«إن وسيلة التغلب على الخوف من الموت هى أن تمنعه من أن يصبح همّا يتملكك» هكذا، وببلاغة رائعة، كتب المترجم الراحل طلعت الشايب، الذى توفى يوم الجمعة الماضى عن 75 عاما، إحدى عبارات رواية «عاريا أمام الآلهة» للروائى شيف ك . كومار، والشايب كان أحد رواد الترجمة فى العصر الحديث، وأحد المترجمين القلائل الذين استطاعوا أن يحفروا أسماءهم بحروف من نور فى مجال الإبداع، حيث طغت شخصيته وذائقته الأدبية على صاحب العمل الأصلى، وكانت الترجمة لديه فنا إبداعيا وميلادا آخر للنص. وقد عُرف عن المترجم الناجح أنه لابد أن يكون مبدعا، وألا يكتفى بنقل النص من لغة إلى لغة أخرى، وهذا كان سبب شهرة طلعت الشايب، فقد كان النص يتحول معه إلى عمل إبداعى جديد، فأثرى المكتبة العربية بعدد من الأعمال العالمية الشهيرة، ورغم أن أشهر ما ترجمه هو كتاب «صراع الحضارات» لصمويل هنتنجتون، وأيضا أطروحة الباحث السويدى تيتز رووكى التى حصل بها على درجة الدكتوراه فى الأدب العربى من جامعة ستوكهولم عام 1997، وقدمها للأدب العربى بأسلوب أدبى شيق بعنوان «فى طفولتى» وهى دراسة فى السيرة الذاتية لبعض المبدعين العرب منهم طه حسين، لكن الشايب ترجم أيضا عددا كبيرا من الأعمال الإبداعية الغربية من قصص وروايات ودواوين شعرية، منها: «مكتوب ان تتخيل قصة جديدة لحياتك» مجموعة قصصية لباولو كويللو عام 2008، تغوص فى أعماق النفس البشرية، ويصف كيف يصرخ الكاتب فى أبطال قصصه ويدفعهم لكسر الحاجز الوهمى، وقهر الاستسلام والجبن، وقد نقلها الشايب بلغة أدبية بسيطة رائقة. رواية «بقايا اليوم» تأليف كازو إيشيجورو، وهى الرواية الفائزة بجائزة البوكر البريطانية للرواية عام 1989، وقد بيع أكثر من مليون نسخة من الطبعة الإنجليزية فقط فى العام الأول، وكانت من أكثر الكتب مبيعا على مدى أكثر من خمس سنوات, وترجمت لعدة لغات وتحولت لفيلم سينمائى حصل على سبع جوائز أوسكار بطولة أنتونى هوبكنز وإيما طومسون، وهى رواية تعالج التسويف والإهمال. رواية «الحمامة» للروائى الألمانى باتريك زوسكيند التى كتبها عام 1987، يصور زوسكيند حياة جوناثان نويل، ويصف أحواله بدقة حياته. «أصوات الضمير» خمسون قصيدة من الشعر العالمى، اختيار وترجمة وتقديم طلعت الشايب، وهى قصائد كتبها أصحابها صرخة فى وجه الإرهاب والعنف المادى والمعنوى والاضطهاد العنصرى والتهميش الاجتماعى والسياسى. الجدير بالذكر أن طلعت الشايب المولود عام 1942 بمحافظة المنوفية وقد شغل موقع نائب مدير المركز القومى للترجمة، وقد توفى مساء يوم الجمعة الماضى أثناء مشاركته فى ندوة بدمياط.