فى فترة قصيرة للغاية فقدت الثقافة السينمائية فى مصر أبرز فرسانها الذين حفظوا تواريخها، وأرخوا لها، ودافعوا عنها، وأقاموا الاحتفاليات الكثيرة من أجل أن تنتعش. من هؤلاء الذين فقدناهم أحمد الحضرى المترجم والمؤرخ، وأحد مؤسسى نادى السينما، وجمعية الفيلم، وقد تولى إدارة مهرجان القاهرة الدولى للسينما ابان رئاسة كمال الملاخ له، وأيضا رئاسة مهرجان الإسكندرية لعدة سنوات، وكان من أوائل عمداء المعهد العالى للسينما فى فترة تخرج فيها أبرز شباب المعهد الذى أثرى السينما المصرية. الاسم الثانى هو الدكتور فاروق الرشيدى الأستاذ بمعهد السينما، صاحب التجربة الإخراجية الواحدة بفيلم «الفضيحة» عام 1992، والذى فاجأ جمهوره بتحوله إلى التمثيل الدرامى، وقد تخرج على يديه الكثيرون من الطلاب المتميزين الذين لمعوا فى السينما والتليفزيون بالإضافة إلى نشاطه فى نقابة السينمائيين ورئاسة العديد من المهرجانات. الاسم الثالث هو المخرج محمد كامل القليوبى الذى حصل على الدكتوراة فى موسكو، وقد مارس النقد السينمائى بالإضافة إلى التدريس فى معهد السينما، وهو صاحب دراسات سينمائية خاصة بتاريخ السينما المصرية، وله العديد من الإصدارات بالإضافة إلى العديد من الأفلام الجيدة الجدلية والتى تعتبر علامة سينمائية ومنها: «ثلاثة على الطريق»، وقد تولى العديد من المناصب منها رئاسة المركز القومى للسينما ومهرجان الإسكندرية. الاسم الرابع سمير فريد وهو الأبرز، ويمكن اعتباره شيخ النقاد السينمائيين، حيث مارس كتابة النقد فى جريدة الجمهورية لأكثر من أربعين عاما، وهو الوجه المصرى الأكثر حضورا فى مهرجانات السينما العربية والعالمية، وتم تكريمه فى بعض هذه المهرجانات وآخرها مهرجان برلين لهذا العام، بالإضافة إلى عضويته فى أكثر من لجنة تحكيم محلية ودولية. هذه الأسماء لم يكف أصحابها عن العمل فى مجالاتها، والغريب أن رحيل سمير فريد مؤخرا هو الذى جعلنا نشعر بقيمة الآخرين، والسؤال الذى يفرض نفسه: هل فقد التاريخ السينمائى أساتذته الأوفياء، وصرنا لا نعلم إلى أين تتجه الثقافة السينمائية الجادة، ونحن الآن وطن بلا مجلات، أو صحف متخصصة فى السينما، وأيضا بعد أن أغلقت أغلب نوادى السينما التى استمر نشاطها لسنوات طويلة؟. لمزيد من مقالات محمد نصر