كانت حرب أكتوبر 1973 نقطة تحول فى تاريخ الشرق الأوسط إذ أن أمورا كثيرة فى المجال العسكري والإستراتيجي لن تعود أبداً لما كانت عليه قبل هذه الحرب، التي تركت أثارها ليس فقط على الإستراتيجية العربية والإستراتيجية الإسرائيلية والنظريات والتكتيكات العسكرية، وإنما على عوامل أخرى مثل الروح المعنوية، واستخدام أسلحة جديدة فى ميدان القتال مثل الصواريخ الموجهة بكل أنواعها سواء المضادة للطائرات أو المضادة للدبابات أو المضادة للقطع البحرية أو الصواريخ أرض أرض، وكذا على سباق التسليح فى الشرق الأوسط، والتصعيد الإلكتروني والنووى. وقد شهدت حرب أكتوبر استخداما واسع النطاق لشتى أنواع الصواريخ سواء المضادة للطائرات والتى واجهت الطيران الإسرائيلي وأحدثت به خسائر كبيرة وخاصة الاستخدام الفعال لتنظيم صواريخ سام، كما استخدمت بنجاح كبير الصواريخ المضادة للدبابات وأحدثت تأثيراً كبيراً فى دبابات الجانب الإسرائيلي وكذا استخدام الصواريخ البحرية سطح سطح، وكان مفاجأة حرب أكتوبر 1973 استخدام الصواريخ أرض أرض برؤوس تقليدية ضد مراكز القيادة والسيطرة المعادية ومراكز التصنت والإشارة والمطارات فى المدى القريب من قناة السويس. ونتيجة لاستخدام الصواريخ فى حرب أكتوبر 1973 من الجانب المصرى قدرت إحصاءات البنتاجون فى ذلك الوقت خسائر الجانب الإسرائيلي بخسائر فادحة تقدر ب 200 - 250 طائرة من مجموع 490 طائرة تقريباً بواسطة الصواريخ المضادة للطائرات المصرية ، وقدرت خسائر فى الدبابات الإسرائيلية ب 1000 دبابة من 1900 دبابة تقريباً بواسطة الصواريخ المضادة للدبابات الفردية والمحمولة دون تحقيق نصر عسكري يبرر هذه الخسارة. لقد أثر استخدام الصواريخ فى حرب أكتوبر 1973 وخاصة صواريخ الدفاع الجوى والصواريخ أرض أرض على مفاهيم الحرب ومبادئها وقواعدها حيث طرأ تبادل فى الأساليب الإستراتيجية والتعبوية يناسب التطور الهائل الذى وصلت إليه هذه الأسلحة بعد حرب أكتوبر 1973، فقد شملت بعض نظريات مبادئ الحرب مثل تحديد الأهداف والحشد الاقتصاد فى القوى والمرونة وسرعة الحركة، وهنا لابد من إلقاء الضوء على التحالفات الإستراتيجية بالإضافة لحالة الصراع العربى الإسرائيلي فى منطقة الشرق الأوسط حيث التقارب التركي الإيراني، والتركي الإسرائيلي، والسوري الإيراني. وقد شهدت المنطقة عام 2010 أضخم مناورة إسرائيلية أمريكية على أرض وفى سماء إسرائيل وهى مناورة دفاع جوى تحسبا لمواجهة التسليح الإيراني الصاروخي والنووي، لذا يحتمل أن تكون المواجهة العسكرية القادمة بين إسرائيل وأمريكا وإيران صاروخية، أن التعديلات الجوهرية التى دخلت على الإستراتيجية لم تمس مبادئ الحرب بل مست المفاهيم الإستراتيجية الأساسية، فأصبح مسرح العمليات يشمل كل أراضى الدول المتحاربة والمتحالفة وكذا المناطق البحرية والجوية، ولهذا ستقوم الصواريخ التعبوية والإستراتيجية فى الحرب القادمة الحديثة بتنفيذ المهام الرئيسية للحرب بالضربات الصاروخية والتى يمكن أن تكون نووية طبقاً للموقف فى مسرح العمليات وتصبح مهمة القوات البرية المدعمة الهجوم الحاسم لتدمير التجمعات المعادية بعد الضربة الصاروخية، وتظل قوات الدفاع الجوى مهمتها حماية الأراضي للدولة. والخلاصة أن الحرب القادمة فى أى مسرح عمليات ستكون مباغتة فى الهجوم على العدو بضربة صاروخية ممكن أن تكون تقليدية أو ذرية أو نووية مفاجئة لتحطيم وسائل الدفاع المعادية والمنشآت الاقتصادية والصناعية على أن يعقب هذه الضربة مباشرة إنزال مظلى لاستثمار الضربات الصاروخية ثم دفع القوات البرية المدرعة والمدعمة للوصول إلى المناطق التى تعرضت لضرب الصواريخ لتحقيق الهدف النهائي وهذا ما حدث فى غزو دولة العراق بواسطة القوات الأمريكية عام 2003 وفى النهاية كان تأثير انتصار أكتوبر 1973 جعل إسرائيل تعيد تقييم نظرية الأمن الإسرائيلية لتشمل أبعاداً جديدة تتمثل فى زيادة القوة العسكرية نوعاً والحصول أحدت الأسلحة الأمريكية، والتركيز على إنتاج أسلحة نووية والتلويح بها للعالم العربى، وكذا سعى إسرائيل للحصول على صواريخ أرض أرض بعيدة المدى وصنعها فى إسرائيل لضمان تهديد أى دولة عربية بالأسلحة التقليدية أو النووية. لمزيد من مقالات لواء أ ح م. وصفى نور الدين