أثار قانون أو عقد توثيق الخطوبة جدلاً واسعاً في المجتمع والأسر المصرية، بمجرد طرحه من قبل البرلمان في الأيام القليلة الماضية، وقامت الدنيا ولم تقعد.. وما بين مؤيد ومعارض لرأي البرلمانية صاحبة هذا التشريع نطرح في السطور التالية بعض الأفكار التي قد تلهمنا وتساعدنا لفهم الأمر! قالت عبلة الهواري، عضو لجنة الشئون التشريعية والدستورية بالبرلمان، وصاحبة مشروع قانون تقنين الخطوبة: إن قانون الأحوال الشخصية منذ عام 1920 لم يتعرض من قريب أو بعيد للخطوبة، مشيرة إلى أن فكرة تقنين الخطوبة هو الحفاظ على حرمة المنازل حتى يكون الزواج جادا.. وأضافت الهواري، خلال حوارها على أحد الفضائيات منذ عدة أيام، أن تقنين الخطوبة لا يعنى توثيق، ولكنه عبارة عن كتابة كل شروطها وتحديد مدة الخطوبة في العقد بحد أقصى، وهذا بهدف الحفاظ على حقوق الطرفين. كما أوضحت أن مشروع القانون الذي تقدمت به لتعديل قانون الأحوال الشخصية لا يتعلق بالخطبة فقط، ولكنه قانون يخص الأسرة بالكامل. وبما أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع لقانون الأحوال الشخصية، فإن مثل هذا المقترح لابد من وضعه على كفة الدين لوزنه، وبالفعل هذا ما قمنا بعمله من خلال رصد آراء العلماء حول هذا المقترح.. حيث قال الدكتور محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، إن مقترح توثيق الخطبة المطروح بالبرلمان مازال في طَور المناقشة، مُنَوِّهاً بأنه لن يصل إلى النهاية ولن يرَ النور.. مؤكدًا أن هذا الأمر لا علاقة له بالشريعة، فالشرع أقرّ في فترة الخطبة أن يتعارف الزوجان على بعضهما، أخلاقه وعاداته وطباعه وما نحوها من الأمور الأخرى، ولا يختلي أحد منهما بالآخر، وإذا وَفَّقَ الله بينهما، يتم الزواج، وإن لم يوفق بينهما يُغني الله كل من سعته. ومن جانبه، لفت الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى أنه إذا كان مقترح توثيق الخطبة المطروح بالبرلمان يهدف إلى منع الخطيبين من التلاعب بالخطبة، فلا مانع منه بشرط واحد، وهو ألا يكون أحد أشكال الإلزام لهما. فإذا كان الغرض من توثيق الخطبة إلزام الخاطب أو المخطوبة بالخطبة، فهذا يُنافي حقيقة الخطبة، لأنها وعد بالزواج ومقدمة وتمهيد لعقد الزواج، وتوثيقها يعني ذهاب الخطيبان إلى المحكمة والتقاضي، بما يدخلهما في إطار الخصومة والانتقام، وهو على عكس الطبيعي المفترض في هذه المرحلة، التي هي للتفاهم والتعارف. كما حذّر الدكتور محمد الشحات الجندي، من خطورة مقترح توثيق عقد الخطبة، مشيرًا إلى أنه قد يُستخدم بصورة خاطئة، حيث يعتبر الشاب أن توثيق الخطوبة هو عقد للزواج وبموجبه يُطالب الفتاة بحقوقه الزوجية.. خاصة في ظل وجود شباب لا يعي متطلبات الدين الإسلامي في علاقة لها قدسية مثل علاقة عقد الزواج، لافتًا إلى أن الشباب ليس لديهم الوازع الديني الذي يجعلهم يلتزمون بذلك في حالة التوثيق للخطبة، بما يدفعهم للدخول في علاقات زوجية قد يكون نتيجتها أطفال. ونَوَّهَ بأن قواعد الشريعة الإسلامية توافق على توثيق الزواج لصيانة الحقوق، بما يطرح السؤال ما هي الحقوق المترتبة على توثيق الخطبة، فبمقتضاها يثبت للطرفين حقه تجاه الآخر، قائلًا: أخشى استخداماً خاطئاً من جانب الشاب والفتاة للخطبة في حالة التوثيق، ووجود علاقات بينهما تحت عنوان التوثيق. ونَبَّهَ إلى أنه قد يُقنع الشاب خطيبته، بأنه زوجها بموجب عقد الخطوبة الموثق بالقانون وعلم الناس، ثم تُفسخ الخطبة، بما قد يدفع البعض من ضعاف النفوس الذين يستغلون ذلك إلى عدم المُضي قُدماً في إكمال مشروع الزواج، بعد الدخول في علاقة زوجية، قد ينتج عنها أطفال يضافون إلى قضايا إثبات النسب أو إلى أطفال الشوارع. وأكد عضو مجمع البحوث الإسلامية، أنه يجب أولًا دراسة مقترح توثيق الخطبة جيدًا وليس نظريًا، وإنما من واقع استقراء الحالات التي نجدها في الواقع العملي، والاطّلاع على ما في المحاكم من قضايا إثبات النسب، بما يحتم ضرورة التفكير جيدًا في هذا الموضوع، حيث أنه شرعًا من حق الخطيبين ترك الآخر، فماذا يكون مصير الأطفال، بما يزيد من أطفال الشوارع؟ من قلبي: بما أنه لا توجد سوابق في الشريعة لتوثيق الخطبة بعقد، وأن العلاقة في مرحلة الخطبة ينبغي أن يسودها التعارف والتفاهم، دون تجاوزات.. فنتساءل نحن، في حال توثيق الخطبة، فماذا يتم عند الزواج؟ هل يوثق بعقد جديد أم يُكتَفَ بعقد الخطبة؟ وأعتقد وكما يعتقد كثيرين، إن لم يكن الجميع، أن الخطبة هي فرصة للتعارف فقط ولا ضرورة للإلزام فيها، ولا مجال لها في الشريعة.. كما أنه من الضرورة أهمية لفت الانتباه إلى أن ذلك سيزيد من العنوسة التي انتشرت مؤخراً في المجتمع. من كل قلبي: لدينا من القضايا الأكثر أهمية للأسرة والأولى من توثيق الخطبة، مثل وضع قوانين وتشريعات من قبل البرلمان لتنظيم النسل العشوائي في المجتمع، كما نطالب بتشريعات لمراقبة التُجَّار وارتفاع السلع في الأسواق لتحمي المواطنين من جشعهم.. وكما نطالب السادة النوّاب الأفاضل بضرورة التركيز بشدة في مثل هذه القضايا، فالشعب في أمّس الحاجة لنظركم عن قرب.. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، لعلكم تعقلون! [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن;