بحثت أمس عن محلل رياضى عربى واحد من أى دولة عربية فى طول قنواتنا الفضائية المصرية وعرضها ضيفا فى استديوهات التحليل مباريات البطولة العربية للأندية فلم أجد له أثر، فترحمت على قناة «بى إن سبورت» التى قاطعت مشاهدتها كراهية لقناة الجزيرة وكل ما يأتى من إمارة الشر,, وتساءلت هل هذه القنوات تحارب الإرهاب وتسعى بكل السبل لتصدير الصورة الحقيقية للحياة فى مصر المستقرة التى تحتضن بطولة عربية يشارك فيها الجماهير وأكبر 12 ناديا عربيا؟ واستغربت كيف نقلت قناة عامة على الهواء بطولة الأندية الإنجليزية من الصين ولا تكلف نفسها بدعوة المعلقين العرب من تونس ولبنان والسودان والمغرب والسعودية لتقديم أندية هذه الدول إلى جماهيرها فى كل مكان؟ أسوق هذه الملاحظة بداية وليس فى نيتى تقليد الجزيرة بأن «أعمل من الحبة قبة» .. فنحن لدينا حدث سياحى رياضى أخوى عربى بامتياز حقيقى لو سوقناه جيدا لكان كفيلا بمسح كل الصور السيئة السلبية التى تروَج عن مصر الإرهاب والعنف وتكذيب صورة الاحتجاجات والدماء التى تحتل تترات برامج الجزيرة وأخوانها ! ولو تأملنا قليلا فى أصل إنشاء «الجزيرة» سنكتشف أنها مثل بقعة الرمال المسكية فى مدينة العاشر التى تبرك بها الأهالى والمارة واستخدموا رمالها فى الزينة والأحجبة ثم اكتشفوا أنها نهاية نهر جوفى يبدأ من حفرة تستخدم مقلبا لنفايات مصانع العطور والشامبو ، فكذلك كانت الجزيرة ، ففى الأصل كانت مدفنا للعمليات القذرة لتنفيذ مخطط الفوضى الخلاقة، بدأت فكرتها بعد اتفاق أوسلو عام 1993، حين كان شيمون بيريز فى نزهته على كورنيش الدوحة مع ولى العهد الشيخ حمد، اتفقوا على إنشاء قناة تروج لسوق الشرق الأوسط الكبير، تتوازى مع قناة BBC العربية التى كان يجرى التفاوض عليها فى السعودية، وفى تلك الأثناء كانت تجرى مفاوضات مع الشيخ خليفة بن حمد لمنح شركات امريكية حق استغلال حقل الغاز القطرى الجديد، وبعد إصراره على الرفض.. وقع الإنقلاب على الشيخ خليفة عام 1995 أثناء زيارته مصر، واصطحب الرئيس مبارك ضيفه من المطار إلى قصر القبة رغم أنف حمد أمير الإنقلاب الذى اسرها فى نفسه، ونشر الأهرام تقريرا مطولا كتبه مراسله النشط فى الدوحة العزب الطيب الطاهر عن ظروف الإنقلاب وممئوليه وخلفياته والأسلحة المستخدمة، وقال التقرير:أن الدول الأربع (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) وهى نفس الدول التى تعانى من إرهاب الأمير الجديد هى التى اتهمت وقتها برفض الانقلاب المريب، وهدد الأمير المنقلب بإبلاغ الانتربول الدولى بأن الأمير المعزول حمل معه 13 مليار دولار هى كل ميزانية الامارة المهددة بمجاعة، وبعد وساطات من دولة الإمارات أرسل الأمير المخلوع إلى الأمير المنقلب الجانب الأكبر من الأموال المزعومة! وجاء بيريز مرة أخرى لتهنئة الأمير الجديد، واستعجال طرح مشروع الجزيرة لملء الفراغ بعد رفض السعودية شروط صفقة إصدار ال BBC ، وأسفرت الزيارة المريبة للرئيس الصهيونى عن ولادة قناة الجزيرة الفضائية فى نوفمبر 1996بطاقم ال BBC ..ومن يومها ظلت الجزيرة تحت رعاية الأمير حمد وزوجته موزة مباشرة، بل أن تميم قطر أبدى استعداده لوضع ميزانية النشاطات الخارجية تحت الرقابة الأمريكية، وعدم استعداده لقبول إغلاق الجزيرة واعتباره «أمر دونه الرقاب» واعتبر تيلرسون هذا المطلب معاداة للحق فى المعرفة والحصول على المعلومات!، ولا ننسى يوم أن طار حمد إلى واشنطن بأول رسالة من أسامة بن لادن بعد سبتمبر 2001 ليطلع الرئيس بوش على محتوى الشريط قبل إذاعته إلى العالم، وظلت القناة فى الاتجاه المعاكس للمصالح الاستراتيجية العربية، وبوقا لجماعات الإخوان الارهابية وطوائف المعارضة فى الدول المحيطة ويطل منها المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلى، ورغم اكتشاف الجمهور العربى رسالة الجزيرة الشيطانية وفقدان مصداقيتها لدورها المشبوه فى فرض رؤيتها للأحداث والتحريض على الأنظمة الوطنية، إلا أنها عادت إلى الواجهة بعد مطلب التحالف العربى باغلاقها، وتمسك بها تميم واعتبرها نوعا من مقاومة الاحتلال، وتحولت قناة الترويج لجماعات العنف والجريمة وتزييف الأحداث فى نظر تيلرسون إلى رمز للحرية ، وبقعة مباركة رغم أن الجزيرة مثل رمال العاشر كانت فى الأصل حفرة لدفن نفايات الأعمال القذرة لأجهزة المخابرات، ولو كانت السعودية وافقت على الBBC أونجحت مع مصر فى إنشاء قناة بديلة أو تسويق إمكاناتنا وقضايانا بشكل حر وموضوعى ومستقل، لكتبتا شهادة وفاة الجزيرة قبل ان تولد ! لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف;