أكدت الفنانة حنان ترك خلال ندوة استضافها مهرجان الشارقة القرائي للطفل في اكسبو الشارقة، أن المحتوى الإعلامي المخصص للطفل في العالم العربي يعاني غياب الرقابة، ويفتقد إلى المعايير الناظمة، مشيرة إلى خطورة ذلك على مستقبل الأجيال الجديدة في ظل ما يقدم لهم من مواد تشجع على العنف والقتال. وشددت خلال الندوة التي أدارتها الإعلامية دينا قنديل، على ضرورة تكاتف جهود المؤسسات مع الفنانين، للنهوض بواقع إعلام الطفل، والعمل على تصحيح مساره، مشيرة إلى التجارب الفنية التي اجتهدت وفشلت بعد أن فقدت فرصها في الدعم والرعاية. وتوقفت عند تجربة الشارقة في العناية بالأطفال، والاهتمام بتطوير مهاراتهم ومعارفهم، بقولها: "تجولت في مجمل بلدان العالم العربي، وكنت ضيفاً على الكثير من مهرجاناتها، وملتقياتها، إلا أنني لم أجد عناية واهتماماً بالطفل مثلما وجدته في مهرجان الشارقة القرائي للطفل، حيث يرافق أجنحة دور النشر المتخصصة بأدب الطفل، فعاليات وورش حيّة تقدم للأطفال واليافعين مهارات ومعارف، تضيف إليهم خبرات، وتكشف لهم عن مواهبهم، الأمر الذي يستدعي القول إن الشارقة نموذج لم أجد له مثيل في العناية بالأطفال وثقافتهم، وينبغي أن تحذو حذوه سائر البلدان العربية". وأضافت: "سأحرص في الدورات المقبلة للمهرجان، أو خلال معرض الشارقةالدولي للكتاب، على تقديم ورشة للأطفال في صناعة الرسوم المتحركة، أعلمهم فيها خلال ساعة كيف يصنعون فيلماً قصيراً من دقيقة واحدة، إذ يعد ما يوفره المهرجان فرصة ثمينة لكل المقيمين والزائرين للشارقة، لإغناء تجارب أطفالهم، وتعزيز مهاراتهم". وحول المحتوى الإعلامي والفني المستورد للأطفال، بيّنت الترك أنها خلال مسيرتها الفنية عملت على "دوبلاج" واحد من أفلام كرتون الأطفال الأمريكية، وكانت متحمسة جداً إلا أنها صدمت بعد تسجيل عدد من الحلقات، حيث وجدت سلوكيات، وأخلاقيات لا تنتمي للثقافة العربية والإسلامية بصلة، لذلك لم تواصل العمل في أجزاءه الثانية والثالثة. واستعرضت الترك محطات من مسيرتها الفنية، وتجربة تحولها من السينما إلى الرسوم المتحركة للأطفال، بقولها: "تعد تجربتي في مسلسل "سارة" هي المحطة التي دخلت منها إلى تجربة العمل في المحتوى الفني المخصص للطفل، حيث جاءت فكرة "نونة" –شخصيتها الكرتونية- من شخصية سارة نفسها، حتى أن الفنانة التي نفذت "نونة" استندت إلى ملامح سارة، وشخصيتها". وأوضحت أن سبب توجهها لأعمال الطفل، كان نتيجة قناعات شخصية لها علاقة بالأدوار التي كانت تقدمها في السينما، والتلفزيون، مشيرة إلى أنها وجدت نفسها ملتزمة برسالة أخلاقية، عليها أن تقدمها للأطفال بصورة تليق بعقولهم ومستقبلهم. وفي ردها على سؤال: كيف استفادة من عملها مع كبار السينما المصري والعربية، مثل يوسف شاهين، ونوري الشريف، ويحيى والفخراني؟ أجابت: "شكل عملي مع قامات كبيرة في السينما والتلفزيون، مدرسة فنية تتلمذت فيها على أيديهم، وتعلمت منهم الكثير، خاصة أنني لم أدرس التمثيل أو الإخراج أكاديمياً، فكنت استعين بهم مع كل دور أقوم به، لأخرج من قالب الشخصية والعودة إلى شخصيتي الحقيقية". ومن جهة أخرى وفي ندوة بعنوان كيف يسهم أدب الطفل في نشر السلام وتعزيز التقارب بين الشعوب؟ أكد متخصصون في شؤون الأدب والثقافة أن أدب الأطفال يمكن أن يسهم في تعزيز التقارب بين الشعوب والثقافات، ويدعم تكوين صداقات متينة من شأنها أن تصب في حصول الجميع على عالم آمن ومستقر للعيش، وقادر على التواصل والمحبة والسلام. جاء ذلك خلال الندوة المفتوحة التي شهدها جمهور مهرجان الشارقة القرائي للطفل، بعنوان"استلهام الموروث في أدب الأطفال" في قاعة ملتقى الكتاب، شارك فيها كل من: لطيفة بطي، وفرانيه ليساك، وسوابنا هادو، وأدار الندوة الفنان محمد غباشي. واستهلت الكاتبة فرانيه ليساك حديثها حول الموروث بالقول:" إن التصور الصحيح للموروث من أجل كتابة مادة أدبية للطفل، أو حتى مادة عامة، يستدعي الكتاب أن يُلِم بقراءة صحف المرحلة التي يتحدث عنها، ويتفقد ملابس الناس في تلك الحقبة، إضافة الى التبحر بالصور الفوتوغرافية المنقولة عنها، لأنها تتيح تصوّر التاريخ ومحاكاته بشكل ينقل انطباعاً حقيقياً يلامس فضول الطفل والبالغ على حد سواء". وبينت ليساك أن بعض الكتابات تتطلب أن يقوم الكاتب بالسفر إلى تلك المناطق، واللقاء بالناس هناك للتعرف على ثقافاتهم المختلفة من جهة، إضافة إلى التحدث مع مختلف الشرائح في المجتمع، ولا يتم الاكتفاء بذلك بل يمتد في معلوماته ليتعرف حتى إلى طبيعة الأطعمة ونوع النبات التي تزرعها تلك الأراضي، لتقديم أقرب صورة ممكنة عن موقف أو قضية حدثت في زمان قديم للجيل الجديد. من جهتها تحدثت الكتابة سوابنا هادو عن تجربتها الأدبية في الكتابة للطفل وقدرتها في الاستحواذ على جوائز مرموقة عدة، أنها كانت تتميز بنوع من الخجل في إطار مشاركة أعمالها الأدبية مع الآخرين لمرحلة ما قبل العشرين عاماً من عمرها، إلا أنها غيرت هذا الأسلوب بعد هذه المرحلة ونشرت بعض القصص التي شجعتها النظرة الإيجابية للناس في الدخول في عالم الكتابة ، مشيرة بذلك إلى أهمية الإصرار لبلوغ النجاح. على صعيد متصل أكدت الكاتبة الكويتية لطيفة بطي خلال الحديث عن تجربتها الأولى أنها حين تسملت وقرأت أول قصة مطبوعة تخيلت أن أسمها موضوع محل اسم الكاتب، وكانت في الوقت نفسه تحرص على استماع حكايات الكبار المليئة بالمحبة والمشاعر النقية والقيم، وكوّنت لها بذلك خزيناً كبيراً في الذاكرة، وبعد توسع قراءاتها وجدت مقاربات كثيرة بين الموروث المحلي والعالمي، فسلكت طريقاً أدبياً يجمع بين الثقافات وكونت أسلوبها الخاص في كتابة أدب الطفل الذي أتاح لها النجاح والحصول على جوائز كثيرة.