاش في حالة العجز الجزئي المستديم نتيجة للإصا بة فهي35% بينما يقرر القانون الحالي نسبة40% ويقررها معها زيادة في المعاش قدرها5% كل خمس سنوات حتي بلوغ المؤمن عليه سن الستين بينما المشروع الحالي لا ينص علي أية زيادة. ينص القانون الحالي علي إنه في حالة الوفاة تحصل الأسرة مستحقة المعاش علي مرتب شهرين كمصروفات جنازة مضافا إليها منحة شهر الوفاة ثم معاش الشهرين التاليين لكن قانون الدكتور غالي يلغي شهري الجنازة. يشترط المشروع الجديد أن يكون المؤمن عليه مشتركا في تأمين البطالة لمدة12 شهرا متصلة سابقة علي كل تعطي بينما القانون الحالي[ م92] تشترط توافر ستة أشهر فقط اشتراك وتحدد مادة6 أسبوعا كما يخفض المشروع نسبة تقدير تعويض البطالة. ولأن أصل المشروع يقوم علي فكرة الحساب الشخصي فإن العمل المؤقتين والعرضيين سيحرمون من أي تعويض. ومهما أطلنا في إطلالتنا علي هذا المشروع الجديد سنجده يسعي العمال جاهدا لتجريد أصحاب المعاشات من أبسط حقوقهم ولضرب مكتسبات يحققها القانون الحالي فيما يخص مدد تحقيق حصول المؤمن عليه علي تأمين البطالة. وسن قطع المعاش للابن والابنة. وباختصار مشروع هذا القانون يمثل ضربة شديدة ليس لأصحاب المعاشات وحدهم ولا بأبنائهم وأراملهم فقط بل بجميع العاملين الذين سيصبحون بعد فترة في سن المعاش. أخشي أن يكون ضربة للاستقرارالعام. وماذا نقول بعد ذلك سوي أن نتوجه إلي الحكومة قائلين: ارحمينا من تفانين وزير ماليتك.