"الأخبار الكاذبة" أو "الملفقة" ظاهرة باتت منتشرة بطريقة فجة في جميع وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية، تسببت فى حالة من انعدام الثقة وعدم اليقين فيما يتم نشره من أخبار فيها ، ووصلت لدرجة إثارة العديد من الأزمات وتشويه صورة دول وأفراد ، ومصر واحدة من الدول التى ذاقت كاس المر هذا الغريب أن هذه الاخبار الكاذبة تخطت مفهوم "الحرب النفسية" أو "حرب الشائعات" وقت اندلاع الأزمات بين الدول، أو احتدام الصراع بين الأطراف السياسية داخل الدولة الواحدة؛ لتكون حاضرة طوال الوقت بهدف زيادة نسبة المتابعة والمشاهدة، والحصول على حصة أكبر من سوق الإعلانات، مع انتشار ما يُعرف ب"أخبار الترافيك" خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الخبرية. شدنى تقرير لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة حول " تطبيقات جديدة للقضاء على الاخبار الكاذبة " اشار فيه الى ان هذه الظاهرةُ أثرت سلبيًا على المهنيةَ المفترضةَ لوسائل الإعلام التقليدي، وزعزعت الثقةَ في وسائل الإعلام الحديث التي استطاعت خلال الفترة الماضية بناء ثقة بينها وبين مستخدميها، لدرجة اعتبروها مصدر اول للمعلومات، حسب بعض الإحصائيات واستطلاعات الرأي. وبحسب تقرير المستقبل "سابقا كانت البيئة الصراعية هي المحفز الأساسي لتصاعد نمط "الإعلام المضلل" المتمثل في الأخبار والتصريحات الملفقة كأحد أدوات "الصراع النفسي" للتأثير على الرأي العام "، ويحضرنى هنا رأى رئيس هيئة الاستعلامات الحالى بأن الاخبار التى تم بثها فى افريقيا ابان ثورة 30 يونية كانت ملفقة و تتعمد تشويه صورة مصر لانها تستقى معلوماتها من وسائل الاعلام الاجنبية الموجهة وهو ما استدعى تعزيز مكاتب الاعلام الخارجية فيها لتصحيح الصورة عن مصر. لكن ما يحدث الان فى المشهد الإعلامي الحالي -عالميًّا وإقليميًّا- يؤكد أن أنماط توظيف الأخبار الملفقة قد تعددت اكثر لتشمل الأهداف الربحية، بتعمد المواقع الإلكترونية حتى الكبرى منها على استخدام عناوين مختلقة و أخبار مثيرة للجدل، للحصول على "ترافيك" يساعدها في رفع نسبة متابعيها وبالتبعية الحصول على إعلانات تجارية تستطيع من خلال عائدها المالي الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه موظفيها، بعد تراجع التمويل، او لإلهاء الرأي العام عن قضايا كبرى تشغل اهتمامه، الى جانب الأسباب السياسية التي لا تزال أحد محركات هذه الظاهرة حتى الآن، مستغلة قدرتها على الانتشار السريع، وعدم الخضوع للرقابة وغياب آليات يُعتد بها لتصحيح الأخبار الخاطئة، أو تكذيب الملفق منها.ولا يغيب عن الذهن هنا ان انتشار الشائعة عادةً ما يستمر حتى بعد تكذيبها خاصة فى وسائل التواصل الاجتماعي التى تعتمد على قلة خبرة المتلقي، و تسرعه في نقل المعلومة دون النظر في محتواها أو تاريخها. ومن ابرز التلفيقات فى ألمانيا - التى ذكرها تقرير المستقبل - التي وظفت فيها قوى اليمين المتطرف وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة أهدافها الرامية إلى منع استقبال اللاجئين من منطقة الشرق الأوسط، بنشر أكاذيب أو التضخيم من جرائم ارتكبت من قبل لاجئين كحوادث فردية، أبرزها انتشار خبر عن إحراق كنيسة في دورتموند ليلة رأس السنة الماضية وسط هتافات "الله أكبر"، الأمر الذي عرّض موقع "فيسبوك" لانتقادات رسمية في ألمانيا مما اضطرها لإخضاع مديري الصفحات المتورطة في نشر أخبار كاذبة للملاحقة القضائية، ووافقت الحكومة، في إبريل الحالى على مشروع قانون يعاقب شركات مواقع التواصل الاجتماعي على ترويج أخبار كاذبة بغرامات تصل إلى 50 مليون يورو، وهو ما دفع الموقع، في يناير الماضى ، إلى طرح تطبيق جديد في ألمانيا للتأكد من صحة الأخبار المنشورة عليه. ولا يغيب عن اذهاننا فضيحة الاعلام الامريكى خلال الانتخابات الأمريكية الاخيرة والانتقادات الحادة التي تعرضت لها إدارة موقع "فيسبوك" ، وإعداد تقرير حول الأمن الإلكتروني اكد وجود جهات وأفراد قاموا بتوزيع أخبار ورسائل لحسابات بعينها تم اختراق بياناتها من خلال البريد الإلكتروني، وازاء ذلك قامت إدارة الموقع بإضافة تقنيات جديدة للعثور على الحسابات المزيفة والانتهاكات على موقعها، وإضافة ميزات أمان وخصوصية أفضل لمنع المخترقين من الحصول على المعلومات الشخصية للمستخدمين، وعطلت أكثر من 30 ألف حساب وهمي في فرنسا، منذ 13 إبريل وحتى نهاية الشهرواطلقت "ويكيبيديا" نهاية إبريل الماضى ، موقعًا إخباريًّا جديدًا باسم "ويكيتريبون"، لكشف الأخبار الكاذبة، وظهرت مبادرات من وسائل الإعلام التقليدي التى تورطت في إذاعة أخبار كاذبة، وواجهت مشكلة نشر صور وقصص صحفية مغلوطة، لا سيما عن الصراعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، فأنشئت شبكة "بي بي سي" قسما خاص بمراقبة الأخبار قبل نشرها على مواقعها الإلكترونية. وعملت وكالة "فرانس برس"، "فيرست درافت نيوز" لتحسين نوعية المعلومات المنشورة على شبكة الإنترنت ،وكلها تحركات عالمية لمواجهة الاخبار الكاذبة ونحن فى مصرلا نحرك ساكنا ، لا برلمان يريد ان يقر قانون الصحافة والاعلام ولاقانون المعلومات ولا حتى نطبق ما يسمى بميثاق العمل الاعلامى رحمة بالمجتمع من فتنة الشائعات والاخبار الكاذبة المضروبة. لمزيد من مقالات سعاد طنطاوى;