فى استجابة سريعة لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بضرورة مواجهة أسباب تزايد معدلات الطلاق بنسب مخيفة وغير مسبوقة فى مصر بادرت وزارة الأوقاف بتنظيم دورات تدريبية للأئمة لتوعية المقبلين على الزواج من خلال الدروس الدينية والخطب فى المساجد الكبري. وفى محاولة مماثلة وخطوة جادة، لعلاج المشكلات الأسرية، ومواجهة ارتفاع نسب الطلاق، بين المتزوجين فى السنوات الخمس الأولى للزواج، عقدت دار الإفتاء، دورة تأهيلية للمقبلين على الزواج، بهدف توعيتهم شرعيا ونفسيا واجتماعيا، وعقد جلسات الإرشاد الأسرى لبحث مسائل الطلاق وتدريب المتزوجين حديثا على حل المشكلات الزوجية والتعامل مع ضغوطها، فضلا عن الإرشاد الطبى الذى يقدم نصائح عامة للمقبلين على الزواج، وبيان الاضطرابات التى تحدث بعد الزواج، ونصائح متعلقة بالإنجاب وسبل تنظيمه. فهل تنجح تلك المبادرات، فى مواجهة انتشار ظاهرة الطلاق، وكيف يمكن أن تعود المساجد لتمارس دورها المجتمعى فى نشر الثقافة الإسلامية الصحيحة وتوعية الناس بمكانة الأسرة فى الإسلام، من خلال تواصل الأئمة مع قضايا الواقع، والحوار مع رواد المساجد؟! وحول مبادرة دار الإفتاء يقول الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إنه منذ سنتين تقريبا، وجدنا من خلال قراءة الإحصاءات الرسمية، ارتفاع نسبة وقوع الطلاق خاصة فى السنوات الخمس الأولى من الزواج، فرصدنا تلك الظاهرة، وقرأنا المشكلة، فوجدنا أن هناك أسبابا لوقوع الطلاق، منها عدم معرفة حقيقية بين الزوجين فى السنوات الأولى بأصول العلاقة الأسرية، وكذلك عدم معرفة الحقوق والالتزامات التى ترتبت على عقد الزواج، مما أدى إلى ضرورة وجود وسائل لعلاج تلك المشكلات، بالعمل الوقائى بتبصير الزوجين بأصول الحياة الزوجية وكيفية إدارة الحياة الزوجية، وإدراك المسئولية التى ألقيت على عاتق الزوج والزوجة؛ لأنها مسئولية مشتركة فيما بينهما، وكونها أيضا تؤثر سلبيا أو إيجابيا فى المجتمع، كما أنشأت دار الإفتاء وحدة للإرشاد الأسري، تحال إليها المشكلات من إدارات الفتوى المختلفة، فضلا عن إدارة فض المنازعات الأسرية، موضحا أن المرحلة العلاجية فى دورات تأهيل المقبلين على الزواج - التى تنظمها الدار - تأخذ مسارين، الأول فض المنازعات الأسرية سواء أكانت مالية أو عائلية، والتى تحال من قبل إدارة لجان الفتوى إلى فض المنازعات، والمسار الثانى هو التحقيق الدقيق فى مسائل الطلاق. ونحن نعمل على علاج تلك المشكلة وغيرها من المشكلات ولا نقتصر على الطلاق فقط، كما أن دار الإفتاء تخاطب الشباب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وتقدم مجموعة من النصائح الدسمة والمتنوعة على الصفحات التابعة لها، كما ندرس خلال الفترة المقبلة تعميم عقد الدورات التدريبية لتأهيل المقبلين على الزواج بمحافظات الجمهورية. الوعى قبل القانون من جانبه أوضح الدكتور عمرو الورداني، مدير إدارة التدريب والمشرف على برنامج تأهيل المقبلين على الزواج، أن البرنامج يهدف الى توضيح سبل إدارة الخلافات الزوجية، واتخاذ القرار الأصوب ومواجهة الضغوط الأسرية والاقتصادية والتعامل معها، وزيادة وعى الإنسان المصرى وكسر مقولة إنه ليس لديه إمكانية، وكيف يلجأ إلى الحل الإبداعى فى حل مشكلاته؟!