تفتح حكومة الاحتلال الاسرائيلى المتطرفة بوابة الصراع والحرب الدينية بتصعيد إجراءاتها القمعية بحق المقدسيين، ومدينة القدس، والمسجد الأقصى وتقييد حرية العبادة، وتستبيح الأماكن المقدسة فى فلسطين. إن إصرار حكومة التطرف فى إسرائيل على السيطرة على المسجد الأقصى بذريعة خرافة الهيكل هى الركيزة الأساسية للصراع الدينى الذى سعى التطرف والإرهاب اليهودى الى إشعاله. وشرعت القوات الإسرائيلية وعقب عملية إطلاق النار فى ساحات الأقصى صباح الجمعة الفائت، بحملاتٍ واسعة لتفتيش وتمشيط المسجد الاقصى كاملا، بما يشمل الساحات، والغرف والآبار، والمتحف الإسلامي، والمكتبة فى حين تم تركيب أجهزة مراقبة ومجسات إلكترونية فى جميع أرجاء المسجد، والتطور الأخطر يتمثل بعدم السماح بوجود أكثر من 5000 مصلٍ فى نفس الوقت داخل المسجد، وإذا بلغ العدد ذلك ستقوم الشرطة بإغلاق المكان. قانون «القدس الموحدة» بعد يومين من الأحداث غير المسبوقة يوم الجمعة الدامى وإغلاق الأقصى فى وجه المصلين لأول مرة منذ 50 عاما عندما احتلت إسرائيل القدس عام 1967 جاءت موافقة اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشئون التشريع الأحد الماضى، على مشروع قانون يمنع تقسيم مدينة القدس، استباقاً لأى تسوية سياسية، بالتصويت لصالح مشروع القانون بالإجماع من قبل اللجنة، إن اسرائيل لا تملك أى صلاحية قانونية لسن أى تشريع يتعلق بالقدس أو أى منطقة أخرى محتلة، لأن الأراضى المحتلة يحكمها القانون الدولى وليس القانون المحلى لدولة الاحتلال. فلا شرعية لهذا القانون، لأن اسرائيل فى أصلها هى قوة احتلال ووجودها فى القدس والضفة هو وجود بالقوة، الأمر الذى يعنى ان أى قوانين تشرعها هى غير ذات صفة شرعية، وليست ملزمة وستزول بزوال الاحتلال، لان الاحتلال من الأساس فرض نفسه بالقوة وليس بالقانون. اننا امام احتلال عسكرى بالقوة يفرض إرادته على الأرض، وعلى دولة فلسطين المعترف بها دوليا كعضو مراقب فى الأممالمتحدة ان تتحرك على المستوى السياسى والدبلوماسى ضد الإجراءات الإسرائيلية بحق القدس تساندها فى ذلك الدول العربية والإسلامية، وتفجير الأوضاع على هذا النحو يزيد الأمور تعقيدا ويقوض أى فرص للسلام أو التسوية على المدى القريب والبعيد بما يشيع اليأس وانعدام الأمل عند المواطن الفلسطينى على الأرض ويدفع به الى العنف الذى يرشح الأوضاع الى انتفاضة ثالثة حتما ستضر بكل الأطراف. بلدية إسرائيل تدير المسجد سلمت سلطات الاحتلال الاسرائيلى مسئولية إدارة ساحات المسجد الأقصى الى بلدية القدس الإسرائيلية، والتى اتخذت بعض الغرف مقرا لها، فضلا عن تركيب بوابات إلكترونية على جميع مداخل وبوابات المسجد، وصادرت معظم مفاتيح الأبواب الخارجية والداخلية، وفتحت الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى تدريجيا امام المصلين بعد ثلاثة أيام من إغلاقه والذى ترافق مع إجراءات أمنية مشددة تضمنت وضع بوابات إلكترونية عند الأبواب، الامر الذى تسبب فى وقوع مواجهات فى المكان، وقالت الشرطة ان شخصا اعتقل خلال ذلك، فى حين أشار الفلسطينيون إلى وقوع إصابات خلال فض الشرطة الإسرائيلية للمظاهرات امام أبواب الأقصي. ورفض المجلس الإسلامى الأعلى فى القدس التوجه لفتح المكان احتجاجا على تغيير الوضع القائم فى الحرم القدسي، وطلب مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسوانى من المصلين عدم الدخول حتى إزالة البوابات الإلكترونية. وسلمت إسرائيل الأوقاف الإسلامية مفاتيح المصلى القبلى والأقصى القديم والمصلى المروانى فى المسجد الأقصي، وامتنعت عن تسليم مفاتيح باب الأسباط وباب الملك فيصل وباب المجلس، وعقب ذلك وقعت مواجهات عند باب الاسباط بين النساء وعناصر الشرطة الإسرائيلية، واعتقلت الشرطة ثلاثة فلسطينيين خلال اندلاع مواجهات جديدة خارج باب الاسباط، تزامنت مع اندلاع مواجهات واشتباكات بين شبان وعناصر الشرطة فى مخيم شعفاط والعيساوية. المصلون رفضوا الأبواب الإلكترونية قال رئيس الهيئة الإسلامية وخطيب المسجد الأقصي، الشيخ عكرمة صبري، إن وجود البوابات الإلكترونية هو جس نبض لإمكانية سيطرة إسرائيل على إدارة المسجد الأقصي، بحيث يتحكمون بالداخل والخارج، وتكون لهم سلطة قرار الإغلاق والفتح، مشيرا إلى أن جميع المفاتيح الآن فى عهدة الجيش الإسرائيلي، وأضاف صبرى فى بيان صحفى أن تلك الانتهاكات الإسرائيلية هى إجراء سيادى احتلالى على الأقصى وسحب للصلاحية من الأوقاف الإسلامية، مشيرا إلى أن الاحتلال استغل الأحداث الأخيرة لتنفيذ ما خطط له مسبقا، لافتا إلى تصريحات وزير الأمن الداخلى الإسرائيلى بضرورة فرض السيادة على الأقصي، لأن تلك الخطوة كانت إسرائيل تحلم بها منذ فترة طويلة. وان موظفى الأوقاف رفضوا الدخول للمسجد، وكذلك المصلون رفضوا الدخول عبر البوابات الإلكترونية وصلوا خارج البوابات، مؤكدا أن هناك مخططات رهيبة لتهويد القدس والسيطرة على المسجد الأقصي، ورأى أن إسرائيل استغلت هذا التوقيت من الخلافات العربية والمشكلات التى أشغلتهم عن القدس لتقوم بتلك الانتهاكات. من جهته يؤكد المختص فى الشأن الإسرائيلى عليان الهندى تعقيباً على مصادقة الاحتلال على قانون «القدس الموحدة»، أن «لا قيمة للقرار بالاستناد لقانون ضم القدس عام 81 ويعكس القوانين الأخرى التى تحتاج لأغلبية، وأن 80% من أعضاء الكنيست يميلون لعدم تقسيم القدس، كما أن الصعوبات التى يضعها الاحتلال الهدف منها إفشال الجهود الأمريكية فى قضية القدس التى تعد أكبر القضايا الخلافية».واضاف فى تصريحات إعلامية أن مدينة القدس هى العاصمة الوحيدة فى العالم التى تحكم بقوة السلاح بوجود أكثر من 5 آلاف جندى مدججين بالأسلحة لغياب القوة الأخلاقية التى فى اصلها تستند للشرعية الأخلاقية والتاريخية. كما قال أحمد أبو حلبية رئيس مؤسسة القدس الدولية فى فلسطين إن «الصمت الرسمى العربى والإسلامى تجاه ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلى فى القدس والمسجد الأقصى يشجع سلطات الاحتلال على تغيير الواقع فيهما، ويدفعها قدما لتنفيذ ما كانت تخشى القيام به فى السابق، وظهر ذلك أخيرا فى تجرؤ قوات الاحتلال يوم الجمعة الماضية من منع إقامة صلاة الجمعة فى المسجد الأقصى ومنع رفع الأذان فيه وإخراج المصلين وحراسه منه بعد احتجازهم واستجوابهم واعتقال البعض منهم، حيث رافق ذلك عمليات تفتيش وتخريب طالت كل المرافق والمصليات والمدراس والمراكز فى المسجد الأقصى المبارك» وبين أبو حلبية أن «عملية منع إقامة الصلاة استمرت من يوم الجمعة حتى يوم الأحد، حيث قامت سلطات الاحتلال بوضع أجهزة تفتيش إلكترونية كبيرة على بوابات المسجد الأقصى ليدخل المصلون من خلالها فقط، وهذه كلها إجراءات مستجدة لم يجرؤ الاحتلال القيام بها مسبقاً» وطالب المجتمع الدولى ومؤسساته باتخاذ موقف جاد لاستنكار الانتهاكات ضد المسجد الأقصى ولنصرة قضيته العادلة والعمل الحثيث للجم سلطات الاحتلال من الاستمرار فى سياساتها العدوانية.