الأم.. ست الحبايب، أغلى الناس، مولاتى، أحن قلب فى الدنيا، ماما الحلوة.. أجمل غنوة.. هذه الأغنيات وغيرها، وغيرها، من الأغنيات التى تتغنى بالأم.. نتذكرها، ونغنيها يوم عيد الأم. وهناك أيضا مقولات مشهورة، وردت فى حب الأم، وتمجيدها وتكريمها.. أولاها للنبى صلى الله عليه وسلم حين جاءه رجل يسأله عن أحق الناس بصحبته يوم القيامة، فقال له: أمك، فقال له ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك (متفق عليه). وقال سقراط: «لم أطمئن قط إلا وأنا فى حجر أمى». وقال نابليون بونابرت: «الأم التى تهز السرير بيمينها، تهز العالم بيسارها». وقال بيتهوفن: «إن أرق الألحان، وأعذب الأنغام لا يعزفها إلا قلب الأم». وقال جبران خليل جبران: «الأم هى كل شىء فى هذه الحياة، هى التعزية فى الحزن، والرجاء فى اليأس، والقوة فى الضعف». وقال شكسبير فى هذا المعنى: «لا توجد فى العالم وسادة أنعم من حضن الأم، ولا وردة أجمل من ثغرها». هذه المقولات.. تعبر عن أهمية الأم، وتفرد دورها فى الحياة، وعظم مكانتها فى كل الشعوب، وكل المجتمعات، وتقترن كلمة الأم فيها، على الدوام، بالعطاء غير المحدود، والحنان، والعطف، والتضحية. ويعد الفراعنة من أولى الأمم التى قدست الأم، فخصصوا يوما للاحتفال بها، وجعلوا من «إيزيس» وهى ترضع ابنها «حورس» دليلا قويا على الحماية والأمومة. وفى يوم 21 مارس عام 1956 بدأ الاحتفال بأول عيد للأم، ويرجع الفضل إلى الصحفى والكاتب الكبير «مصطفى أمين»، للقيام بأول دعوة للاحتفال بعيد الأم سنة 1943 فى كتابه «أمريكا الضاحكة». ومنذ ذلك الحين تحتفل مصر كل عام بعيد الأم، فى يوم 21 مارس. ويحلو لى أن أقول: جميل أن نتغنى بحب الأم، وأن نتذكر أقوالا تكرم الأم فى عيدها، ولكن الأجمل هو سلوك الحب.. السلوك الدائم للحب، الذى يمتد طوال السنة، ولا يقتصر على يوم واحد إن السلوك الدائم لحب الأم، هو سلوك ممتد المفعول.. يشمل الحنو عليها من أبنائها، وزوجها، وإغداق مشاعر العطف، والامتنان والشكر لها فى كل وقت.. والتكريم الذى يمتد، ويستمر طوال حياتها. كما أن السلوك الدائم لحب الأم، معناه ألا نسمح أبدا بأن تخدش الأم، أو أن تجلد بالإيذاء، أو أن يجرح حبها.. وذلك بسيل من الشتائم بالأم، تشيع للأسف فى مجتمعنا المصرى، فتنسف كل حلو فى الإشادة بالأم، وكل المجهودات للاحتفال بعيد أم سعيد. هذه الشتائم بالأم جعلتنى أتوقف عندها كثيرا.. فنحن بترديدها نجرح الأم يوميا، نجلدها يوميا، بل نتناولها بالقدح.. والمسلك المعيب فى كل يوم من أيام السنة.. ومن بحث أجريته لاهتمامى بهذه الظاهرة، وهى الازدواجية بين حب الأم الشديد، وتناولها بالأذى يوميا عن طريق جرحها وإهانتها، تبين لى أن 99% من الشتائم المصرية تتناول الأم، و1% فقط يتناول الأب، وأدرجت فى حثى هذه الشتائم ومعناها.. التى تبين أن الكثيرين ينطقون بها دون فهم لها. سلوك الحب الممتد للأم، لا يسمح بظاهرة أخرى تشيع فى أيامنا هذه، وهى وجود نوع من الشتائم يمزج بين الدين والأم معا. وكلاهما من أقدس المقدسات، فيقال: «دين.. أم.. كذا وكذا»، هذا قد يكون لعنة على كمبيوتر حين يتعطل، أو درس يصعب فهمه.. وهكذا تلعن الأم يوميا فى مناسبات تافهة لا تستدعى جرحها، وإهانتها، والتعدى عليها.. هذه ظاهرة جديدة آن الأوان أن ندرسها ونتصدى لها. أختم سطورى برد من رحاب النبوة لعل فى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم درسا عمليا للأبناء، وللمجتمع كله.. جاء فى البخارى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من أكبر الكبائر سب الرجل والديه، قالوا: يارسول الله وهل يسب الرجل والديه؟ فقال: يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه. كلمة حب فى النهاية لكل الأمهات، فى كل ثانية، وكل دقيقة، وكل ساعة من العام، ودعوة أن ينتصر الحب على أى ظاهرة سلبية. لمزيد من مقالات د. سامية الساعاتى