حاملا أوراقه بين يديه كان يتنقل هنا وهناك بين طابق وآخر مستقلا سلالم مبنى المحكمة الضيقة لاستيفاء عمله سريعا، والعودة من حيث جاء، ضمن الالاف ممن يترددون على المكان يوميا كان ال12 طابقا من طوابق محكمة الزقازيق بمنطقة الزراعة أحد ملامح تفاصيل رحلته اليومية فى عمله الثانى ككاتب محام وحينما انهكه التعب واعياه الصعود والهبوط فكر فى استخدام المصعد الذى فرح برؤيته يعمل خاصة انه معظم الوقت معطل لاحت له فكرة الراحة قليلا من كثرة ارتقاء الدرج سارع لطلبه بإلحاح المقصبل على نهايته، ولم يكن يعلم مايخبئ له القدر، وان ماهو مقدم عليه سيكون سببا فى راحته الأبدية حيث فتح الباب بعد ان غادر المصعد ليعود ويسقط عليه ويلقى مصرعه. كان مجدى علي الموظف بإحدى المديريات فى منتصف العقد السادس من العمر ولديه 4 ابناء يحرص على تربيتهم ورعايتهم كأى اب يسعى لحياة كريمة لأبنائه من خلال فرصة عمل اضافية تتيح له تدبير جميع احتياجاتهم ومتطلباتهم فهو العائل الوحيد لاسرته وجميعهم لايعمل، لم يكن يتبرم من كثرة مايحمل من أعباء فكل امله ان يرى أولاده فى احسن حال فكان بعد أن تنتهى مواعيد عمله الحكومى يسارع لمكتب المحامى لاستئناف عمله الثانى وفى يوم الحادث استيقظ مبكرا تفقد أبناءه الثلاثة وودع زوجته وذهب لزيارة ابنته الكبرى المتزوجة فى بيتها ليطمئن عليها ويوصيها على نفسها واخوتها الأصغر وحفيده الوحيد اسلام وكأنه يستشعر دنو أجله، وبعد ان انهى عمله الحكومى توجه لاستكمال عمله الاخر وانهاء بعض الأوراق واثناء وجوده بالمحكمة شعر بالتعب وعدم القدرة على صعود السلم العتيق كان مازال فى الطابق الأول علوى وقد لمح لتوه من يستقلون المصعد هم فى اللحاق بهم وشرع فى ذلك رغم محاولات البعض تنبيهه بتحرك المصعد لكن كان السيف قد سبق العذل انفتح الباب رغم صعود الأسانسير، وماان شرع فى الدخول ودون ان يشعر او يرى غياب الكابينه تدلت قدماه وكاد ان يسقط وقبل ان ينجح فى التراجع، تحرك المصعد الذى كان قد علق وتعطل مع فتح الباب ليندفع باتجاهه فجأه وينحشر جسده فيحطم قدميه قبل ان يهوى به الى بئر المصعد فيلفظ أنفاسه . ووسط غمرة انفعاله تحدث شقيق الضحية السيد اللبودى مؤكدا ان شقيقه طالما شكا من عدم قدرته على صعود وهبوط السلم فى ظل التعطل شبه الدائم للمصعد لكنه كان يحتاج العمل ولا يمكنه التخلى عنه للانفاق على اسرته فوظيفة واحدة لم تعد كافية وهو لديه التزامات كثيرة مطالبا بمحاسبة من تسبب فى الحادث وحرمان أولاده منه. حادث مصعد محكمة الزقازيق كان التالى لحوادث عدة شهدتها بنايات كثيرة خلال الأعوام الماضية فى مختلف المحافظات بعد ان تحول لمقصلة لحصد أرواح المواطنين فهذه ام فصل رأسها عن جسدها امام طفلتها وتلك طفلة سحقت أضلعها بين ابوابه وحوائطه واخر تحطمت ودقت عظامه اثر سقوطه المفاجئ واخر انهار به داخل مستشفى عام وفى مايو الماضى شهدت دار السلام بالقاهرة مصرع عامل محارة بعد سقوطه داخل مصعد من الطابق الخامس بعقار تحت الإنشاء، ولقى عامل فى السويس مصرعه نتيجة سقوط المصعد اثناء إصلاحه، كما لقيت فتاة مصرعها الشهر الماضى وأصيب ثلاثة آخرون إثر سقوط مصعد من الطابق التاسع فى عقار بقسم الأزبكية وتعود حوادث المصاعد فى المنشآت والمبانى غالبا الى عطل مفاجئ نتيجة اهمال فى الصيانة لكن ان يحدث داخل مقر قضائى أو مصلحة حكومية يتجاوز حجم المترددين عليها الالاف من القضاة والمحامين والمواطنين لهو بالتأكيد يتجاوز حجم الإهمال