، كما أن من أهداف الدورات «العناية»، حتى يصل المتأهل إلى حد الكفاءة. كما يتناول البرنامج الأحكام الشرعية المتعلقة بالأسرة وكيفية اختيار الزوجين وآثار عقد الزواج وتنظيم الإنجاب. كما بدأت دار الإفتاء عقد جلسات الإرشاد الأسري، لبحث مسائل الطلاق، بحضور ممثل شرعى من دار الإفتاء، ومسئول عن التنمية وبرامج السعادة، مشيرا إلى أن هناك برنامجا آخر لتنمية مهارات التوافق الزوجى يتم الإعداد له، ومن أهدافه زيادة مهارات تتعلق بالتوافق الزوجى وإعادة السلوك، وكيف يتجنب الوصول إلى الطلاق، وكيف نوقف الشحن المستمر فى الطلاق ومساعدته فى تعديل سلوكه، والعمل على مواطن الضعف لدى الشخص وسلوكه الزوجي. تدريب أئمة الأوقاف وزارة الأوقاف من جانبها، بدأت تنظيم سلسلة دورات تدريبية للأئمة بالمساجد الكبرى لتأهيلهم وتدريبهم على سبل مواجهة أسباب ظاهرة الطلاق وتوعية المقبلين على الزواج من خلال الدروس الدينية والخطب فى المساجد، حيث يقول الشيخ محمد البسطويسي، المشرف على برنامج تأهيل المقبلين على الزواج بالأوقاف، إن أول دورة تدريبية بهذا البرنامج، بدأت بمديرية أوقاف الجيزة، وسوف تعقد دورات أخرى فى عدد من مديريات الأوقاف، للتفاعل مع قضايا المجتمع، وسيقوم الأئمة والدعاة بدورهم فى التوعية بمكانة الأسرة، والحقوق والواجبات، ومنهج الإسلام فى مواجهة المشكلات التى تحدث بين الزوجين،. خطوة عصرية ورحب علماء الدين بمثل هذه البرامج والدورات، لمواجهة المشكلات الأسرية وتحصين الأسر ضد الانهيار والضياع والتفكك، مطالبين بضرورة تعميم هذه التجربة وتكثيف برامج التوعية، لسرعة تحقيق أهدافها، ومحو الثقافة الخاطئة لدى البعض عن المسئولية فى الحياة الأسرية. وشدد العلماء على ضرورة تأهيل وتدريب الأئمة، على يد كبار علماء الشريعة وخبراء علم النفس والاجتماع والتربية، حتى يكتسبوا مهارات الحوار والتواصل مع الجماهير فى قضايا الأسرة التى كانت تحل فى الماضى على يد أئمة المساجد. ووصف الدكتور علوى خليل، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، تلك المبادرات بأنها تجربة عصرية حديثة مهمة، من شأنها أن تؤدى إلى مساعدة الطرفين على اتخاذ القرار الصائب الخاص باختيار شريك الحياة، وأيضا تعد خطوة استباقية نحو بناء أسرة متماسكة، وتحصينها ضد الانهيار والتفكك، بل يجب على المقبلين على الزواج المشاركة فى مثل هذه الدورات لاكتساب الخبرات وثقافة التعايش الأسرى بين الأزواج. دور المساجد وفى سياق متصل طالب الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، بتعميم هذه الدورات على جميع مديريات الأوقاف، لتثقيف الأئمة وتوعيتهم بآليات التواصل مع الجماهير لمواجهة ظاهرة الطلاق المبكر وطالب الأئمة والدعاة بالنزول للواقع والتواصل مع رواد المساجد، وإعلان لقاءات دورية مع الشباب والفتيات المقبلين على الزواج فى الحى أو القرية التى يوجد فيها المسجد. كما طالب الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم العميد السابق لكلية أصول الدين بأسيوط، بأن نترك الحرية للأئمة وخطباء المساجد، لتناول هذه القضايا فى المساجد وعلى المنابر حسب ما يرى الإمام من مشكلات هنا أو هنا، فهذا الأمر هو حجر الزاوية فى هذه القضية، كما طالب الأئمة والدعاة بالتركيز على قضايا الأسرة وبيان حقوق الزوج على الزوجة والعكس، لأن عدم العلم بهذه الحقوق هو الذى يؤدى للخلافات بين الزوجين.