لاشك ان ارتفاع الاحتياطى الاجنبى لدى البنك المركزى برئاسة طارق عامر الى 36.036 مليار دولار فى نهاية يوليو الماضى، مؤشر ايجابى مهم ، حيث تجاوز أعلى مستوى سجله فى نهاية ديسمبر 2010 ، بزيادة تجاوزت 132.5 % ما يعادل 20.5 مليار دولار خلال عام، حيث بلغ 15.5 مليار دولار فى يوليو 2016. ارتفاع الاحتياطى الاجنبى الى هذا المستوى يبرهن على نجاح برنامج الاصلاح الاقتصادى ،بشكل عام - والسياسة النقدية التى ينتهجها البنك المركزى على وجه الخصوص- فى استعادة الاقتصاد حيويته ،كما يضاعف من اهمية ارتفاع الاحتياطى الاجنبى تزامنه مع تراجع العجز فى الميزان التجارى بنسبة 46% خلال النصف الأول من العام الجارى مقارنة بنفس الفترة من عام 2016،مما يعكس النتائج الايجابية لتحرير سعر الصرف ، والضوابط التى اتخذتها وزارة الصناعة والتجارة لتقنين الاستيراد ومواجهة الاستيراد العشوائى ، مما ادى الى انخفاض الواردات بنحو 10 مليارات دولار من 34 مليار دولار الى 24 مليار دولار ، مع ارتفاع الصادرات بنحو مليار دولار لتسجل 11 مليارا و130 مليون دولار مقابل 10 مليارات و295 مليون دولار بزيادة نسبتها 8%، وتسهم هذا التطورات الايجابية فى تخفيف الضغط على العملات الاجنبية ، وتعزيز ميزان المدفوعات . ويطرح الارتفاع الكبير فى الاحتياطى الاجنبى خلال يوليو الماضى ، التساؤل حول الانتقادات التى وجهها البعض لقرار لجنة رفع الفائدة على الكريدور لاسيما فى 6 يوليو الماضى للمرة الثانية على التوالى بمعدل 200 نقطة اساس لكل منها ،الى جانب انتقاد الاتجاه الهبوطى فى سعر الدولار ، وتوجيه الاتهام الى البنك المركزى بالتدخل ، على غير الحقيقة حيث اكد محافظ البنك المركزى فى اكثر من مرة عدم التدخل فى سوق الصرف منذ قرار التحرير فى 3 نوفمبر الماضى وترك السوق وفق آليات العرض والطلب ،فى رفع الفائدة كان وجه الانتقاد ان هذا القرار يضر بتدفق الاستثمارات المحلية والاجنبية ، وفى تراجع الدولار امام الجنيه خلال الاسابيع الماضية كان وجه الانتقاد بان هذا الامر سيرفع مكاسب المستثمرين الاجانب فى ادوات الدين المحلى والبورصة ، وخروجها محققة عائدا مرتفعا بفضل ارتفاع قيمة الجنيه مقارنة بسعره عند دخولها السوق اضافة الى ارتفاع العائد على ادوات الدين بسبب رفع الفائدة . الارقام تؤكد ان هذه الانتقادات لم تكن فى محلها وجانبها الصواب ، وتظهر فى الوقت نفسه ان قرارات المركزى ترتكز على بيانات دقيقة ودراسات جيدة للسوق ، وتدفقات النقد الاجنبى سجلت رقما قياسيا فى يوليو الماضى الى 7.7 مليار دولار – حسب تصريحات لمحافظ البنك خاصة بالاهرام الاقتصادى – 4 مليارات دولار منها جراء التنازل والتخلص من الدولار بعدما اتجه الى الانخفاض امام الجنيه ، كما سجل تدفق الاستثمار الاجنبى فى ادوات الدين والمحافظ بالبورصة قفزة اخرى اذ بلغ 3.7 مليار دولار خلال يوليو الماضى بعد رفع الفائدة ، اضافة الى تحويل الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد بقيمة 1.2 مليار دولار. الرد على ان رفع الفائدة يعيق الاستثمار ، مردود عليه بان الوزن النسبى لسعر الفائدة على الاستثمار ضئيل ، كما ان تأثيره على رأس المال العامل فى الشركات الكبيرة لا يتجاوز 1% فقط ، كما ان نحو 75% من الشركات العاملة بالسوق تستفيد من الحصول على تمويل لانشطتها من مبادرات البنك المركزى فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتتناهية الصغر بسعر فائدة تفضيلى يتراوح ما بين 5% الى 10% الى 12% . ارتفاع الاحتياطى الاجنبى حظى باهتمام واسع عالميا، حيث قالت شبكة «بلومبرج» الأمريكية واسعة الانتشار ، إن القفزة التى حققها احتياطى مصر من النقد الأجنبى تعكس تزايد ثقة المستثمرين الأجانب فى نمو الاقتصاد المصرى ، وارجعت الفضل فى ذلك الى تحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضى وتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولى . كما اشاد بنك «إتش إس بى سى» بالارتفاع الكبير فى احتياطى النقد الأجنبى ، واشار تقرير للبنك العالمى بان الاحتياطى قفز بنحو 17 مليار دولار منذ تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادى ليغطى عمليات الاستيراد لنحو 6 أشهر، كما اشاد بتراجع العجز التجارى بنسبة 21 %، بفضل زيادة الصادرات16% ، وانخفاض الواردات بنسبة 7 %، الى جانب جذب استثمارات بما يزيد على 13 مليار دولار فى أدوات الدين المحلى خلال العام الحالى منها 3 مليارات دولار فى يوليو وحده، كما ارتفعت أصول العملات الاجنبية إلى أقل قليلا من 10 مليارات دولار بنهاية يوليو الماضى، ليصل إجمالى الأصول الأجنبية للبنك المركزى إلى 45 مليار دولار. يبقى ان نشير الى ان ارتفاع الاحتياطى الاجنبى يجب مناقشته فى اطار ارتفاع حجم الدين الخارجى ليتجاوز 74 مليار دولار فى نهاية مارس الماضى ليصل الى 41% من الناتج المحلى الاجمالى ، على ان الامر لايقلل من النجاح لاسيما مع استبدال الودائع قصيرة الاجل بسندات دولية طويلة الاجل تعكس ثقة دوائر الاستثمار فى السوق المصرية.