( المُجانسة بالمُجالسة)فمن خلال صفات وشخصية من تُجالس أوتُصاحب أوتُعاشر أوتميل وترتاح يُمكن الحكم علي شخصية الرجل أوالمرأة أوالفتي أوالفتاة،فالعلاقة بين الشخص ومن يُجالسه أويُصاحبه قدتصل إلي حد المُجانسة والتماثل شبه التام. ولذلك أوصانا النبي صلي الله عليه وسلم بهذه الوصية الذهبية:(المرء على دين خليله فلينظر أحدُكم من يُخالل) "رواه أحمد".ونصحنا النبي صلي الله عليه وسلم بإختيار الزوجة الوَدود الوَلود التي يظهر معدنها من تصرفات أمها مع أبيها، فإن كانت مُوقرة له مُطيعة فحتما ستكون البنت علي نفس المنوال، والعكس بالعكس صحيح . وإكتملت الوصية بهذا الحديث:(لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامُك إلا تقي) رواه أحمد وأبو داود ).وأحسن الشاعر لما وصف حالة المُجانسة بالمُجالسة قائلا: عن المرء لا تسأل وسل عن قَرينه - فكل قَرين بالمقارن مُقتَدي ويشرح الإمام المناوي قائلا:(إن الطباع سراقة ،ولذلك قيل: ولا يصحب الإنسان إلا نَظِيره- وإن لم يكونوا من قَبِيل ولا بَلَدٍ فصحبة الأخيار تُورث الفلاح والنجاح ومجرد النظر إلى أهل الصلاح يؤثر صلاحاً والنظر إلى الصور يؤثر أخلاقاًوعقائدمناسبة لِخُلق المنظور وعقيدته كدوام النظر إلى المحزون يُحزن وإلى المسرور يسر ،وإنما سُمي الإنسان إنساناً،لأنه يأنس بما يراه من خير وشر). وقد قيل (الصاحب سَاحِب) فهو حتما سيأخذك إلي طريقة تفكيره وفهمه للأمور ونمط سلوكه، فما بالُنا إذا كان الصاحب هو الأم مع ابنتها.فالأم شئنا أم أبينا هي مصنع التربية للأولاد، والأب مهما كان عُلو كعبه مجرد مُشرف لايستطيع أن يتحكم في تشكيل المادة الخام للأولاد خاصة في الصغر إلا بدعم ومساندة من الزوجة ،لذا يغلب علي الأولاد خاصة البنات منهم صفات الأم شَاءوا أم أبوا. فالأم إذا كانت تقية صادقة تعرف حق زوجها عليها تكون البنت في الغالب علي نفس النمط، وإذا كانت الأم كَذوبة سليطة اللسان تُهين وتُحقِر من شأن زوجها ولا تحفظه في ماله وعرضه وأولاده، فالبنت سائرةٌ علي نفس الدرب مُقلدةٌ لها في الغالب . والمثل الدارج معبر تماما عن هذا المعني (اكفي القِدرة علي فُمها تِطْلع البنتُ لِأمَها ) فالفتاة وإن تجملت مع زوجها وظهرت علي عكس حالها في بدايات الزواج إما خوفا منه أومن أهله أومنصبه أوجاهه وبطشه، وإما رَغبَّا فيما عنده من أموال وعقارات فحتما ستحاول إيجاد مخرج أوكما يُقال:(تِتمَسكن حتي تتمكن ) وهنا يظهر أثر الجذر العميق الكامن في داخلها الذي روته ورعته وقوته الأم . وكم سمعنا ورأينا حالات لزوجات ظلت حتي سن الرابعة والأربعين أوحتي الخمسين صابرةً حتي تحقق ما تريد ثم تظهر براكين في داخلها لم تعد تتحمل إغلاق فوهتها فينكشف ماكان مخبوءا من ترسبات صخرية فولاذية تركتها تربية الأم ،وكان حتما لها أن تُعلن عن نفسها،وما كان يمنعها إلا التوقيت والتمكن . وديننا علمنا ألا نقتدي بالآباء في كل شيء ،فعندهم من الأشياء النافعة مثل ما عندهم من الأشياء الضارة ،وأنكر الله عز