لم تكن د. إكرام عبد السلام مجرد طبيبة للأمراض الوراثية تصف الدواء المثالى لمرضاها من الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة، ولم تكن مجرد عالمة حصلت على العديد من الجوائز فى مجال الطب والوراثة. . ولم تكن مجرد مرجع للعديد من القراء الذين استفادوا الكثير من علمها الذى نشر فى صفحات المرأة والطفل بجريدة الأهرام لسنوات عديدة.. ولكنها كانت أما ترسم البسمة على وجوه كل مرضاها من الأطفال وتزرع الفرحة فى قلوب ذويهم عندما يرونهم يتبدلون يوما بعد يوم الى الأفضل بفضل الله وبسبب توجيهاتها قبل وصفها للدواء لهم.. وفى عيد الأم هذا العام لم يحتفل بها أبناؤها من الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة فقد رحلت عن دنيانا فى شهر يوليو الماضى تاركة إرثا من العلم لأجيال من بعدها ومنهم ابنتها الدكتورة إيمان إحسان أستاذ طب الاطفال و الوراثة التى سلكت مسلكها لتنهل من علمها الغزير فى علم الوراثة.. كانت الدكتورة إكرام الابنة الوحيدة لوالديها، وكان والدها وزيرا للزراعة فى عهد الملكية أصر والدها على تعليمها فكانت الأولى على القطر المصرى فى الثانوية العامة (الثقافة)، ثم التحقت بالجامعة وكان عدد البنات الملتحقات بالجامعة آنذاك يعد على الأصابع.. وأصبحت أول طبيبة مصرية تبحث فى علم الجينات والوراثة، وقامت بتأسيس وحدة طبية للوراثة عام 1962 سرعان ما تحولت الى وحدة ذات طابع خاص بكلية الطب جامعة القاهرة عام 1982، بما يتبعها من معامل تباشر أكثر من 1500 حالة سنويا، وأنشأت عيادة خارجية للوراثة يتردد عليها الآن عشرة آلاف مريض سنوياً مجاناً. وقدمت أول دراسة متكاملة في مصر عن «متلازمة داون» بدأت عام 1967 ومستمرة حتى الآن، وقد نالت عنها جائزة الرابطة الدولية لأطفال «متلازمة داون» في لندن وكذلك جائزة منظمة الصحة العالمية لمن قدم إسهاما بارزاً في مجال متلازمة داون. وقامت بتحليل وراثي بيولوجي لتحديد نوع الطفرة الموجودة في مصر لمرض ضمور العضلات الوراثي مما أمكن من إعطاء الاستشارة الوراثية الصحيحة للاكتشاف المبكر للمرض، وقد قامت بإدخال العلاج بالجينات لهذا المرض بالتعاون مع الجامعات بإيطاليا وأصبحت عضوا مؤسسا في الجمعية الدولية لأمراض العضلات الوراثية. وقامت بالمسح الوراثي لحديثي الولادة للأمراض الوراثية الشائعة في مصر وتقدم التوصيات لوزارة الصحة. وقد أدى ذلك إلى تطبيق الاكتشاف المبكر للأمراض الوراثية في حديثي الولادة في مصر لأول مرة إجبارياً. تقدمت د. إكرام ببحث عن فاعلية فيتامين «أ» للمؤتمر الدولى بجنوب افريقيا عام 1999وقدمت التوصيات الى وزارة الصحة مما أدى الى اعطاء الفيتامين إجباريا للأطفال أثناء التطعيمات وذلك لأول مرة في مصر. حصلت على العديد من الجوائز وشهادات التقدير المحلية والدولية لن تسع هذه السطور لحصرها منها: جائزة الدولة التشجيعية للعلوم الطبية، وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى، جائزة جامعة القاهرة التقديرية للعلوم الطبية، جائزة الدولة للإبداع العلمى، وجائزة التميز العلمى لجامعة القاهرة، ومن الجوائز الدولية: جائزة منظمة الصحة العالمية للإسهام البارز في مجال «متلازمة داون»، وحصلت على الشهادة الدولية للعلماء المتميزين في موسوعة المركز الدولي لسير الحياة الذاتية بكمبردج، والعضوية الشرفية لأكاديمية جيتانوكونتي الإيطالية التي تمنح للأبحاث المتميزة في البيولوجيا الجزيئية لأمراض العضلات، وشهادة تقدير وميدالية ذهبية من جامعة بادوفا وكتابة اسمها في موسوعة العلماء المتميزين.... وغيرها.وألفت العديد من الكتب منها: «أضواء على الوراثة الطبية»، و»دور الوراثة في تنظيم الأسرة»، و«النهوض بالبيئة في قرية البراجيل»، و«طفلك بين الصحة والمرض»، و«الوراثة بين الصحة والمرض» لم تكتف د. اكرام بكل هذا العلم الذى ينتفع به، فقامت بإنشاء جائزة باسمها بأكاديمية البحث العلمي للتكنولوجيا: «جائزة دكتورة إكرام عبد السلام في مجال الوراثة الطبية والبيولولجيا الجزيئية» 2001 ، وأيضا جائزة باسمها بكلية الطب جامعة القاهرة: جائزة دكتورة إكرام عبد السلام في الوراثة الطبية»2013 . رحم الله الأم العالمة وجعل مثواها الجنة بعد كل هذه الرحلة الطويلة من العلم الذى عاشت من أجله لينتفع أجيال من مرضى الأطفال يدعون لها الآن.