وجل علي الكافرين قولهم:(بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلي أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلي آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ )" الزخرف 22" فالإقتداء بالأب أوالأم في مسائل العقيدة والأخلاق والسلوك ونمط المعيشة وغيره لا يكون إلا بميزان رباني من القرآن الكريم والسنة النبوية المُطهرة بفهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين والعلماء الربانيين، وليس بفهم رواد الفيس بوك أوالواتس أوالماسنجر أوالمسلسلات والأفلام أومن يظهرون علي الفضائيات ويُحضِّرون كل ليلة للمشاهدين جديدا من الآراء الصادمة والفتاوي الشاذة وكأنهم في سباق مع الشهرة وجذب أكبر عدد ممكن من المُتابعين والمُعلقين بأي وسيلة . فهناك من الأمهات من تربي أولادها علي العفة منذ الصغر سواء في ملبسها وكلامها أوطريقة مشيتها أومشاعرها تجاه الآخرين من اخوة أوأقارب أوغيرهم فتنمو النبته علي هذا الحال وتترعرع أكثر في الكبر، ومنهن من تُربي علي الشتم والسب واللعن والحسد والحقد والغدر والخيانة والسرية في التعامل مع الزوج والغاية تبرر الوسيلة وكراهية أهل الزوج وبغضهم . وقاعدة تقليد النساء لبعضهن في كافة المجالات مُطردة لا تتخلف إلا نادرا .وفي فترة ما إنتشر إرتداء النقاب فإرتدته نساء كُثُر ،ولما تراجعت نساء عن النقاب حذت كثيرات حذوهن، وقبله ظهرت موضة الحجاب غير المُكتمل المُقتصر علي تغطية الشعر ،فإنتشر إنتشار النار في الهشيم . ولما بدأت ظاهرة الطلاق في الإنتشار تنافست كثيرات في هذا الأمر حتي أن المرأة وهي تُقارب الخمسين تطلب الطلاق.فعدوي التقليد وفيروس المتابعة في كل شيء تقريبا بلا ضابط من دين أوورع أوتقوي موجودة عندهن بما يُثير العجب ويذهب بلب اللبيب وحلم الحليم وحكمة الحكيم . ولطالما عرف الغُزاة والحاقدون علي الإسلام وأهله مواطن الضعف ومداخل الفساد خاصة فيما يتعلق بحصن المرأة ، لذا لما سئل نابليون بونابرت:(ما أشد حصون الشرق علي فرنسا؟ قال:الأمهات الصالحات). وبمفهوم المقابلة ،فإن أشد معاول الهدم في الدول العربية والإسلامية فساد المرأة زوجة كانت أو أما، فبفسادها تفسد أجيال ،ولذلك قال المُحتل قديما - ويسير علي هديه إحتلال العصر الحديث - (كأسٌ وغانيةٌ يفعلان في الأمة الإسلامية ما لا يفعله ألف مدفع) فعن طريق إغراق النساء في الشهوات والملذات والفساد الأخلاقي يتصدع كيان المجتمع العربي والإسلامي من أساسه،ولا تفيد فيه عمليات الرميم. فلو فهمت كل أم أوزوجة كلام الثعلب الماكر بونابرت ومضمونه وما وراءه لعرفت حجم وعِظم وضخامة دورها ولربما تعاملت مع أموركثيرة وأفكار غريبة وإهتمامات مُريبة وتطلعات في غالبها عفنة وشيطانية بشكل آخر ،ولكان الحال غير الحال ،والمآل غير ما نري ونسمع ونُعاين ونتابع ولا نملك إلا قول:(حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )"آل عمران - 173". [email protected] لمزيد من مقالات عبدالفتاح البطة;